فصل الإعلام عن العلاقات العامة أول الغيث ورشة الشرطة لتطوير الإعلام.. الحقيقة أولاً وأخيراً
بقلم : محيي الدين شجر 13 اغسطس 2022م
ورشة مهمة نظَّمتها الشرطة السودانية عبر الإدارة العامة للإعلام والعلاقات العامة الأربعاء الماضي، لأجل تطوير الإعلام الشرطي، وكنت بين الحضور ملبياً للدعوة التي وجهت للصحيفة . واستمعت لأول الأوراق المقدمة، وإلى حديث وزير الداخلية المكلف مدير عام الشرطة الفريق أول عنان حامد محمد عمر.
في تقديري الخاص أن الورشة مهمة وقامت في وقتها، لأن الشرطة فعلاً تحتاج لتطوير إعلامها ولا أعتقد أن إعلام الشرطة ينقصه الكثير بقدر ما تنقصه الوسائل المتطوِّرة لإيصال المعلومة بسرعة للمتلقي قبل أن يتلقفها الشارع أولاً.
ما أود أن أقوله إن الشرطة إن أرادت إعلاماً متطوِّراً فلتشرع أولاً في فصل الإعلام عن العلاقات العامة لعدم وجود أدنى علاقة بينهما ومن ثم تعمل على تدريب منسوبيها على الإعلام وكيفية صياغة الأخبار ومتى تنشر الأخبار وماهي الأخبار المهمة وبأي طريقة تنشر والوسائل السريعة لنشر الخبر.
دائماً تحاول الأفلام الأجنبية تصوير الشرطة بأنها آخر من يصل إلى مكان الحادث في الوقت الذي يفترض أن تمنع الجريمة أولاً قبل البحث عن المجرمين الهدف الأساسي لأي شرطة في العالم.
ولا نريد لشرطتنا أن تصل متأخرة في كل أمر ينتظره الرأي العام لكي توضحه وتكشف ملابساته بعد فوات الأوان.
وتطوير الإعلام الشرطي لخصه مدير عام الشرطة في كلمته وهو يكرِّر كلمة الحقيقة في حديثه، الحقيقة المجرَّدة التي قال يجب أن تصل دون دوافع شخصية أو أي أجندة.
إن الإعلام الشرطي والذي تعاملت أنا معه كثيراً لا يمكن أن يكون فاعلاً بدون تعاون إدارات الشرطة، حيث دائماً لا تكفي مخاطبته للإدارات الشرطية في قضية ما .
حيث تتباطأ بعض إدارات الشرطة في توصيل المعلومة وتتلكأ في الإجابة على تساؤلات الصحف والأمثلة كثيرة ولنا تجارب آخرها خطابنا للمكتب الصحفي لإجراء تحقيق حول جرائم تسعة طويلة حيث لا يزال الخطاب قابع في الدائرة الجنائية فضاعت الحقيقة التي سعينا لها وضاعت الحقيقة التي أشار إليها وبشجاعة مدير عام الشرطة والذي يبدو أنه رجل جاد ويريد تغيير المفاهيم البالية التي كانت سائدة في النظام البائد.
العالم الآن أصبح مفتوحاً على مصراعيه ومهما أخفينا الحقيقة فإنها ستظهر في الآخر.
على الشرطة أن تقلل من إجراءاتها فيما يتعلق بالحصول على المعلومة، ومرَّ على منصب الناطق الرسمي للشرطة كثيرون منهم من كان يرد مباشرة على أسئلة الصحافيين هاتفياً، كما مرَّ عليها من يطلب خطاباً رسمياً والأول أبان الحقيقة قبل أن تفوح رائحتها والثاني جعلها تفوح وبعد ذلك يسعى لمجابهتها ولن ينجح.
تطوير إعلام الشرطة يكون أولاً بحرصه على كشف الحقيقة المجرَّدة وبالسرعة اللازمة وبتأسيس منصات متطوِّرة تنشر فيها الأخبار في لمح البصر.
تطوير الإعلام الشرطي يتطلب أن لا تصر الشرطة على رمي اللائمة على الآخرين وتبرئة نفسها كالحديث عن أنها اتبعت الطرق المسموح بها في مكافحة التظاهرات في الوقت الذي يشاهد فيه الملايين فيديو يضبط شرطي وهو يطلق النار على متظاهر أو عربة شرطة تدوس على أحد الثوار.
حسب ما فهمت فإن الورشة تستهدف إزالة الجفوة ما بين الشرطة والشباب والجمهور والنجاح في هذا المسعى يتطلب معرفة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى هذا العداء.
على الشرطة أن تدعو الشباب في لقاءات مفتوحة لتعرف منهم لماذا يكرهونها ويقتحمون أقسامها؟ لماذا يغضبون حين يرون دوريات الشرطة؟ ولابد أن يكون هنالك سبب جوهري.
تطوُّر الشرطة من تطور الشعب، وقياس ميزان الرقي يقاس بمدى رقي الشرطة،
والشرطة السودانية مؤهلة وظلت على الدوام مصدر ثقة الشعب وفعلاً ينبغي أن تكون كذلك.
إن أكثر النقد الذي يوجه للشرطة السودانية أنها انسحبت من المشهد عقب ثورة ديسمبر وأي شرطي تلتقيه يقول لك ألم تريدونها مدنية فكانت المدنية بالنسبة له هي الفوضى وابتعاد الشرطة عن القيام بدورها فانتشرت الجريمة بسبب وقوف الشرطة وقوف المتفرِّج وكثرت العصابات ومنها تسعة طويلة وضاعت تماماً هيبة الشرطة التي نعرفها حتى ظن المجرمون أنهم في مأمن من العقاب فأضحوا ينهبون ويرتكبون الجرائم في وضح النهار.
المدنية لا تعني الفوضى
لقد أعجبني مدير عام الشرطة وهو يطالب بالشفافية في الورشة.
وهذا مادفعني للكتابة بكل وضوح عما يتبادر في أذهان الشارع.
التحية للشرطة السودانية لما تقدِّمه من عمل باهر في قضايا كثيرة ونشهد لها أنها نجحت في فك طلاسم قضايا صعبة وتعمل في ظل ضغوط شديدة تمارس عليها لأجل شيطنتها، ولكن النقد بوضوح يعني أن هنالك إدارة واعية تخطط وترنو للمستقبل أو كما قال مدير عام الشرطة إنهم يستهدفون إدارة المرحلة القادمة بمهنية عالية .