نائب رئيس حركة العدل والمساواة الفريق إبراهيم الماظ لـ(الصيحة): أدعو المجتمع الدولي لترك الحراك غير المحمود وصناعة النفوس المتشاكسة لتحقيق أجندتهم
حوار: انتصار فضل الله 14 اغسطس 2022م
ولد ونشأ الفريق إبراهيم الماظ دينق، بأعالي النيل وهو أحد قيادات حركة العدل والمساواة، جذوره الأصيلة من منطقة يرول البحيرات سلالة الشهيد المناضل عبد الفضيل الماظ، متزوِّج من زوجتين وله سبعة من الأبناء “بنات وبنين” يسكن محلية شرق النيل منطقة الحاج يوسف. التقت به (الصيحة) في هذا الحوار حول عديد القضايا.
*الماظ دعنا نبدأ معك بالعودة إلى ذاكرة التاريخ، سبق وأن حكم عليك بالإعدام في عهد الإنقاذ؟
ــ جاء حكمي بعد أن أُسرت في معركة بوادي تمر، وقتها كنت أحمل رتبة فريق ورئيس الحركة آنذاك دكتور خليل إبراهيم، وكنا رفقاء سلاح تجالسنا وقدنا الكثير من المعارك من أجل الحرية والكرامة، وحقيقة ما وجدت قائداً عظيماً يعرف الحدود الإنسانية والدينية والقيم وموروثات أهل السودان وحرمات الناس مثل الشهيد خليل قائد الهامش.
*متى تم أسرك؟
ـ أُسرت بعد أن أتيت من الدوحة وكلفت أن أكون مبشراً بالاتفاق الإطاري في الدوحة عام 2009م، فخرجنا كقوات مبشرين صدقنا أن في وقف إطلاق النار وقفاً للعدائيات، لكن الحكومة أرسلت طائرات وحركات فدخلوا معنا في معارك بعد خمسة أيام، عملنا فيها على التبشير بالاتفاق ووقف الحريق وأكدنا للأهل أننا سندخل في سلام حقيقي، لكن النظام وقتها كان رأيه خلاف ذلك، فقد أعتقدوا أن القبض على الماظ وقتله يعني قتل الحركة باعتباري كنت مسؤولاً من الجانب التبشيري والتعبوي وسط المواطنين في معسكرات النازحين واللاجئين، فأصبح كل أهل دارفور موالين ومؤيدين لثورتهم وقائدهم.
* وأنت في السجن طلبت الزواج؟
ـ نعم، تزوَّجت في كوبر وأنا محكوم بالإعدام وذلك كان بطلب من زوجتي الكبيرة فقد أشارت لرشا وهي تجمعني بها جيرة ومن أسرة متواضعة فوافقت لكني أخبرتها بأني أقدم على هذه الخطوة لكنني أعرف غيرة النساء، فإذا بتدخلونا فيها من الآن نبقى على واحدة لكنها رفضت.
*ما القصد من طلبك الزواج داخل السجن؟
ـ كان الزواج بالنسبة للوسط مذهل لكني اتخذت قراره لإرسال رسائل محددة، أولاً، أقول أقدمت على الزواج وأبلغت إدارة السجن بأني أريد الزواج فوصفوني بالجنون وسألوني كيف تتزوَّج وعليك حكم بالإعدام، أتذكر هاتفني حسين خوجلي، بهذا الخصوص فأخبرته، أولاً: أريد أن أؤكد لناس البشير أننا نحن المساجين والمحكومين بالإعدام ليسوا خائفين ولا متجرسين نهائياً، نحن نظل نمارس حياتنا كأننا طلقاء لا يهمنا موضوع الإعدام. ثانياً: قصدت أن أقول للذين جزعوا بعد أسري خاصة الذين ظنوا أني ميت أن الماظ على قيد الحياة وفي حياته يريد الزواج في السجن، الرسالة الثالثة: لديَّ أخوان ورفقاء تم أسرهم في عملية الذراع الطويل وهم في السجون فأردت تحويل أشواق الكثير من الأخوات إلى الإيجابية إذا كان يوجد أي ارتباط مع أحد الأسرى على الأقل تشعر بالاطمئنان إنه طالما قائدهم وبعد عدة أعوام يقدم على الزواج وهو محكوم بالإعدام بالتالي يوجد بصيص أمل إنها سوف تتزوَّج، كذلك أكدت بأن السجون والمشانق لا ترهبنا، وأشير إلى أن القرار لم يكن رغبة في الزواج لكن لتوصيل هذه المعاني التي ذكرتها الآن، بعدها رزقت ببنت أسميتها وصال على وصال المهدي.
