سيول وفيضانات .. كوارث مستمرة ماذا يقول أهل العلم والدراية؟
كتب: محيي الدين شجر 10 أغسطس 2022م
في كل عام، ومع دخول فصل الخريف، تتعرَّض العاصمة وضواحيها وأجزاء كبيرة من الشريط النيلي، لسيول وأمطار وفيضانات، تحدث خراباً شديداً في البُنى التحتية للمدن والطرق القومية، وتجرف و تهدم المنازل والأثاثات والحيوانات، وغيرها.
ولأن موسم الأمطار يتزامن مع موسم فيضان النيل، فكثيراً ما يجد الناس أنفسهم محاصرين بمياه الفيضانات ومياه السيول ومياه الأمطار من فوقهم، فيصيرون في وضع لا يحسد ون عليه، ولا تنفعهم صرخات الدولة تطلب الإغاثة التي تأتي كل عام من دول الخليج ودولة مصر الشقيقة، فلا يجدون فيها خيمة، ولا غذاء ولا دواء، ويدور السؤال أين نصبت خيام إغاثة العام الماضي؟
كيف يمكن مجابهة السيول التي تضرب العاصمة كل عام، وهل يمكن التنبؤ بها، وهل ستظل العاصمة معرَّضة للخراب إلى يوم القيامة؟
(الصيحة) حملت الأسئلة الحائرة للجهات ذات الصلات العلمية وخرجت بالإجابات التالية:
خُرط طبوغرافية
قال السيد عبد الهادي إبراهيم الحسن، خبير الزلازل والبرمجيات:
توجد في عاصمة السودان، وبعض المدن، خرط طبوغرافية بمختلف مقاييس الرسم، تغطي كل مساحة سودان ما قبل الانفصال، وتغطي حتى داخل حدود الدول المجاورة للسودان.
هذه الخرط توضح كل الهضاب والجبال التي ينزل عليها المطر، ومن ثم كل الخيران والوديان والسهول الفيضية، التي تنحدر منها، لتصب في المنطقة المعينة.
وقال لـ (الصيحة): توجد كذلك صور جوية لنفس الأغراض، وصور الأقمار الاصطناعية لتحديد مناطق التجمع و طرق الجريان والاستفادة منها.
رصد فلكي
فيما ذكر عمار سيد أحمد، مدير سابق بوزارة المعادن أنه بفضل العلوم صار الرصد الفلكي لأصغر الملمين به، عبارة عن إنذار مبكِّر للكوارث المناخية، فالسيول والفيضانات زمنها معروف، ذلك أن مطر الفواصل وسيوله يكون في شهري أبريل ومايو، ونوء النترة والطرفة، بين آخر شهر يوليو، ومنتصف شهر أغسطس، وقمة الفيضان في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر وما أسهل معرفتها، حتى لا يتفاجأ المسؤولون.
وأضاف في حديثه لـ(الصيحة): إن كل السيول على الشريط النيلي معروف مصدرها والخيران التي تنقلها، والخيران ثلاثة أنواع، أولها: خور مرحلة الصبا و التكوين، وثانيها: خور مرحلة الشباب، و ثالثها: خور مرحلة الكهولة، وهو الذي يمثل كل الخيران التي تسبب الكوارث.
وقال: إن الخور في مرحلة الكهولة يكون قد بلغ عمره نهايته واتخذ له مجرى معروف العمق والعرض، وقوة الدفع للمياه ولا يستطيع الماء
أن يحفر في العمق أو الأطراف، فإذا تم اعتراضه، يبحث عن أسهل الطرق لتحويل مجراه دون تعب .
وأضاف قائلاً: يمكن تحويل بعض مجاري الخيران البعيدة لمسارات سهلة بعيدة عن تجمعات السكن والمرافق العامة بالعاصمة.
حصاد المياه
أما الدكتور ياسر إبراهيم علي، أستاذ الجيوفيزياء بجامعة البحر الأحمر و جامعة ماليزيا، قال (الصيحة): يمكن الاستفادة من مياه الأمطار والسيول في حصاد المياه وحل ضائقة المياه بولاية الخرطوم بعد دراسة لها ثلاثة محاور: السدود السطحية إذا كانت التضاريس والجيلوجيا تسمح بعمل ذلك، وتكون تخزينية ثم الحفاير لدرء الفيضان إذا كانت التربة غير منفذة والتخزين تحت السطحي إذا وجدت خزانات جوفية تغذيتها .
وقال يمكن الاستفادة من تجارب دول مثل: هولندا، بتخزين المياه تحت سطح الأرض ثم سحبها مرة أخرى للسطح
وبحسب تقييم المخاطر يقول ياسر: يمكن اتخاذ بضعة إجراءات للتعامل مع الفيضانات، ففي بعض المناطق تجهز مناطق تعرف بالسهول الفيضية والتي يُمكن توجيه مياه الفيضان إليها بدلاً من أن تفيض في مناطق سكنية، وكذلك خطوات أخرى مثل تطوير شبكات قائمة على فصل مياه الصرف الصحي، بحيث تبقى مياه الصرف الصحي منفصلة عن مياه الأمطار التي يُمكن أن تجري نحو أي مصب بصورة مباشرة دون الحاجة إلى أي معالجة، وأضاف: الحقيقة أن قائمة الإجراءات الوقائية طويلة جداً، ولكن أفضل إجراء لتقليل مخاطر الفيضانات هو التقليل من حجم الوجود البشري والنشاط البشري في تلك المناطق، ولذلك لا بد من وجود محطات رصد جوي محترفة تُخّبر المواطنين بتوقيت حصول الفيضان في أسرع وقت ممكن.
رفع الوعي
المهندس يوسف شليعة، أشار إلى الإجراءات اللازمة لتجنب مخاطر السيول، وقال لـ(الصيحة): إن على الدولة أن تعمل على تحديث أنظمة الإنذار المبكِّر بغرض التنبيه من إمكانية حدوث سيول خلال فترة زمنية كافية لاتخاذ الإجراءات المناسبة وطالبها برفع ما يعيق مجاري السيول وشبكات التصريف الصحي وعمل الصيانة اللازمة، إضافة إلى رفع وعي المجتمع عن كيفية التصرُّف بمسؤولية في حالات الأمطار الغزيرة بالابتعاد عن مجاري السيول والانتباه في حالات الأمطار الغزيرة والابتعاد عن البقاء تحت أسقف المنازل المبنية بالطين والجدران المهترئة.