“وقلبي مُكَجِّن النّاس السَّوا وبتنقروا”
أعزائي في القِوى السِّياسيّة والحُرية والتّغيير والمجلس العسكري الانتقالي، وإخوتي من الفلول، ألم يَانِ لنا أن نستريح.. تَستحق بلادنا وشعبنا أن نبذل جهداً آخر من أجل أن نجتاز ذلك الانتظار المُمل والذي نعلم جميعاً أنه لن يأتي بخيرٍ ما دُمنا على تلك الطريقة الدائرية في المُمارسة والتّفكير.. لعبةٌ سَمجةٌ وطريقٌ لا يؤدي إلى مكانٍ، بينما ندفع طواعيةً مَهر تلك المُراوحة ثمناً غالياً ونفيساً وهو الوقت والدماء في مُغامرةٍ جماعيةٍ داميةٍ لا يستفيد منها أحدٌ حتّى (طه) نفسه.
نفس القصص يرويها ذات الأشخاص عن تلاعُب نجوم الفريق (أ) بالفريق (ب) (وبستفة) رأس حربة (ب) بثيردباك (أ) محل جدل وسِجِالٍ لا ينتهي، بينما تُعلن لوحة الإسكور (النتيجة) بأنّ التعادل المُخيِّب للآمال ما زال سيّد الموقف والنتيجة.. والكورة يا سادة أقوان.
أهداف بيضاء كثيرة أُحرزت مُعلنةً فشلنا في تكوين وإدارة إرادتنا.. لنهدر وقتنا ودماءنا ونهديهما إلى رايات التّسلُّل وصافرات المُخاشنة واللعب على الأجساد، ثم نهتف سراً (لا كورة لا أخلاق).!
الخرطوم يحبطها الآن، إنّ المصير الذي ينتظرها لم تفعل إزاءه شيئاً.. لم تتحرّك حتى للإفصاح عن ذاتها المُتعبة، بل حتى لم تَسنح لها فُرصة إنتاج ما يصلح من أفكارٍ وآراءٍ.. كل المُتوفّر الآن بعضٌ من الطلاسم والطلس و(المِحَايات) و(المُحاصَصَات) التي لا تنتمي لأزماتنا ولا تُخاطبها إلا باتّجاه تعقيدها بدلاً من حلِّها ومُعالجتها، فهل سينتهي كل هذا الجُنُون العارم، وما الذي تحتاجه أمتنا لاجتياز هذا الانتقال العصي والبعيد على سهولته وإمكان إنجازه إن تجاوزنا شُح النفس وانحزنا إلى ضمائرنا وتجاوزنا تلك الجُيُوب التي لا تُحسن سوى الفتنة فلا تبكي دماؤنا، ولا يحزنها افتقارنا، ولا يقتلها عجزنا عن التّمام؟! أين من محافلنا ذيّاك البريق الذي يفلح في (فض) كل ذلك الزبد والغثاء، فننتج دولتنا المدنية دُون أن نبتذلها في (قميص عامر قحت)، وأن نحترم العسكري الانتقالي ونذهب معه رفقة ومُنادمة في مُشوار الانتقال الذي يبدأ بـ(إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما).. ولكن التسيُّد لمفهوم (الأغيار) وارتفاع نبرة الاغتيال السِّياسي والمُغالاة في طلب (الخلوص) سيعيدنا من حيث البدايات إلى نهايات عبثية لا يرضاها الجميع.
أرجو أن تثور الخرطوم على صَمت قادة الرأي فيها، وأن تعيد لمنابرها تلك الحيوية المفقودة لتأتي الحلول مُتّقدةً وأصيلةً وقادرةً على النفاذ والإنقاذ.
وإلا فإلى من (نكل أنفسنا)..؟
إلى بعيدٍ يتجهّمنا أم إلى عدوٍّ تَمَلّك أمرنا..؟