* ما الحكمة من هذه التسمية؟
ـ لأن وصال شخصية اعتبارية قادت المجتمع السوداني وهي معلومة لدى الجميع، فأردت أن تكون ابنتي كوصال المهدي التي حقيقة تحمل هموم كثيرة من الأمة السودانية وهي أنموذج لنساء يجب أن نسمي عليهن.
*من أبرز المحكومين معك؟
ـ كنا سبعة، شخصي نائب رئيس الحركة وأخونا جبريل السر تيا عبد القادر، كان رئيس الحركة للشؤون الإعلامية، ومحجوب الجزولي عز العرب، نائب الأمين للإدارة والتنظيم في إقليم دارفور، وكان أيضاً معنا خميس داوود من أبناء المساليت -أيضاً- إبراهيم صافي النور من أبناء قبيلة الجلول وأبكر النور موسى من أبناء القِمر وعمنا عبد الله عبد الله وهو شيخ كبير، أيضاً من القِمر، حكم على ستة بالإعدام وسميت مجموعة الماظ وهي المجموعة التي تم أسرهم في معركة وادي تمر على بعد 25 كيلو، من غرب دارفور، الجنينة.
*متى أطلق سراحكم وكيف؟
ـ إطلاق السراح تم تباعاً، المجموعة الأولى تابعين لأحداث أم درمان الذراع الطويل ناس عشر بعد أن قضوا عشر سنوات، حتى درسوا، وعشر نفسه نال الدكتوراة داخل السجن، أما مجموعتي تم إطلاق سراح جزء وفضَّلت لوحدى، وفي 2017 المتس الكثيرون من الخارج والداخل وكل القوة السياسية والأحزاب طلبوا من البشير إطلاق سراحي، صراحة أنا سعيد جداً بهذا اللقاء وهذه فرصة أن أشكر كل من ساهم وساعد في قضيتي وقتها وممتن لكل الفئات السودانية التي اجتمعت لإنصافي، فقد أبدى الكثيرون استغرابهم ما الذي جعل هؤلاء المتناقضون في كل شيء أن يلتفوا حول الماظ، فهناك من يرى أن الماظ كان ممكن أن يذهب إلى دولة الجنوب لكنهم قالوا طالما إنه استنصر المظلومين في دارفور كان أجدر أن يقف معه الجميع معنوياً وشدوا من أزر الأسر وأقول هذه الوقائع أذكرها للتاريخ.
*وماذا عنك؟
ـ نحن مناضلين وثوار، وذات مرة أضحكت جماعة في اعتصام القيادة قالوا الأصم سيكون أيقونة الثورة، وفي لقاء سألتهم كيف أيقونة ثورة؟ قالوا اعتقل وسجن من قبل الأجهزة الأمنية قرابة ثلاثة أشهر، فقلت لهم: طيب أنا الماظ ثماني سنوات محكوم بالإعدام ماذا أكون أكيد “أبو الأيقونات “، أردت أن أشير أني مكثت ثماني سنوات محكوم بالإعدام منتظر لحظة تنفيذ الحكم وبعد أن استجاب الله أصدر رئيس الجمهورية عفواً عاماً. أولاً: يتم إسقاط ما تبقى من أحكام على المواطن إبراهيم الماظ. ثانياً: يتم إبعاده إلى خارج السودان فوراً. ثالثاً: على الجهات المنوط بتطبيق القرار وتنفيذه فوراً. صدر تحت توقيع المشير عمر حسن البشير.
