الخرطوم: الطيب محمد خير 17 اغسطس 2022م
صوَّبت مجموعة من القانونيين سهام النقد للوثيقة الدستورية التي دفعت بها اللجنة التسييرية لنقابة كمرجعية حاكمة لما تبقى من الفترة الانتقالية وضابطة ومنظمة لتشكيل كل مؤسسات الانتقال ورتق الشرخ العميق بين القوى السياسية وإنهاء حالة الصراع السياسي.
وأبرز ما أثارته هذه الأصوات الناقدة للوثيقة الدستورية الجديدة التي رأت أنها نسخة معدَّلة لوثيقة 2019م، بغياب المكوِّن العسكري الذي أعلن انسحابه طوعاً من المشهد السياسي غير أن الوثيقة الجديدة حملت كثيراً من أوجه الغموض والأخطاء التي تضمنتها الوثيقة السابقة تحديداً حول تعريف قوى الثورة التي أثيرت حولها عدة استفهامات وأدت لالتهاب المشهد السياسي السوداني وسدت كافة المنافذ للخروج من الأزمة وفك حالة الاحتقان، إذ منحت الوثيقة الجديدة هذه القوى كافة مفاتيح التحكم في أجهزة السلطة الانتقالية السيادية والتنفيذية والتشريعية من خلال منحها سلطة اختيار وتعيين شاغلي المناصب في هذه الأجهزة، وهي من صميم اختصاصات المجلس التشريعي الذي أعيد تكرار أزمة تأجيل تكوينه التي تضمنتها الوثقية السابقة ومنح سلطاته للجهازين السيادي والتنفيذي (مجلس الوزراء)، وتمت الإشارة في الأصوات الناقدة إلى أن مصير الوثيقة الدستورية الجديدة التي أعدت على عجل لن تكون بأفضل حال من الوثيقة السابقة التي كانت كالحاضر الغائب في المشهد السياسي السوداني، وحملت الكثير من الخروقات والأخطاء والثقوب والعيوب التي عرضتها اتهامات طالت قدسيتها وحجيتها وجعلت من الصعب المضي بها لنهاية الفترة الانتقالية وعجلت بانهيارها .
ورأى الكاتب الصحفي الفاتح جبرا، أبرز الناقد للوثيقة من داخل صفوف المناصرين لقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي أن سفراء الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي الذين احتشدوا في ورشة إعداد الوثيقة الجديدة بدار المحامين هم المهندسون الحقيقيون لهذه الوثيقة ماجعلها أشبه بالإصدارة الثانية من الوثيقة الأولى المعدة في عام 2019م، إذ تكرَّرت فيها الكثير من الأخطاء وأوجه القصورة التي حملتها الوثيقة الأولى في مقدِّمتها عبارة قوى الثورة التي منحت سلطات واسعة في تعيين مجلس السيادة ورئيس الوزراء والمجلس التشريعي، ولكنها لم تعرِّف ما قوى الثورة وكيفية تكوينها، وتكرَّر خطأ إرجاء قيام المجلس التشريعي بعد تكوين الحكومة بـ (٦٠) يوماً، وهو ذات النص في الوثيقة الدستورية السابقة، وأشار إلى أن الوثيقة الجديدة أعادت مجلس السيادة بصورة دكتاتورية بمنحه سلطات التعيين والاعتماد لرئيس مجلس الوزراء الذي تعيِّنه قوى الثورة بجانب تعيين الجهاز العدلي ممثل في رئيس القضاء وقضاة المحكمة العليا والنائب العام والمحكمة الدستورية، وأضاف الوثيقة تجاهلت تحديد عمر الفترة الانتقالية رغم المهام الكثيرة الموكلة إليها.
وقالت نائب رئيس هيئة محامي دارفور نفسية حجر لـ(الصيحة): إن رؤيتهم التي قدَّموها من خلال الورشة التي أقامتها اللجنة التسييرية للنقابة أن السودان ليس في حاجة لوثيقة قديمة أو جديدة ويجب العودة لدستور عام 56 المعدَّل في الأعوام 65 و 85 وهو الدستور الأساسي الذي يجب العودة إليه باعتباره الدستور الذي أجمع عليه الشعب السوداني وكل المشاكل والأخطاء الموجودة الآن علاجها في هذا الدستور، فضلاً عن العساكر غير موجودين في دستور عام 85، وبالتالي رؤيتنا أن نرجع للدستور الأساسي السليم لأن يعالج كل الأخطاء التي حدثت في المرحلة السابقة من عمر الفترة الانتقالية و يمكن من السهل بهذا الدستور إقامة العدالة بمحاكمة الانقلابيين الذين قوَّضوا النظام الدستوري في 89 .
وأضافت: قناعتنا ليست هناك أي وثيقة، والتي يجري وضعها الآن لا يمكن أن تحل المعضلات القائمة الآن إلا بالرجوع للدستور الأساسي 85 وأي اتجاه خلاف ذلك يعني مزيد التعقيد وصب الزيت على نار الأزمات القائمة الآن، وهذا ما ظلننا متمسكين به في هيئة محامي دارفور قبل وضع الوثيقة التي انقلب عليها البرهان في 25 أكتوبر، جلسنا مع كل القوى السياسية وتحديداً الحرية والتغيير وقلنا بالحرف إن ذهبتم في طريق وضع وثيقة دستورية جديدة ستدخلون البلد في مشكلات دستورية وبمرور الزمن ستنهي الوثيقة التي وضعتموها ويجب الرجوع لدستور 85 لكن كل القوى السياسية تجاهلت رؤيتنا واعتبرت حديثنا نوعاً من التسويف والتفاف على الحقيقة، ورغم ثبوت صحة رؤيتنا أن الوثيقة لم تحل إشكلات القائمة وللأسف رغم ذلك القوى السياسية عادت لذات الحلقة المفرغة وطرحنا في الورشة المحامين ورقة ونبهنا فيها لضرورة المضي نحو التأسيس الدستوري السليم .