انطلقت أمس.. بين تأييد ورفض هل تنجح (المائدة المستديرة) في توحيد السودانيين؟
الخرطوم: صبري جبور 14 اغسطس 2022م
انطلقت أمس، بقاعة الصداقة بالخرطوم فعاليات مؤتمر المائدة المستديرة ضمن مبادرة نداء أهل السودان للوفاق الوطني التي يرعاها الخليفة الطيب الجد ود بدر، وسط مشاركة من فئات وشرائح المجتمع والشباب والمرأة والطلاب وذوي الاحتياجات الخاصة والأحزاب السياسية ورجال الدين والطرق الصوفية والإدارات الأهلية، بجانب مشاركة عدد من سفراء الدول الصديقة والشقيقة وممثلي البعثات الدبلوماسية ومبعوث الاتحاد الافريقي وعدد كبير من الكيانات الثورية والمبدعين والمهنيين والمغتربين.
وتخلل المؤتمر جلسات حوار تعنى بقضايا الفترة الانتقالية ومعاش الناس، وأخرى تناقش السلام والعدالة الانتقالية، ومن المتوقع أن يخرج المؤتمر الذي يستمر حتى اليوم الأحد بتوصيات تسهم في معالجة الوضع الراهن.
وكان الجيش أعلن في الرابع من يوليو الماضي، الانسحاب من المفاوضات السياسية لإفساح المجال أمام القوى المدنية لتتوافق على حكومة مدنية.
وبين التأييد والرفض لمبادرة ود بدر التي تدعو الجميع إلى الاتفاق والتوافق حول القضايا الوطنية من أجل الخروج بالبلاد من أزمتها الراهنة، وفي ظل هذا الانقسام هل تفضي المائدة المستديرة في لم شمل السودانيين؟
مستقبل أفضل
دعا رئيس مبادرة نداء أهل السودان للوفاق الوطني الشيخ الطيب الجد ود بدر، جميع أبناء السودان إلى كلمة سواء من أجل حفظ الأمن وصونه، مشيراً إلى أن الحفاظ على الوحدة أمر يتطلب كثيراً من التنازلات حتى يكون المستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وقال بدر لدى مخاطبته أمس، بقاعة الصداقة مؤتمر المائدة المستديرة الذي نظمته مبادرة نداء أهل السودان للوفاق الوطني بمشاركة عدد كبير من الأحزاب وقادة الرأي وممثلي السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى السودان ورجالات الإدارة الأهلية، نشكر كل من قدَّم مبادرة والتي تجاوزت الـ(40) مبادرة، كلها تصب في أهمية توحيد الرأي العام، وهو أهمية إكمال الفترة الانتقالية عبر حكومة كفاءات ذات مهام محدَّدة تقود إلى انتخابات حرة ونزيهة يختار خلالها الشعب من يثق فيه لقيادة البلاد وتحقيق الاستقرار وذلك تحقيقاً لمبدأ التداول السلمي للسلطة.
مصالح متبادلة
وأضاف الجد، إن التدخلات الخارجية تجاه السودان أمر غير مقبول، مشيراً إلى أن هناك مصالح متبادلة بين الدول يجب احترام سيادتها، مشيداً بزيارة ممثلي السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى السودان إلى مسيد أم ضواً بان، وقال: (إن داري مفتوحة لخدمة الجميع) (وإنه خادم للجميع لمصلحة استقرار وأمن ووحدة السودان) وكذلك الثوار الذين زاروا المسيد وغيرها من الكيانات، مناشداً الجميع التسامح وتجاوز الماضي من أجل بناء السودان حتى تكون الفترة الانتقالية المتبقية مستقرة تكتمل فيها هياكل السلطة الانتقالية، مؤكداً ضرورة احترام القوات المسلحة دون مزايدة، لأنها صمام أمام للسودان، مطالباً بأهمية الحفاظ على السلام الذي تحقق في جوبا وأهمية إكمال السلام في المناطق التي لازال فيها بعض الذين يحملون السلاح، مجدداً الدعوة لجميع مكونات الشعب السوداني إلى الحوار لتحقيق السلام والاستقرار.
تحقيق الوحدة الوطنية
الرئيس التنفيذي لمبادرة نداء أهل السودان للوفاق الوطني هاشم الشيخ قريب الله، دعا كافة الكتل السياسية ومكوِّنات المجتمع السوداني من منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية للوصول لتوافق، لا سيما وأن الشعب السوداني أصبح في أمسَّ الحاجة لهذا التوافق لتحقيق الوحدة الوطنية والعودة بالسودان إلى سيرته الأولى.