*وهل تم إبعادك وحكومة سلفاكير رفضت قبولك؟
ـ ضحك، وقال: نقلت من كوبر بحراسات وعربات نجدة إلى شؤون الأجانب في الخرطوم فاطلعوني بأني مبعد إلى جنوب السودان، بعد ثلاثة أيام هاتفني سفير جنوب السودان وقتها وطلب مني أن أجهز حالي لأنني مبعد، فقلت له: لا مانع لديَّ وطلبت منه أن يلتمس من البشير أن الماظ بحاجة إلى شهر أو أسبوعين لأرى أبنائي الذين تركتهم طيلة ثماني سنوات، فكانوا يأتون لزيارتي بنفس الملابس التي تركتهم بها -أيضاً- أريد الاطمئنان عليهم أين يجلسون؟ في جروف في حفر، كذلك أردت أن أشكر من وقف معهم، قدم السفير الطلب لكنه رفض تماماً وأصر البشير على ذهابي، بعدها قلت للسفير: أريد البقاء مع هؤلاء لمعرفة ما الذي قدَّمه البشير ولم يقدِّمه الماظ فأنا ابن السودان وقدَّمت تضحيات كما أنني من سلالة البطل الذي استشهد من أجل الوطن، كذلك من مواليد السودان ومتزوِّج من شماله وكل أبنائي مولودين وسودانيين بالجنسية، وأوضحت أنه لا علاقة لي بنتيجة الاستفتاء التي خرجت لانفصال الجنوب، يبقى من حقي البقاء ولا يمكن سلب حقي ـ فالبشير أسقط جنسيتي رغم ذلك رفضت الذهاب.
* تقدَّمت بشكوى ضد البشير؟
ـ نعم، كان لابد أن اشتكيه للحفاظ على حقي فقد اشتكيته للمحكمة الدستورية، وهنا أقول كثير من الناس لا يعلمون أين حقوقهم، وأيضاً اشتكيته في المحكمة الأفريقية في أروشا، تم تأييد قراري بعد ثلاثة أشهر ونصف، من قبل سبعة قضاء يعملون وقتها في المحكمة الدستورية وكسروا قرار رئيس الجمهورية وما زلت احتفظ بالقرار.
*من أبرز المحامين الذين ترافعوا عن قضيتك؟
ـ مجموعة محامين متميِّزين قدَّموا طعناً دستورياً للمحكمة الدستورية على رأسهم د.عبد العزيز نور عشر وهو أستاذ قانوني ضليع، وكمال عمر، وأيضاً بارود صندل ونبيل أديب.
*ماذا بعد قرار المحكمة؟
ـ أسقطت المحكمة الدستورية قراراً بين مواطن اسمه إبراهيم الماظ ورئيس الدولة، وقالت المحكمة الدستورية ما تقدم به المواطن الماظ من دفوعات كفيل بأن لا يبعد من السودان بعدها حيت القضاء وعدالة القضاء من خلال عدة لقاءات صحفية وطلبت من رئيس الجمهورية وقتها بأن يحذو نفس الحذو الذي سلكته، لأن كان هناك شكوك في أمر القضاء بأنه تحت إدارة أجهزة الدولة الأمنية، لكن رغم ذلك مزَّق البشير القرار وأرسل لي مساعده إبراهيم السنوسي ليقل لي “ابقى مارق”.
