مُبدعون لا يجدون وقتاً كافياً لممارسة إبداعهم .. مهن الفنانين.. منزلة بين المنزلتين!!
تحقيق: سراج الدين مصطفى 17 اغسطس 2022م
مدخل مهم:
الفن هو عبق الحياة والإبداع يقوم فيها على الموهبة دون الرجوع إلى ممارستها، وأحياناً هنالك سؤال يطرح نفسه بصورة غير مباشرة مع وجود نماذج للسؤال، منها من تكللت بالنجاح وأخرى لم تكلل بالنجاح، والسؤال هو هل يستطيع المبدع بغض النظر عن هوية إبداعه أن يوفق ما بين مهنتين مهنة نظامية وأخرى إبداعية. نتوقف اليوم على ضوء نماذج حية في محيط الثقافة بالبلاد كانوا يمارسون مهناً أخرى خلاف ممارستهم للفن، ولعل الدرامية القديرة بلقيس عوض خير نموذج عندما كانت تعمل ضابطة في الجمارك والتمثيل وأبدعت في المهنتين، إضافةً إلى فنان الجاز شرحبيل أحمد والذي برع في مهنة التشكيل والغناء ، (الحوش الوسيع) وضعت الموضوع أمام مبدعات من شتى المجالات في الفنون واستخلصت الآراء التالية:
صعوبة الوضع الراهن:
في البدء تحدثت إلينا أحد النماذج الحية الممثلة بلقيس عوض والتي قالت إن الدمج بين مهنتين في الوضع الراهن للفنانين صعب، وأكدت انها في الماضي كانت ممارسة لمهنة الرسم وأبدعت فيه وحصدت جوائز فيه بالإضافة إلى التمثيل وعملها كضابطة جمارك، مشيرة إلى أن التوفيق كان سهلاً نسبة للقوانين المتبعة في ذلك الوقت، حيث كانت المؤسسات تفرغ المبدعين بإجازة مدفوعة الأجر وأنا كنت أسافر لعروض مسرحية في نيالا والولايات وكنت مفرغة لها، وترى بلقيس أن التوفيق في الوقت الرهن صعب جداً، حيث إذا فكر الفنان في ممارسة مهنة إضافية ستكون على حساب مهنته ويفقد الإبداع.
رسالة وليس مصدر دخل:
للفنانة حنان بلو بلو رأي مختلف، حيث ترى أن التوفيق بين مهنة الفن ومهنة أخرى ليست صعبة بقدر ما يتطلب التوفيق في الزمن ما بين المهنتين، وتقول حنان ان الفن رسالة إبداعية أكثر من كونها مصدر دخل مادي، لذا لا تمانع في أن يمتهن الفنان مهنتين، واحدة إبداعية تجري في دمه لا يستطيع أن يتخلى عنها، وأخرى من أجل البحث عن (لقمة العيش).
التوفيق والالتزام:
التشكيلية سلمى أرباب توافق حنان بلوبلو الرأي، حيث ترى أنه ليس من الصعوبة أن يمارس الشخص مهنتين، ولكن بالتوفيق الزمني والالتزام ما بينها، وتقول إن هنالك نماذج حية حالياً وأخرى في الماضي استطاعت أن توفق ما بين مهنة إبداعية واخرى نظامية وأن القائمة تطول اذا حاولت أن أتذكرها جميعاً.. بينما تعترض الفنانة مونيكا على الرأي السابق، مشيرة أن الفن رسالة سامية يجب أن تأخذ من المبدع كل حياته حتى يستطيع التوفيق فيها وإخراج الإبداع لأنها تعتمد على الجانب الذهني المرتبط بالإبداع واذا عمل في مهنتين سيشتت تفكيره، وبالتالي يكون مصيره الفشل في مهنة منهما، مؤكدة انها مفرغة لاتمام فنها بأفضل شكل ممكن دون ادخال مهنة أخرى معه.
مساحة للمهنتين:
المذيعة الواعدة سهيلة علي تحفّظت على الموضوع في بداية الأمر ولكنها سرعان ما أبدت رأيها قائلة (التوفيق ما بين مهنة الفن ومهنة أخرى صعب بعض الشيء ويتطلب تركيزاً عالياِ جداً من الشخص الذي يعمل في مهنتين، وتقول إن التوفيق يتطلب نوعاً من إيجاد المساحة للمهنتين دون أن تتداخل مهنة على أخرى، وترى أن النجاح في مهنتين يتحدد مقياساً على نوع المهنة الأخرى، بجانب المهنة الإبداعيّة للشخص.
المهن الحقيقية:
وبذكر مهن الفنانين نعود بالذاكرة قليلاً للوراء للتوقف في مهن بعض مبدعينا الكبار الذين أثروا وجدان الشعب السوداني رغم أن بعضاً منهم كان يمتهن بعض المهن التي نراها هامشية ولكن ذلك لم يمنع أن يتطاول إبداعهم عليه.. وعلى سبيل نجد أن عثمان حسين ، محمد حسنين ، عثمان الشفيع ، ابراهيم ابو دية ، محجوب عثمان ، محمد علي الأمي ، علي المساح واحمد حسين العمرابي ..جميعهم كانوا (ترزية) .. ورمضان حسن ، حسن خليفة العطبراوي ، محمد احمد عوض وأحمد حسن جمعة كانوا يمتهنون الجزارة .. ومنهم من عمل في (النجارة) مثل ابراهيم الكاشف ، كرومة ، بدر التهامي وصالح عبد السيد .. وفي مهنة البناء نجد عبد الحميد يوسف ، التاج مصطفى وعوض جبريل.. وبرز الفنان عبد العزيز محمد داؤود كصفيف مطابع .. ومنهم من عمل بالتعليم مثل محمد وردي ، محمد ميرغني وغيرهما من الذين انتدبوا للدراسة في معهد الموسيقى والمسرح.