سعد عبدالرحمن بحر الدين سلطان دار مساليت لـ(الصيحة): نستحق الحكم الذاتي ومن حقنا تنفيذ اتفاق عام 1819م إذا رأينا ذلك
حوار: محيي الدين شجر 7 أغسطس 2022م
قال سعد عبد الرحمن بحر الدين، سلطان عموم دار مساليت بغرب دارفور إنه غير متشائم من الأزمة السودانية الحالية ومؤمن بأنها ستجد الحل في القريب العاجل، وقال في حوار أجرته معه (الصيحة) بداره بالجنينة بولاية غرب دارفور، إن الأوضاع بدأت تهدأ بالولاية وذكر الأسباب الحقيقية للصراع بدارفور، وقال: إن دار مساليت تستحق الحكم الذاتي مثلها والنيل الأزرق وغيرها من المناطق، وأوضح أن المشاكل التي اندلعت بجبل مون لها علاقة بالذهب.
وقال: إن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان لم يكن موفقاً حينما أعلن انسحاب القوات المسلحة من الحوار في السودان، مبيِّناً أن الأحزاب تركز على مصالحها الشخصية ولا تهتم بمصلحة الوطن العليا، موضحاً أن تمدد الصراعات بدارفور بسبب ضعف هيبة الدولة.
وذكر أن حاكم إقليم دارفور مناوي لم يقدِّم شيئاً في سبيل تنفيذ اتفاق السلام، كما رأى أن أداء والي غرب دارفور أقل من المقبول، وكشف السلطان عن كثير من القضايا تطالعونها في سياق الحوار التالي:-
-أنت رئيس سلطة انتقالية سابق وسلطان وابن سلطان كيف تنظر إلى حال الأزمة التي تضرب السودان وكيف الخروج منها؟
حقيقة الأزمات بدأت تتلاحق على السودان وهي مقدَّرة أن تكون وهذه الأزمات نتجت من المتباينات الكبيرة بين المكوِّنات السياسية والمجتمعية وضعف هيبة الدولة والفقر الذي يعم (90%) من الشعب السوداني، ثم الجهل وظروف الطبيعة وكل هذه العوامل مجتمعة أدت إلى الشكل الذي يعيشه السودان الآن وللخروج منها لابد أن الدولة تضطلع بدورها والمواطن كذلك يقوم بما يليه والأحزاب السياسية والقوى عليها أن تنشغل بأمر الوطن دون النعرة الحزبية، وحقيقة أنا غير متشائهم ومتفائل أن الأمر سيستقيم والتعافي بدأ يدب وقبول الآخر بدأ يسود، ونحن في دارفور نؤكد أن شكلنا سيختلف ابتداءً من الجنينة ومروراً بالإقليم مما يساهم في تعافي الدولة السودانية وكل ذلك سيقودنا إلى سياسة حكيمة وتدابير دولة تضع لمصلحة المواطن وتنميته وترقيته، إضافة إلى ذلك أرى أن سياستنا الخارجية لها دور كذلك فيما يحدث رغم الارتجال والتنازل الكبيير، والحمد لله هنالك تنازل لكن لم يصل إلى التنازل عن سيادة الدولة وأصبح القائمون على أمر الدولة يقومون بدور إيجابي لتحسين علاقتنا الخارجية وما نحن فيه الآن يستحق أن تتضافر فيه كل الجهود بالإنتاج والإنتاجية وقبول الآخر والتعايش السلمي وبالحوار والتفاوض، وإذا حصل التوافق لابد أن يكون هنالك جسم يرعاه، هو الدولة .
-قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان أعلن خروج الجيش من العملية التفاوضية في السودان وترك للأحزاب أن تتفق وتكوَّن حكومتها مارأيك؟
الأحزاب الآن ليست هي الأحزاب المسؤولة، لأن شكل الحوار وبرامجهم غير واضحة وهي لا تدعو إلى نهضة الدولة والوطن وأراها تجري وراء مصالحها الضيِّقة وتمكين أفرادها، صحيح الجيش انسحب لكن انسحابه في تقديري غير مبرَّر لأن الجيش هو حامي الوطن وحامي دستور الدولة وهو الملاذ لكل مواطن في أي دولة ولهذا أرى أن انسحابه لم يكن موفقاً ودعوتنا أننا لا نريد حكماً عسكرياً دكتاتورياً، نحن نحتاج إلى الجيش وصولاً إلى حكم ديموقراطي وتوفير حياة كريمة للمواطنين لأن (90%) من الشعب السوداني تحت خط الفقر والمواطن يحتاج إلى حكومة فاعلة تسانده في قضاياه، ومع ذلك نجد أن كثيرين يريدون أن يكونوا سياسيين وقياديين والمرحلة الآن ليست مرحلة أن نطلق العنان للأحزاب، أنا شخصياً لا مانع لي من أن يحكم الجيش ولقد عايشنا نميري وكان رجلاً قوياً وعايشنا عمر البشيرو كان رجلاً قوياً ولا زلنا في مجتمع متخلِّف يحتاج أن لا تترك الأحزاب وحدها لتقرر في أمر السودان.
-أنت من أوائل الذين باركوا اتفاق السلام وشاركوا فيه فهل حقق أهدافه؟
كنا نحتاج إلى سلام جوبا ودعمنا أمر السلام وساهمنا في السلام، لكن للأسف الشديد جاء السلام بدون راعي على خلاف سلام الدوحة الذي كانت دولة قطر ترعاه ودعمته ونفذت كثيراً من بنوده واتفاقاته ولعدم وجود ضامن، سلام جوبا لم يخط إلا سنتمترات، هنالك بنود وفقرات تم الاتفاق عليها لم تجد النور وكل ما تحقق كان في تنصيب قيادات الحركات فقط في المناصب، ولهذا أقول سلام جوبا لابد أن تلتفت إليه الدولة لأنه سيصبح مهدِّداً أمنياً لدارفور وللدولة .
-كيف تنظر للجهود التي بذلها نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، في دارفور؟
نشكرالسيد النائب على جهوده الحثيثة التي قام بها وتكللت بعدد خمس مصالحات، مهمة جداً، صحيح أنه أقر بأنهم أهملوا دارفور في البداية، ولكن ما قدَّمه في الجنينة سينسحب لكل دارفور وهو عمل كبير وجهد مقدَّر والمصالحات أثرها ظهر وكنا نعيش في وضع غير الذي تعيشه فيه الآن، لقد كان متابعاً لكل صغيرة وكبيرة بما في ذلك تعليماته الصارمة للأجهزة الأمنية التي كانت فيها محسوبية، وحينما أقول محسوبية أقصد محسوبية بعض أفراد المؤسسة العسكرية ولقد ظهرت تلك المحسوبية في أحداث كرينك التي قتل فيها (201) شخص، على الرقم من وجود قوة معتبرة بأسلحة ثقيلة وأفراد لم يصب منهم عسكري واحد في الوقت الذي مات فيه نساء وأطفال ومعلمين، كانت هنالك محسوبية والنائب واجه المحسوبية، ونسأل الله أن يمكننا أن نتحدَّث عن مؤسساتنا العسكرية بشكل إيجابي لتقوم بدور إيجابي .
-اللاعبون الأساسيون بدارفور أركو مناوي والطاهر حجر والهادي إدريس هل هم قادرون على حل مشكلات دارفور وتنفيذ اتفاق السلام؟
لم أر لهم دور كبير، والسيد مني هو حاكم دارفور ويليه تنفيذ اتفاق جوبا وهو الرجل الأول ويفترض أن ينفذه، ولكن حتى الآن لم نسمع ولم نشاهد أي خطوة له لماذا؟ لا ندري، والطاهر حجر كذلك هو عضو مجلس سيادي ومن موقعه كان ينبغي أن يتابع، لكن لا أدري لماذا لم يفعل شيئاً ملموساً ؟
-لايزال النازحون في المعسكرت، ويعني ذلك أن هنالك مشكلة فكيف تنظر إلى قضية المعسكرات تلك؟
الحرب توقفت وأفرزت مجتمعاً أخطر من الحرب ذاتها، الأهل قضوا 15 سنة، في المعسكرات في سجون مغلقة واختلطوا بثقافات مختلفة ونتج في ظل الظروف الحياتية الضاغطة جيل حرم من التعليم ومن ضروريات الحياة وحرم من شخص يرعاه وحرم من دولة تحميه تراكمت في نفوس جيل المعسكرات مرارات كثيرة.