*ثم ماذا؟
ـ قلت للمسؤولين بشؤون الأجانب: أنا الجنرال الماظ لا أحد يستطيع إخراجي من السودان إلا ميتاً في تابوت، وإذا تم رفعي بالقوة في طائرة اعتبروا هذه الطائرة في أعداد المفقودين بعدها شاءت الأقدار بأن تراجع البشير وأطلق سراحي بعدها جئت لإسقاط الإنقاذ وعملت بشدة في القيادة العامة .
*أذكر أنه تم اعتقالك وإبعادك مرة أخرى؟
ـ نعم، ضاق صدر المجلس العسكري حينها وتم اعتقالي أيام اعتصام القيادة، وحاولوا إبعادي عبر طائرة ومعي الرفاق ياسر عرمان ومبارك أردول وخميس جلاب، وشاءت الأقدار أن عشر نفسه يتصل على جهات الاختصاص والنائب الأول أخونا سعادة الفريق محمد حمدان دقلو، وأخبرهم بأن البشير في عهده حاول إبعاد الماظ وقد أبطلت المحكمة الدستورية ذلك، فكيف تأتوا أنتم لتطبيق قرار البشير بعد سقوطه، فسأله حميدتي “في شنو” فأخبره بأني امتلك قرار دستوري بأحقية المواطنة والبقاء في السودان، ومن هنا أنا أحيي النائب الأول لأنه بتلفون فقط نزلت من الطائرة.
*كثيراً ما تقول إنك خال حميدتي وهو ود أختك ؟
ـ لأنه أنصفني بتلفون وكان سبب بقائي حتى اليوم، وأكد احترامي لقيادة البلد، وأعتقد أنني أحد أبناء هذه البلاد فعلينا أن نحافظ وندافع عن ماتبقى منها بعد أن ذهب أهم جزء منه وهو جنوب السودان بسبب عدم إدراك السياسيين ماذا يعني أعضاء الجسم وأن هو بتر أي عضو يحدث خلل وهذا الخلل الذي نعيشه الآن في السودان ودولة جنوب السودان، بالتالي يجب أن نعمل كشعبين لإعادة اللحمة بطريقة تراضي بين الناس وهو حجر الأساس حتى تمضي البلاد إلى الأمام.
*الماظ، كيف ترى المشهد الآن ؟
ـ مشهد بالغ التعقيد يشفق الحريصون على السودان، وأقول لمن يعتقد أن السودان سوف يتمزق ويسعى لأن يفرتقه طوبة طوبة هو الذي سيحرق أولاً، لأن كل مناطق السودان عاشت ويلات الحروب، فإذا كان يوجد أحد في الخرطوم ولم يتذوَّق الحرب ويجلس في برج عالٍ ويقول إنه سيفرتق البلد “طوبة طوبة”، هنا “ضحك عالياً” ثم واصل: أقول له والله ياخوي اعمل حسابك فالذي يبدأ بشرارة حتماً لن تسلم منه، وطننا لن نساوم فيه ولن نقبل أي أجندات خارجية حتى لا نرى أهلنا نازحين ولاجئين في الخرطوم.
وأقول للمجتمع الدولي الذي يسعى لإضعاف البلاد لقد أخطأتم الظن، بل مدوا أيديكم لأجل السودان لأنه الآن لم يبخل بأبنائه لتأمين دول أخرى، بالتالي عدم استقرار السودان يعني عدم استقرار الكثير من الدول ودول الجوار وكذاب من يعتقد بأنه لن يتأثر، فأرى ضرورة المحافظة على السودان وهو مركز وقلب أفريقيا والمحيط العربي بأمنه وخيراته الموجودة، بالتالي أدعو إلى ترك الحراك غير المحمود وصناعة النفوس المشاكسة، وأقول إذا شعرنا في يوم ما، بأننا سنصبح عملاء “إن شاء الله ما تشرق علينا شمس” ، فإني أدعو إلى وضع أيدينا فوق بعضها والقفز فوق الصغائر والابتعاد عن الأساليب المستفزة واستخفاف بعضنا بالعض الآخر والتأطير للجهويات والعنصريات.
