12 اغسطس 2022م
منذ قرارات القائد العام الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة في ٢٥ أكتوبر من العام الماضي، دخل السودان في نفق أزمة سياسية تعد الأصعب والأكثر تعقيداً في مرحلته الانتقالية ومنذ الاستقلال وحتى يومنا هذا، ومما زاد الطين بلّه الخلافات والانقسامات التي ضربت القوى المدنية ابتداءً من الصراع داخل تجمع المهنيين، وخروج بعض حركات الكفاح المسلح الموقعة على نداء السودان وانشقاق الحرية والتغيير الميثاق الوطني من تحالف الحرية والتغيير المجلس المركزي، وبسبب هذه الانقسامات بالتالي شهد الشارع السياسي السوداني انقساماً آخر خاصة بعد طرح مبادرة الشيخ الطيب الجد التي وجدت القبول الواسع، وهذه المبادرة التي سُميت لاحقاً بنداء أهل السودان، أفرزت واقعا سياسيا جديدا، ونجد تماهي العسكر مع المبادرة على حساب قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، يدلل على محاولة العسكر بعد فض الشراكة وتجميدها العمل ببنود مهمة في الوثيقة الدستورية، وهذا يدل على “تبييت النية” لإخراجهم من المعادلة السياسية وخلق واقع جديد أكثر تعقيداً وتأزماً.
بيد ان تطابق وتناغم مبادرة الشيخ الجد مع مبادرات أخرى، والدعم الكبير الذي وجده من القوى السياسية اليمينية، يدلل على رضاء المجتمع الدولي والإقليمي للمبادرة، مع ضعف واضح وتضاؤل لدور قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي في تحريك الشارع، والعجز عن هزيمة الانقلاب، والعودة بالأوضاع إلى ما قبل قرارات القائد العام.
المراقبون للأوضاع في حالة ذهول ودهشه لسرعة إيقاع مبادرة الجد، ومن ثم الاتجاه إلى المحطة الثانية، حيث أعلن منتصف الشهر الجاري يومي ١٣ و١٤ موعداً لمؤتمر المائدة المستديرة الذي سوف تضع فيه أجندة الحوار، رد الشارع السوداني على هذه التطورات المتسارعة تتراوح بين مؤيد ومعارض، فالمؤيدون يرون أن المبادرة فرصة أخيرة للقوى السياسية جميعها لوضع حد للأزمة السياسية والأمنية والدستورية التي شهدها السودان عقب سقوط نظام الإنقاذ، كما يرى الفريق المعارض أنها متماهية مع “الكيزان” وتعمل على عودتهم بالشباك بعد أن خرجوا بالباب، وبين هذا وذاك يظل هناك سؤال ملح ما الذي يحدث؟.
أعتقد جازماً في إمكانية نجاح نداء أهل السودان ولا شك أن الأمور ستتجه نحو التهدئة والحد من آثار الفراغ الدستوري وغياب الحكومة.
والفرصة سانحة أيضاً لتوافق جميع أهل السودان ولحسم التعطيل الدستوري وتشكيل الحكومة من كفاءات وطنية وتشكيل مؤسسات الحكم الانتقالية حتى لا تنزلق البلاد إلى أتون الحروب القبلية والمناطقية في ظل غياب هيبة الدولة ووجود سيولة أمنية.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،،