ونحن إدارة أهلية لنا دور يفترض نقوم به، صحيح ليس لنا المعينات التي تساهم في منع الجريمة ولا نملك المال لنضخ به خدمات وضروريات للناس وهي قضية الدولة، ولكننا أدرنا حوارات عميقة مع كل معينات النازحين وآخر مبادرة كانت مبادرة السلطان التي دعت الناس في معسكر كرينك ومعسكر أبو ذر ومعسكر الجبل للتسامي فوق الجراحات، ولقد استجابوا للمبادرة وعندهم مطلوبات حصرناها واعتقد أننا إدارة أهلية قمنا بخلق إرادة وسطهم بأن يعودوا إلى قراهم القديمة واعتقد أن هنالك مطلوبات لابد أن تتوفر والكُرة الآن في ملعب الحكومة، نحن صنعنا إرادة تدعو للتسامح والتعايش وعلى الحكومة أن تنفذ مطلوباتهم.
-ماهو بُعد النزاع بدارفور هل هو نزاع قبلي؟
النزاع أصلاً نزاع قبلي أو صراع على الأرض ونتاج لجهل موجود ونتاج لضعف أجهزة الدولة الأمنية نزاع بين فرد وفرد ويتطوَّر والقبيلة بعد ذلك تتبنى أمر المقتول ثم تدافع عن نفسها ويعم الصراع كل القبيلة وأغلبه محصور على أطماع .
-من أشعل الحرب في جبل مون وصليحة وكرينك؟
الصراع دار بين المسيرية جبل وهم أصحاب المنطقة وأولاد زيد بطن من القبائل العربية ونحن في دار مساليت لنا إرث أنه يمكن لأي قبيلة أن تعيش في دارنا وتكون لا تملك رقعة زراعية تزرع وتستفيد وتستغل الموارد بشرط الالتزام بالأعراف المعروفة، وحقيقة جبل مون فيه كثير من الكنوز والمعادن وربط البعض المشكلة التي اندلعت بسبب كنوزه ولقد زاره مسؤول تعدين بالولاية وذكر أن الذهب بجبل مون يعادل ذهب السودان كله والمشكلات القبلية التي حدثت كانت بسبب تحريض تم من جهات بقصد تهجيرهم ومن ثم استغلال ذهبه.
-ماهي هذه الجهات؟
إذا عرفناها سنقولها بصراحة لأننا لا نخاف من أي شخص.
-هل يعني هذا أن الذهب كان هو سبب الصراع؟
نعم، سببه الذهب، وأنا أؤكد ذلك، نعم الجبل، يقال إن فيه ذهب بكميات كبيرة وفيه يورانيوم وموارد نفيسة كثيرة.
-ماذا عن مشكلة كرينك؟
كرينك مشكلة قبلية ونتاج لسرقة ومجرم وجريمة، وتكرَّرت السرقات والاعتداءات بين الطرفين وكان هنالك موقف حرَّك الناس موقف فيه كثير من القساوة ولا إنسانية نتجت منه المشكلة الأخيرة والدولة كانت حاضرة لكن غائبة 33 عربة، واقفة بالدوشكا، وانسحبت وتركت المعركة دائرة وبدأت الأزمة حين اعتدت مجموعة من أهلي على اثنين من الرعاة وقتلوا، وأنا حتى الرابعة صباحاً كنت متابع لتلافي التطوُّرات ولكن تطوَّر الأمر بعد ذلك وحدث ما حدث .
-والي غرب دارفور من المساليت ومن الموقعين على اتفاق سلام جوبا كيف تقيِّم أداؤه؟
خميس، جاء في ظروف صعبة منعته من تحقيق أي خطوة للأمام تسلم الولاية في ظل إمكانات ضعيفة وتجربته ضعيفة أيضاً لم يمارس العمل التنفيذي من قبل، الآن أداؤه غير مقبول في ظل انعدام المعينات.