*الدور الذي يقوم به الماظ حالياً ؟
ـ بالأمس، أتيت من صلح بين الكواهلة وقبيلة الشايقية، وهذه لفتة بارعة من الكواهلة الذين قتل ابنهم وجاء العفو منهم، لعدم الرغبة في إشعال حرب ففضَّلوا العفو، والمعلوم أن الكواهلة قبيلة كبيرة وهذا هو الموقف المطلوب الآن من كل القبائل والشباب الثائر والأحزاب التي كانت تحرِّض الخواجات بأن يضربوا الوحدة في السودان، فالآن الخواجات لا يضربون بالسلاح إنما بأموالهم وسفاراتهم وأبناء جلدتنا تحسبهم بأنهم سودانيين لكنهم ينفذون أجندة الخارج ويبقي السؤال من أين يأتي الناس بهذه الأموال التي صرفت وتصرف الآن في الطرقات وغيرها، فأعتقد أننا بحاجة إلى المحافظة على البلاد والأرض وصون الأعراض.
*كنت في يوم من الأيام قائداً بالمؤتمر الشعبي؟
ـ أكن للمؤتمر الشعبي كل الاحترام، وأنا الماظ مع كل القوى السياسية التي ساندت قضيتي عندما كنت محكوماً بالإعدام ، فالشعبيون هم الذين دعوا للديموقراطية وضد العنصرية والقبلية وهذا سبب خلافهم مع البشير، في يوم من الأيام كنت قائداً في هذه المنظومة وكنت منتخباً على مستوى السودان وأعتقد هذا هو المطلوب الآن، فالشعبي تميَّز بالتنوع، بعكس التنظيمات الآن نجدهم من جغرافيا واحدة وأسرة واحدة ولون واحد وهذا مرفوض ولا يقود البلد، ولا بد من القبول بالتنوع، بالتالي أشير إلى خطأ فادح ارتكبه أخوانا في الحرية والتغيير أنهم تركوا الإسلاميين يتوحدون، ويبقى السؤال ما هي عداوتك مع الشعبيين مثلاً كحرية وتغيير، إذا قلنا انقلاب فإن ما عملوه ناس البرهان بإسقاط البشير كان انقلاباً ونميري وآخرون جاءوا بانقلاب .
بالتالي فهمي لممارسة الانقلابيين هي محاسبة الوزراء الذين يخطئون لكن لا تفتح المجال للمة الإسلاميين.
*لماذا تركت الشعبي؟
ـ لأنهم لا يريدون العنف ويسعون لتحقيق تحوُّل ديموقراطي وتحدثوا عن حقوق المرأة وتمثيل، فقلت لهم: هوي أنتوا دايرين تأخرونا، فقدَّمت استقالتي وذهبت إلى البندقية مثل خليل إبراهيم وآخرين، ورغم دفع التضحيات يقول لنا البعض أنتم ذراع عسكري للمؤتمر الشعبي، فإذا كنا أذرع واتلمينا مع هؤلاء أنا أعتقد مافي جن بمشي في البلد دي لكن الشعبيين مؤمنين بفكرتهم.
*كيف التحقت بحركة العدل والمساوة ؟
ـ عبر الدخول في عملية الذراع الطويل.
*متى تتحوَّل الحركة إلى حزب؟
ـ نحن حركة مسلحة سوف نتحوَّل لحزب سياسي وجمَّدنا هذا الإجراء إلى أن تأتي حكومة منتخبة بعدها سوف نبني مؤسسات الدولة وعودة الجيش إلى الثكنات بالاتفاق وليست بالـ”الملاواة ” أو بإشارات من المكوِّن الخارجي، وسيظل “زيتنا في بيتنا ” نعالج مشاكل البلاد.