قال خلال الجلسة الافتتاحية للمائدة المستديرة: (ندعوكم باسم الشعب السوداني وباسم الذين يعانون من الأزمة الاقتصادية التي دخلت كل بيت سوداني إلى ضرورة التوافق وتغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة).
وسطاء بين الفرقاء
وأوضح هاشم بأن اللجنة العليا التقت مع كافة فعاليات المجتمع السوداني من الشباب والمرأة وذوي الحاجات الخاصة والأحزاب السياسية والكتل والكيانات والمبادرات والمهنيين والمغتربين والإدارات الأهلية والطرق الصوفية وأهل الرياضة والثقافة وكافة قطاعات الشعب السوداني، وجدَّد هاشم التأكيد بأن أصحاب المبادرة ليسوا طرفاً في الصراع السياسي الذي يدور في السودان، بل هم وسطاء بين الفرقاء السياسيين، وأضاف: (ليس لدينا وصفة جاهزة للحل ونرجو من الكتل السياسية المختلفة أن تغلب المصلحة العامة على المصلحة الحزبية الضيِّقة لتحقيق مصالح الشعب السوداني)، كما أكد هاشم بأن مبادرة نداء أهل السودان تواصلت مع كل الأطراف السياسية من أقصى اليمن لأقصى اليسار دون استثناء لأي أحد وأنها تقف على مسافة واحدة بين كل الفرقاء السياسيين.
بنود المبادرة
تمثلت بنود مبادرة الشيخ الطيب الجد، في إيقاف خطاب الكراهية الذي يهدِّد السلم المجتمعي، إجراء حوار جامع يؤسس لتحقيق وفاق وطني لا يستثنى أحد، التأكيد على قيام وإجراء الانتخابات خلال ثمانية عشر شهراً، بناء دولة القانون والمواطنة والحقوق والواجبات، العمل على سلامة الوضع الانتقالي، إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين، تأسيس تيار وطني منفتح على كل أهل السودان، تفويض المجلس السيادي بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة لتسيير ما تبقى من الفترة الانتقالية، العودة لدستور 2005م، مع إلغاء بعض التعديلات التي أدخلت عليه، المحافظة على الهوية الإسلامية واستعادة عزة الشخصية السودانية صاحبة الفضيلة ورفض كافة أشكال التدخلات الخارجية.
مبادرة الدولة العميقة
اتهم الخبير والمحلِّل السياسي البروفيسور صلاح الدين الدومة، الفلول والدولة العميقة والمؤتمر الوطني بالوقوف خلف مبادرة الشيخ الطيب الجد، وقال الدومة لـ(الصيحة) أمس: من المتوقع أن تخرج المائدة المستديرة بخطابات وأوراق وتوصيات قد تكون جيِّدة جداً، وأضاف: لكن المشكلة في تنفيذ التوصيات ورميها جانباً حسب تعبيره .
وقطع الدومة أن الثورة في خطر باعتبار أن الانقلاب على وشك أن ينجح، وقال: ” لذلك المطلوب من الثوار لإجهاضه الخروج في مواكب ضخمة رافضة للمائدة المستديرة حتى لا يعود الفلول مرة أخرى.
السجادة العركية تتبرأ
ولكن في خطوة غير متوقعة، تبرأت رئاسة سجادة الطريقة القادرية العركية من مبادرة (نداء أهل السودان).وقالت السجادة في بيان عقب دعوتها للطرق الصوفية لتنوير بمقام الشيخ حمد النيل بأم درمان: (لا علاقة لنا البتّة بمُبادرات انطلقت باسم الصوفية لا تتّفق ومبادئ الثورة ولن نكون طرفاً فيها).
وأكدت السجادة القادرية العركية دعمها الكامل لقضايا التحوُّل الديموقراطي والمدني وصولاً لدولة القانون.
نريد مبادرة تحظى بإجماع
نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان (حميدتي)، كشف عن اتصالات تلقاها من بعض مشائخ الطرق الصوفية والإدارات الأهلية، بشأن مبادرة نداء أهل السودان بقيادة الشيخ الطيب الجد.
