6 أغسطس 2022م
noradin@msn.com
التقيت به أول مرة وأنا على سفر من بورسودان إلى الخرطوم بقطار السكة الحديد – رد الله عافيته – كان في ذات القطار الفنان الكبير محمد وردي عليه رحمة الله، لكنني لم أربط بينهما في ذلك الوقت، إلى أن علمت فيما بعدأن وردي قد أقنعه بالمجئ للخرطوم حيث الإذاعة والأضواء.
*لا أنسى مشهد الفنان محمد وردي وهو يغني بجلبابه حاسر الرأس للركاب ولبعض مستقبلي القطار في المحطات عند توقفه بها، لكنني كما ذكرت لم أكن أعرف حتى اسم ذلك الراكب الذي لمع نجمه فيما بعد، وأصبح من الرموز الموسيقية السودانية.
*أصبح رقماً لا يستهان به في أوكسترا الإذاعة السودانية قبل أن ينشئ فرقته الماسية للموسيقى، وظل حضوراً فنياً جميلاً خلف غالب الفنانين والفنانات، صال وجال داخل السودان وخارجه وهو يحمل الكمان الذي لايفارقه في جوقة الموسيقيين.
*بدأ حياته الفنية حيث ولد بمدينة بورسودان، وكعادة غالب الشباب بدأ تعلم العزف بالصفارة، قبل أن ينتقل للعزف على العود، لكنه وجد نفسه في الكمان أو الكمنجة كما يحلو للبعض هذا الاسم.
*بدأ حياته الفنية عازفاً تحت التمرين بأوكسترا الإذاعة السودانية تحت إشراف الأب الروحي للأوكسترا في ذلك الوقت
الموسيقار مصطفى كامل الذي كان أستاذاً بالبعثة التعليمية المصرية، وكان صاحبنا في تلك الفترة يستمع إلى الألحان العربية في إذاعة “صوت العرب” وفي الأفلام السينمائية العربية.
*أول مواجهة له للجمهور كانت في بورسودان عبر مشاركته في احتفال أقيم بمناسبة “شم النسيم”عندما طلب منه أحد المطربين أن يشارك بالعزف في فرقته أغنية الفنان العربي الكبير فريد الأطرش “بنادي عليك”.
*ساهمت الحفلات الغنائية التي كان يقيمها كبار الفنانين الذين يزورون بورتسودان في تعلقه بالفن وحبه للموسيقى، إلى أن أصبح يعمل مع كبار الموسيقيين أمثال عبد الفتاح الله جابو وعبد الله عربي وموسى محمد إبراهيم وغيرهم من أساطين الموسيقى السودانية.
*لم يترك مقعده وسط جوقة الموسيقيين إلا عندما أقعده المرض، وكان غيابه عن برنامج “أغاني وأغاني” الذي يعده ويقدِّمه الفنان الشامل السر أحمد قدور في شهر رمضان المبارك من كل عام، واضحاً هذا العام، افتقدنا حضوره الفني الجميل وابتسامته التي كانت تعبِّر عن طربه وإعجابه بأداء الفنان، خاصة من جيل الشباب والشابات وهم/ن يؤدون الأغاني السودانية العتيقة.
* رحم الله فقيد الفن والسودان سلطان الكمان محمد عبد الله محمد أبكر الشهير بـ”محمدية”، الذي أسهم في إمتاعنا وإمتاع كل السودانيين وغيرهم من عشاق الموسيقى لأكثر من نصف قرن من الزمان، قبل أن يرحل عن هذه الفانية في يوم من شهر رمضان المبارك قبل أعوام، محفوفاً بمحبة الناس ودعائهم له أن يتغمده الله بواسع رحمته وأن يلهم آله وذويه وزملائه الموسيقيين وكل محبي فنه الصبر وحسن العزاء.