*الماظ الآن الشارع ضد الجيش كيف تنظر لهذا الوضع؟
ـ لن نقبل أن يهدَّد الجيش السوداني بهذه الطريقة، لقد أتينا باتفاق وحوارات ناقشنا كيف يتم تحويل الجيش إلى جيش قومي بطرق مدروسة ومراحل، ولكن ليست بما يحدث الآن الجيش للثكنات، وهذا هو نفس الجيش القديم عندما جئنا لتغيير البشير لم نتمكن، فما الذي جعل الشعب السوداني كله يعتصم في القيادة؟ بالتأكيد حتى يجد الحماية من الجيش وتدخل من الدعم السريع، لأن علي عثمان قال: لديه كتائب وهذه حقيقة فإذا نزلوا الشارع وقتها لأريقت دماء خيالية ففي ساعة كان من الممكن أن تزهق أرواح ستة وثمانية ألف مثلاً، بالتالي أعتقد أن الجيش من المنظومات التي صنعت التغيير، أشدد على احترام بعضنا البعض واحترام حركات الكفاح المسلح الذين ناضلوا ودفعوا وخسروا أعز ما كان لديهم من شباب وشهداء وجرحى ومفقودين، حتى هذه اللحظة لدينا أكثر من (446) مفقوداً في حركة العدل والمساوة ناهيك عن بقية الحركات.
*علاقات الحركة بالطرق الصوفية والقوى السياسية الأخرى؟
ـ لدينا علاقات قوية وممتدة مع كل الأحزاب الموجودة والتي تؤمن بدولة المواطنة والخدمات وبيننا وبين القوى السياسية احترام كبيرة كذلك لدينا علاقات واسعة مع الطرق الصوفية والإدارات الأهلية على مستوى السودان.
*الانشقاقات داخل العدل والمساواة -حالياً- توجد عدة فصائل في دارفور بريقها انخفض ؟
ـ والله أي انشقاق بيضعف الدولة وأقول في الوحدة قوة، دارفور فيها أكثر من 40 حركة، وأعتقد أن الوقت لعمل خطوات تنظيم غير جميل في حقهم، أشير إلى أن جنوب السودان يقاتل من الخمسينات لديهم حركتين وانشقاقين أو ثلاثة، فما بالك نحن في دارفور، في عهد الإنقاذ كانت الأجهزة الأمنية هي من تقوم بعملية الانشقاقات ولقد حاولوا إغراء المنتمين للحركة لكن هيهات لأننا تحالفنا وأقسمنا مع ناس أصبحوا شهداء فلا يعقل أن نبيع دمائهم واليوم الذي نشعر بأننا غير ماضين في حركة العدل والمساواة بالقيم التي تواثقنا عليها سوف ننفض يدنا وهذا طرفنا منهم مثلما خرجنا من كثير من التنظيمات.
فقد تواثقنا على نقل الشعب وتحقيق أحلامه في قوته وأمنه ومعاشه والقصد من السلام حقن الدماء بعد عشرين عاماً، من الانفصال، فالآن هناك سلام ولا بد للدول أن تفرض هيبتها وأن تضرب بيد من حديد حتى لا يتمكن أحد أن يقتل أو ينتهك أراضي وأعراض الناس، وهنا أكرر شكري وتحياتي لكل الرفقاء الذين يقومون بخياطة الذي تمزق في الجنينة حميدتي ودكتور الهادي إدريس وخميس عبد الله وحجر والفل مارشال ومني أركو مناوي، فجميعهم يعملون لإطفاء النيران وإعادة اللحمة في دارفور بعدها نأتي لنتفرَّغ للقضايا الكبرى في الخرطوم والجلوس مع الشباب وندعوهم للمحافظة على الشعرة، لأن قطعها يحوِّلنا إلى ما يحدث في ليبيا واليمن وهذا ليس في مصلحتنا مهما اختلفنا يبقى الحوار هو المخرج والحل.