وأكد حميدتي، خلال مؤتمر صحفي، بمطار الخرطوم، عقب عودته من ولاية غرب دارفور، الأربعاء الماضي، أنه طلب أسماء لجان المبادرة الأربعة عشر لمراجعتها والتدقيق فيها، وقال: (نحن نحترم كل الطرق الصوفية، ولكن نريد مبادرة تحظى بإجماع ولا خلاف حولها).
حكومة كفاءات
امتدح رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل، مبادرة نداء أهل السودان للوفاق الوطني باعتبارها مبادرة تأتي من طرف لا علاقة له بالصراع السياسي ولا يسعى لمنصب أو مكسب سياسي لذلك وجدت الترحيب والقبول والنجاح .
وأشار الفاضل إلى أن هذا الأمر ليس بغريب على مؤسسة أم ضواً بان باعتبارها من أعرق المؤسسات الدينية في البلاد، وقال: إن مبادرة نداء أهل السودان للوفاق الوطني أتاحت الفرصة للخروج بالشأن الوطني من الغرف المغلقة التي سيطر عليها النشطاء، وأحزاب الصفوة وخرجت إلى الشارع السوداني وأشركت كل قطاعات الشعب السوداني في الشأن الوطني وكيفية الخروج من هذا المأزق السياسي، مشدِّداً بضرورة أن تستصحب المبادرة معها القوات المسلحة حتى نستطيع أن نعبر لتكوين حكومة كفاءات تفضي بنا لانتخابات حرة ونزيهة.
وضع صعب
عضو تحالف قوى السودان (تسع) بحر إدريس أبوقردة، قال: إن المبادرة تأتي في ظل وضع صعب تمر به البلاد وفي ظل مخاطر كثيرة تحدق بالسودان، مشيراً إلى أنه بانعقاد هذا المؤتمر وبهذه المشاركة الأوسع من القوى السياسية والمجتمعية قد زال انسداد الأفق السياسي.
مشاركة الأغلبية
قال المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة، العميد الطاهر أبو هاجة: إن مبادرة الشيخ الخليفة الطيب الجد ودبدر وسعت وستوسع باب الحوار وفتحت آفاقه لكل السودانيين، مبيِّناً أنها لن تقصي أحداً وستصبر على الحل والحوار لأن الهدف أنبل وأسمى.
وأضاف مستشار البرهان: إن حراك المبادرة أثبت أن الحل ليس مستحيلاً، وأنه من الأفضل التركيز على جوهرها ومراميها والحكم عليها بما أنجزت بدلاً من التقليل من أهميتها ونقدها نقداً غير بناء، مشيراً إلى أن المبادرة تمثل مرتكزاً أساسياً يأتي في ظرف تاريخي استثنائي يحتِّم علينا الانتباه لقضية الوطن.
تأييد الأئمة
قال الشيخ عضو هيئة علماء السودان – أمانة التزكية – قمر الدولة زين العابدين: (نحن كعلماء نحمل فكرة الأمة ونسعى إلى المساهمة في معالجة قضايا السودان بحكم واجبنا الديني”، ونعقد أن العمود الفقري للسودان هو إرثه ودينه وموارده، مشيراً إلى أهمية تنمية القدرات البشرية من خلال إعادة بناء الإنسان من خلال إخلاصه لتراب الوطن .
وأكد خلال لقاء تفاكري نظمته مبادرة نداء أهل السودان للوفاق الوطني تأييد مبادرة نداء أهل السودان من أجل تحقيق أهداف الشعب، مشيراً إلى أهميه إيجاد حلول لدعم الفترة الانتقاليه حتى لا يؤثر المجتمع الأجنبي على قرار الدولة، مؤكداً أن السودان يتمتع بموارد كبيرة يجب الاستفادة منها .
صناديق الاقتراع
رئيس كتلة المشروع القومي الجامع محمود عبد الجبار، قال: إن السودان لا يمكن أن يستأثر بحكمه أحد دون تفويض عبر صناديق الاقتراع، مشيراً إلى أنه بانعقاد مؤتمر المائدة المستديرة قد تم تفويت الفرصة لتقسيم البلاد على نحو جهوي وقبلي، مشدِّداً بأن مبادرة أهل السودان للوفاق الوطني ليست جسراً ليعبر أحد عبره للسلطة، بل هو جسراً ليعبر خلاله كل أهل السودان نحو الوفاق الوطني.