إبراهيم الرشيد يكتب: الجيش القوي لا يقوم بانقلاب
15 اغسطس 2022م
ــ يُخاطبنا السفهاء بكل قبح
ونكره أن نكون لهم مجيبا
يزدادون سفاهةً ونزداد حلماً
كعود زاده الإحراق طيبا
* يسأل أحد مستشاري الرئيس جمال عبد الناصر قائلاً، أراك يا ريس شديد الاهتمام بتأهيل وتدريب القوات المسلحة، وتعمل على توفير احتياجاتها وأحدث الأسلحة والمعدات لها، براً وجواً وبحراً، ألا تخشى يا ريس من قيام هذه القوات بالانقلاب عليك والإطاحة بك؟؟
ــ رَدّ عليه الرئيس جمال قائلاً: إن القوات المسلحة القوية لا تقوم بانقلاب أو كما قال (أ.ه(
ــ إذا بحثنا في الانقلابات العسكرية التي حدثت في وطننا، مايو والإنقاذ، نجد أن من الأسباب الرئيسية وراء تلك الانقلابات إهمال القوات المسلحة وضعفها إعداداً والنيل منها والتهكم عليها، حتى أصبحت عرضةً للهزائم أمام التمرُّد، وأمست جميع قواعدها ومُنتسبيها ينتظرون مَن يقوم بالانقلاب على السُّلطة المدنية القائمة ولا يهمّهم من يأتي بعد ذلك.
ــ قادة القوات المسلحة من قدامى المحاربين يذكرون جيداً الاحتفالات التي كانت تقوم بها بعض الأحزاب عندما ينتصر التمرد على حامية من الحاميات، فينسحب رجالها أو تكون خنادقهم هي قبورهم، كما حدث في الناصر. وهل تنسى قولة الزعيم السياسي الكبير عندما قال: ما تسقط مدينة الناصر فقد سقطت قبلها مدينة برلين، وأضاف قائلاً: كلما سقطت مدينة في يد التمرد يأتينا قادة الجيش يتباكون!!!
ـــ عطفاً على حديث الرئيس جمال ورده على مستشاره، نقول إنّ الجيش المهني القوي المقتدر قتالياً المعد بأحدث الأسلحة والمعدات الموفرة له كل الاحتياجات، المحترم من قيادته في السلطة متى ما كانت السلطة عادلة تمارس الديمقراطية بحقوقها دون إقصاءٍ، وهو الساند لها، وهو الراعي لحقوق الشعب، وهو المؤمن للدستور، مثله لا يقوم بانقلاب.
ــ إنّ الانقلابات التي حدثت في وطننا، لم تقم بها القوات المسلحة كمؤسسة وطنية من مؤسسات الدولة، بل قامت بها الأحزاب العقائدية بسبب الصراعات السياسية مُستغلةً عناصرها داخل القوات المسلحة، مايو اليسار والإنقاذ اليمين، وكذلك مُستغلةً حالة الضعف التي وصلت إليها القوات المسلحة، ولو كان الجيش قوياً كما وصفنا لما سمح بقيام تلك الانقلابات.
ــ ما تأذّت القوات المسلحة السودانية في تاريخها كما تأذّت عندما وقع انقلاب مايو بقيادة الأحزاب العقائدية اليسارية، وكذلك خلال مسيرة الإنقاذ بقيادة الجبهة الإسلامية واليمين، حيث ضعف انتماؤها القومي والوطني، مما جعل قدامى محاربيها ينادون: لماذا لا تجعلها عسكرية صرفة يا ريس؟؟
اليوم ينادي البعض بتطهير القوات المسلحة من الانتماء السياسي، وأخشى أن تكون قولة حق يراد بها باطل. فإذا كان النداء متجرداً يجب أن يكون التطهير شاملاً لجميع الانتماءات الفكرية والحزبية يسارها ويمينها.
ويجب أن يشمل حتى المنتمين لأحزاب سياسية بمختلف صنوفها.
إنّ القادم للقوات المسلحة يجب أن يتمسّك بقومية القوات المسلحة ووطنيتها، ويُحافظ على مهنيتها وتقاليدها. وليس صعباً أن تتم صياغة اللوائح والقوانين التي تضبط كل ذلك.
على الجميع أن يُحافظوا على تاريخ قواتنا المسلحة الذي نفخر به ونعتز.
إبراهيم الرشيد
المدير الأسبق لأكاديمية نميري العسكرية العليا