*حالياً الجبهة الثورية مشتتة وأنتم حاضنة للانقلاب؟
ـ صحيح إنني أسمع الحديث حاضنة الانقلاب، لكن أين الانقلاب، نحن من قام بالتصحيح ولو البرهان لم يقم به لاختلف أعضاء الحرية والتغيير الممثلة في 79 منظومة، بالتالي يجب أن لا يأتي أحد يدَّعي أنه ابن فلان أو علان وأقول نحن ذاتنا أمنا عرسوها بنفس البقر، عليه فإذ أنت ابن الحرية والتغيير أنا أيضاً ابن الحرية والتغيير وهذا الذي أقوله لم يمنحنا الإعلام فرصة لقوله سابقاً، أقول هناك أشخاص من المنظومة مثل إبراهيم الشيخ وخلافه دخلوا القيادة وحاوروا البرهان وخرجوا في قبضتهم اليمنى البرهان وفي اليسرى حميدتي، نحن جئنا بعد ثمانية أشهر، بمفهوم لا يعقل أن تدار البلد بعقلية شباب وأركان جامعات ولا بد من التفريق بين رجل الدولة والناشط السياسي، بالتالي ما قاله ود الفكي وخلافه أنه لا يتشرَّف بالجلوس مع أحد يرتدي كاكي فأنا حركة كفاح ومسلحة لكني لا أعيب للجيش ولا أطالب بفرتقة الجيش، الاتفاق جاء بأسس وأنا الماظ لو كنت في مقام البرهان لحوَّلت الإجراء التصحيحي لانقلاب بالجد وحقيقي وكامل، لكن نص نص ما ينفع.
*إخفاقات لجنة إزالة التمكين؟
ـ سنتان ونص الذين تولوا مقاليد السلطة نسوا خلالها الثورة التي جاءوا من أجلها والاتفاق على تحقيق الحرية والسلام والعدالة، وهم من تسبب في إجراءات 25 أكتوبر، فقد استباحوا أموال المؤتمر الوطني كله بدلاً من الذهاب إلى خزينة الدولة ذهب إلى أفراد هل هذه العدالة؟ قلنا: الحرية لنا ولسوانا، حرية مطلقة حرية تعبير وتداخل وحركة البيع وتم السلام بعد انتصار الثورة مع الذين وقعنا معهم في الجبهة الثورية مالك عقار والهادي وجبريل وحجر وخميس عبد الله، وهناك آخرين لم يأتوا وهم الرفيق عبد العزيز الحلو وعبد الواحد، فكان الفهم تكملة الاتفاق معهما لاحقاً، وفي جانب العدالة أن لا نخطو خطوات المؤتمر الوطني، فإذا دعتك قدرتك على ظلم الناس تذكر قدرة الله عليك، وقلنا أن تتم المصادرة بالقانون ليس بالقلع أنا شهادت عجائب والله هناك من يتم إنزاله من عربته في الشارع العام بلهجة مشينة أنزل يا كوز ينزل ويسلم المفتاح والعربية المصادرة لا تدخل في الإحصائية.
لجنة التمكين عملت إمبراطورية وبرلمان لديها (400) عضو، امتلكت ترليونات من الأموال، الضابط المتحري الذي تم قبضه مؤخراً وجد في تلفونه (72) ترليون، من أين له هذا، المصادرات لم تكن بالقانون وهو سيد الأحكام وهذا خلافنا مع الحرية والتغيير وكون أن الخطوات التي اتخذها البرهان انقلاب أعتقد أنها خطوات تصحيحية.