-حدثنا عن دار مساليت؟
سلطنة دار مساليت تختلف عن كثير من الإدارات الأهلية في السودان هي سلطنة دار تضم 42 قبيلة، قبائل مستقرة وقبائل غير مستقرة، وهذا نتاج طبيعي لسياسة الأجداد والآباء بالتساوي ويعدلوا بين الناس بالتساوي ويتحدثوا بلسان الناس بالتساوي ونتج هذا التدافع لهذه السلطنة التي نمت وتطوَّرت بشكل متسارع في السنين الأخيرة، هذه السلطنة نحسب أنها الوحيدة التي انضمت لدولة السودان حديثاً باتفاق قلاني 1919م، بعد أن قاد المساليت معركة دروتي وكرندة وانتصر المساليت على فرنسا التي كانت إمبراطورية وقتها لم تكن هنالك دولة مستقلة، كانت سلطنة مستقلة تقع بين سلطنة الفور وسلطنة وداي.
هذه السلطنة لم يحفظوا تاريخها وعندها أدوار قامت بها وانضمت للسودان باتفاق موجود .
-هل الاتفاق ساري حتى الآن؟
الاتفاق يقول بعد فترة زمنية محدَّدة إذا رأى السلطان ومنسوبيه أن الاتفاق انتهى يقرِّر بشأنها يقيم دولة يقيم إقليم، لكن للأسف الشديد التاريخ انتهى، لكن هذا لا يمنع أن أطالب ببعض التمييز، وولاية غرب دارفور تستحق حكم ذاتي مثلها والدمازين وجبال النوبة وهذا الاتفاق بالضرورة يصبح ملزماً لأنه كان بين شبه دولة ودولتين عظميتين بريطانيا وفرنسا ووقتها قرَّر السلطان أن ينضم للسودان ويعوِّض الفرنسيين بـ(70) كيلو، للفرنسيين أشهرها مدينة أدري وهي تتبع لسلطنة دار مساليت امتداها لتشاد أكبر من السودان.
-هل هنالك مفتاح يسلِّمه السلطان لأي مسؤول زائر للسلطنة موافقاً له بدخولها؟
كان موجوداً بالفعل، ولكن حصل تطوُّر في شكل الحكم ومشغوليات كثيرة حالت دون أن يكون السلطان في وضعه السابق، حيث كان لا يدخلها زائر إلا بإذن من السلطان ولا يتحرَّك إلا بإذن من السلطان، وكانت الاستجابة من المنسوبين في السلطنة أن أي أمر يكون بإذن السلطان .
-ماذا عن المقتنيات التاريخية للسلطنة؟
كل المقتنيات التاريخية الأثرية التي كنا وضعناها بمتحف بالولاية أهملت واتضح أن المتحف كان مفتوحاً وتمت سرقة مقتنيات السلطنة الأثرية، وأنا هنا أطالب من قام بسرقتها بأن يقوم بإعادتها، لأنها أثرية بدلاً من إهمالها والتسبب في ضياعها.
-كثير من الأسر ابتعثت أولادها خارج السودان وتردَّد أن أبناء السلطان -أيضاً- هم خارج السودان؟
أولادي بالخرطوم منذ 2014م، نسبة لوجود النازحين في كل بيوتنا بغرب دارفور ولم يغادروا خارج السودان.
-الصراع بين العرب والمساليت هل هو صراع شخصي؟
الصراع مصطنع ويجب أن يبتعد السياسيون والآن في الريف نجد أن العرب والمساليت متعايشين، لكن في المدن وأشباه المدن نسمع كلاماً كثيراً عن خلافات وربنا يهدي السياسيين وربنا يهدينا نحن في الإدارة الأهلية ويحفظ البلاد من الفتن.
-رسالة أخيرة؟
رسالتي لكل الناس أن الأمر بدأ يستقر بدارفور ونحتاج إلى جهد وفكر من كل المستنيرين بأن يساهموا بأفكارهم وعقولهم لنعيد هذه السلطنة والولاية إلى أمجادها، ندعوهم للالتفاف حول أي رؤية أو مبادرة بغض النظر عن انتماءاتهم ينتموا لهذه المنطقة التي رضعوا من ثديها.