الخرطوم- الصيحة
بعد عام ونصف من انخراط الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة فولكر بيرتس، في مهامه بالسودان، أخيراً أدرك بما لايدع مجالاً للشك أن الوقت آخذ في النفاد وليس في صالح السودان، وأن حالة الانسداد السياسي ستؤدي إلى خسارة في المكاسب الوطنية التي تحقّقت، وأن هذا الوضع يحُد من مقدرته لمساعدة السودان في دعم الاستقرار والتنمية والسلام.
يبدو أن المشهد بات خارج دائرة السيطرة، وأن الضوء الشارد في نهاية النفق ما جعل فولكر بيرتس يصرخ من الخرطوم، بعد ما ذهب رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك مختبئاً خلف صمته عقب أحداث 25 اكتوبر الماضي، هو المهندس الحقيقي الذي جاء بهذه البعثة بعد موافقة مجلس الأمن الدولي على طلبه بالقرار (2524) في يونيو 2020م تاركاً الساحة السياسية المعقّدة يزأر فيها فولكر.
ويرى الخبراء أن البعثات الأممية دائماً تقوم بطرح المبادرات ما بعد الحرب وتعمل لتحقيق التنمية المستدامة والاستقرار، لكن فولكر فشل في تقديم حاجة ملموسة لشعب السودان خلال العام ونصف سوى الحديث، بل ساهم في تفاقم الوضع السياسي المضطرب وأجّج الصراع بين القوى السياسية الحزبية، مما يؤكد أنه عجز في تنفيذ المهام التي أوكلت إليه وما زاد الطين بلة اعترافه بلسانه أن الوضع الحالي يحد من مقدرته على مساعدة السودان ولا يستطيع عمل شئ، يجب أن يقدِّم استقالته ويغادر الخرطوم من دون صراخ.
ويجزم الخبراء أن إعلان فولكر بأن الوضع الحالي لا يمكّنه مساعدة السودان وهو في حاجة ماسة إلى إنقاذ من الأمم المتحدة قبل انهيار المعبد على رأسه، يكشف أن هنالك سينايوهات جديدة ستحدث في السودان خلال الأيام القادمات، الأمر الذي يترجم مقولة الفيلسوف اليوناني سقراط لتلاميذه “أنت تختبئ خلف كلماتك” تحدث حتى أراك، فطلب حمدوك من الأمم المتحدة بتعيين بعثة سياسية تحت البند السادس خلفاً لبعثة يوناميد لم يأتِ من فراغ وسيدخل البلاد تحت بند الوصاية الدولية خاصةً بعد صراخ فولكر.
كان حمدوك يتطلّع إلى أن يقود تلك البعثة جان كريستوفر الدبلوماسي الفرنسي المقرّب من صديقه ماكرون، لكنه لم يكن أوفر حظاً حيث تضافرت جهود خلف دهاليز المنظمة الدولية والتي أفضت لاختيار فولكر بيرتس الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان العائد من عمق الأزمة السورية بكل اخفاقات لا يملك خارطة طريق لتلك البعثة.
ولا ننسى أن الذين يقفون الآن وبصلابة خلف فولكر قالوا من قبل إن بعثة فولكر ما هي إلّا بعثة سياسية مسنودة بالعملاء ورجال السفارات وجيش من الاستخبارات بقيادة حمدوك، وأن حمدوك طبق الأصل من حامد كرزاي الأفغاني.. لقد فشلت هذه البعثة السياسية في ليبيريا واليمن والعراق وسوريا وبورما فما الذي تفعله في السودان؟.
الآن أدرك فولكر أنه يجلس على صفيح ساخن وبدأ يصرخ ويطلب النجاة من الأمم المتحدة بالرغم من أنه كان يتعامل مع المسرح السياسي السوداني باستعلاء بائن، وعليه فهو لم يقدِّم مبادرة ولكنه قام بجمع كافة المبادرات ذات الإرث السياسي السوداني كخارطة طريق لحل المشكل السوداني، لكنه فشل حينما جمع بين الضحايا والجلاد متجاوزاً مبدأ العدالة.