*رسالة إلى الثوار في الشارع ؟
ـ أولاً، أقول: نحن مجموعة قوة الحرية والتغيير الميثاق الوطني مجموعة من الحركات والقوى السياسية والطرق الصوفية والإدارات الأهلية، لذلك أقول للمتظاهرين الآن هناك ناس ما ظهروا وإذا ظهرنا يصبح هناك كلام آخر، وإذا ترَّسنا ما بنترَّس داخل الخرطوم حينها لن تأكل الخرطوم لا طماطم ولا غيره، وندري تماماً من أين نبدأ التتريس لأن الخرطوم مستهلكة لا منتج لها لذلك أدعو لوقف التتريس وتكسير البلد والأعمدة والطرقات وهم شباب واعي ونقتدي به مهما اختلفنا معهم ربما أخطأنا في حاجة لكن يبقى أن نحافظ على شعرة معاوية ولا يمكن أن نكون ضد الجيش كله والدعم السريع كله وهو قوة وضد الحركات حيث يدعوننا بالمرتزقة الإسرائيليين، أعيب هذا الكلام وأقول الذي فصل الجنوب هو نفس الألفاظ التي نسمعها الآن فلابد من الابتعاد عن الإساءة والشتائم والوصف بالقبح مع ضرورة المناقشة في الأفكار والطرح.
*ماذا تريد أن تصل إليه ومن معك في حركة العدل والمساواة؟
ـ الحركة تنظيم تحرَّكنا في كل ولايات السودان، وطرحنا مقبول نريد السودان بدون عنصرية ولجوء للبيوتات والإقصاء للآخرين وهو نهج العدل والمساواة السودانية، نسعى لتحوُّل ديموقراطي يراعي فيه كل الناس حقوق الآخرين، المؤتمر الوطني ارتكب جرماً، ولكن منح مسوقة قانونية بعد سقوطه جعلت البعض يقول يا حليل زمن البشير ويتباكون عليه وهذه مشكلة وورطة دخلنا فيها منذ سنتين ونصف.
*تتفق معي أن هناك تراخٍ من الدولة؟
ـ صحيح، وهو الذي أتى بهذه الفوضى وهو سوف يهد الصومعة في راسنا والجد جد واللعب لعب، وأيضاً ما عبناه على الشباب بعد سنتين ونصف لم يكملوا الأجهزة هو الذي أدى للتغيير، الآن نحن نعترف بأن التغيير الذي حدث بعد 25 أكتوبر لم يشبع رغبتنا.
*هل من بصيص أمل؟
ـ أنا واثق جداً أننا سوف نخرج من حالة التشاؤم الحالية وأثق أن شبابنا في الشوارع واعٍ جداً ولن يقبل بأن أمهاتهم وأخواتهم يصبحن لاجئات ونازحات، وأثق أنهم لا يقبلون أن تراق الدم كما حدث في النيل الأزرق وغرب دارفور ومناطق كثيرة، فنحن أصحاب الوجعة والجمرة بتحرق الواطيها.
أشير إلى أن موضوع الأسرى أصبح مشكلة وعائق لتطبيق الاتفاق، حيث تلاحقنا الأسئلة عن الأبناء من الأهل، أناشد الحكومة الإفراج عن المحبوسين قسراً إذا وجدوا حتى يعم الفرح وتزول الأحزان من نفوس الأسر وإعادة الابتسامة لهم رغم الظروف الصعبة الآن. متفائلون جداً بأنه لا يوجد “دواس”، وأناشد القيادات الفريق أول البرهان وهيئة أركانه أن الفرصة الآن مواتية للمزيد من الحوار ومد الصبر، لكن لا يعني ذلك مزيداً من الإفراط والتهاون، أيضاً أناشد القبائل في النيل الأزرق والذين تأثروا من الهوسا وهي قبيلة مسالمة بالمصالحة الحقيقية، وإذا لم يتم ذلك فإن الموسم الزراعي في النيل الأزرق والقضارف سيكون في محك وخطر حقيقي، فلابد من تدخل العقلاء من الطرق الصوفية والإدارات الأهلية وأبنائنا للعمل على ترك الإسراف في الفاضي، وأقول كفانا الجراحات وأترجأ الذين لم يوقعوا على الاتفاق بعدم صب الزيت في النار وأرجوا من الحلو وعبد الواحد أن يرفقا بأهل السودان.