كتب: صلاح عبد الله. 12 أغسطس 2022م
والبُنى التحتية تشمل الطرق وسبل المواصلات وأدوات النقل من شاحنات وسكة حديد وطائرات ومطارات وطرق برية معبدة ووسائل اتصال وشبكات اتصال بالهواتف الزكية وهنا أيضاً يمكن وضع خطط قصيرة المدى وخطط طويلة المدى.
اصحاح البيئة
لا يمكن لأي نهضة اقتصادية مهما كانت إمكانياتها أن تتم بمعزل عن تهيئة البيئة الصحية اللازمة لتمكن العاملين والمعامل المتخصصة من أداء أدوارها بنسبة عالية من الكفاءة أن النظافة العامة للمدن والطرق وأماكن العمل سواءً في المكاتب أو المصانع أو المزارع لا بد أن تكون في المستوى الصحي من بيئة نظيفة لا وجود للنفايات فيها على قارعة الطريق وأكوام النفايات كالتلال تزحم الشوارع وتلتف حول أماكن العمل والمصانع والمزارع، ما لم نقم بإصحاح البيئة بصورة جذرية وعمل برنامج مستدام للتعامل مع النفايات ونظافة الطرق ومجاري المياه فلن تتم أي نهضة اقتصادية، كل المحاولات الجزئية التي تقوم بالحماس من الجهات الحكومية أو منظمات المجتمع المدني عبارة عن فقاعات هواء تبدأ بحماس بسيط ثم لا تستمر حتى تحقق القضاء وبصفة نهائية على هذه النفايات التي تعيق الدولة والتي بغض النظر عن منظرها غير الحضاري فهي إحدى مسببات الأوبئة والأمراض المختلفة وأصبحت مرتعاً للأطفال المشرَّدين الذين لا مأوى لهم، بل طعام لهم لأنهم يقتاتون ومع الأسف من بقايا هذه النفايات وأكياس القمامة التي تلقى بها البيوت والأسر من بقايا الطعام في الطريق العام.
لن يكون هنالك أي اقتصاد قوي لدولة تحت النمو دون العمل الجاد والمستمر لإصحاح البيئة وهذه عملية سلوك إنساني وقوانين رادعة ومواعين وحاويات نفايات تغطي المدن المختلفة وتستوعب كل نفايات التعداد السكاني المتزايد يوماً بعد يوم.
وهنا لا بد من الجهد الشعبي المستمر عن طريق منظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى جهد الدولة وعمل مشاريع للاستفادة من النفايات في إعادة تدويرها للاستفادة منها في منتجات الطاقة المختلفة وهي مشاريع بسيطة وغير مكلِّفة، وأغلب دول العالم المتقدِّم الآن تعمل في مجال تدوير النفايات والاستفادة منها في مجال الطاقة، بل دولة مثل السويد أصبحت تستورد النفايات من جاراتها الأروبيات لتدوريها وتصنعها وتحويلها إلى مواد نافعة للمجتمع وهذا أمر ليس بالعسير.
المعادن والبترول
منذ اكتشاف واستخراج البترول تغيَّرت الخارطة الاقتصاديه في السودان وأصبح السودان من الدول المصدِّرة للنفط حتى انفصال جنوب السودان وذهاب أغلب البترول لدولة الجنوب الوليدة.
وهنا يأتي القصور العقلي والسياسي والتنفيذي فيما حدث وعدم التحوط له في إبرام اتفاقية السلام، ولكن هل كانت للدولة حنئذ أي استراتيجية علمية للاستفادة من عائدات البترول بالصورة المثلى حتى في الفترة القصيرة التي تعدل الوضع الاقتصادي للبلاد وحتى صار سعر الدولار لا يتعدى 2 ونص الجنيه السوداني
غياب الخطة أو الاستراتيجية لتحويل مدخلات البترول للاستفادة منها في البُنى التحتية لتطوير الزراعة وصناعات المنتجات الزراعية وعدم التحسب للأوضاع السياسية والكل كان يعلم أن الجنوب ذاهب إلى الانفصال لا محال لأنه بدعم قوى أجنبية كانت تخطط لهذا الأمر من تمرد عام 1955م، فقصر النظر وعدم الواقعية والبعد عن التخطيط الاستراتيجي والمشاريع القومية المطلوبة لنهضة البلاد والكسب السياسي قصير الأجل كل ذلك أدى إلى ما نحن فيه الآن من وضع اقتصادي مذري.
الآن لا نبكي على اللبن المسكوب، فالأموال الضخمة التي صرفت على ما سمي بمشاريع الوحدة الجاذبة ذهبت أدراج الرياح ولم تحقق الوحدة الجاذبة وضاعت كثير من الأموال في مشاريع لم يستفد منها الجانب الآخر، بل لم يعترف بها وتوقف عن تطويرها.
الآن علينا أن نراجع سياساتنا فيما يتعلق باستخراج البترول والتوسع في الاستثمار في هذا المجال بواسطة شركات عالمية ذات خبرة مشهود لها ثم وضع استراتيجية وخطة عملية للاستفادة من عائدات البترول في تنمية قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية لأنهما قطاعان سريعان في النمو وزيادة الدخل من حصائل صادراتها، بل وتحقق الاكتفاء الذاتي لما نحتاجه من حبوب غذائية فالمقولة التي نرددها منذ أكثر من خمسين عاماً، (من لا يملك قوته لا يملك قراره).
و(السودان سلة غذاء العالم) كلمات يردِّدها الأثير كلما جاءتنا ضائقة وكنا نعيش في مرحلة انعدام الوزن وحالة من السيولة السياسية التي لا تعرف التخطيط ولا البرمجة ولا الاستعداد للتعلم من الأخطاء برغم توفر كل القدرات البشرية والعلماء القادرين على العمل على نهضة اقتصاديه كبرى وفي زمن وجيز.