5 أغسطس 2022م
عندما كنا بالجامعة كانت فرقة (الجو الرطب) لها عمل بذات العنوان تحتوي بداية العمل على سؤال جوهري يقول -:
لماذا يمتحنونناااااااا؟ ثم يصمت قليلاً على طريقة (الشيخ كشك)، رحمه الله.
ويضع لهذا السؤال إجابات ساخرة جداً ومنها مثلاً :-
هل نحن حرامية؟!!!!!!
أم لكشف عيوبنا؟ ثم صمت أطول على طريقة (كشك) ثم يأتي بعدها صوتاً قوياً غاضباً، ألا تدرون أن من كشف عيب أخيه كشف الله عيبه، فينفجر الجمهور ضاحكاً، وهكذا
قفز إلى ذهني هذا العمل (الحلمنتيشي) وأنا أتابع امتحانات مرحلة الأساس وما قبلها إلى إعلان النتيجة والمؤتمر الصحفي، وأتساءل هل طرحت وزارة التربية والتعليم سؤالاً (الجو الرطب) على نفسها وحدَّدت لماذا تمتحن الطلاب؟
وما هو الهدف من ذلك؟
لا اعتقد أني سوف أجد إجابة شافية لذلك ونتيجة الامتحان نفسها توضح ما أريد معرفته.
فليس من المقبول أو المعقول أن يشترك عشرات الطلاب في المركز الأول والثاني والثالث وغيره ليتحوَّل العشرة الأوائل إلى مئات والمئة الأوائل إلى آلاف… وهكذا………
مما يدل على أن هناك خلل كبير في هذه الامتحانات وأن أسلوبها لا يستطيع التمييز بين مئة تلميذ في مرحلة الأساس والنتيجة هي اشتراكهم في المراكز المتقدِّمة.
والأمر الأغرب أن إدارة الامتحانات تعلم تمام العلم أن طلابها لا يجيدون (القراءة والكتابة) لذلك تعمد لخلق امتحانات لا تعتمد أجوبتها على الكتابة إطلاقاً وتضع أسئلة الغرض منها حصول أكبر عدد من التلاميذ على إجابات صحيحة لرفع نسبة النجاح وبيان نتيجة (كذوبة) تؤكد أن العملية (التربوية والتعليمية) ما زالت بخير وهذه أكبر (أكذوبة) في تاريخ السودان الحديث، ويتضح ذلك جلياً في مخرجات العملية (التربوية والتعليمية) ويدخل الجامعات طلاب لا يجيدون (القراءة والكتابة) ويتخرَّجون فيها بذات المستوى.
وتعتمد الامتحانات في الغالب على الأسئلة الاختيارية التي ترتكز على وجود إجابة صحيحة واحدة بين عدة إجابات Multiple
Choice Questions
ولا أريد الخوض في تفاصيل هذا النوع من الأسئلة بأشكاله المختلفة والخلل الكبير به في ظل وجود مصالح ومدارس خاصة و(مراقبة فاكة) وعدم أمانة وتدهور مريع في مستوى القراءة والكتابة والتعليم العام والعالي.
ما حدث للتعليم في السودان يحتاج لمراجعات كبيرة وعميقة وتغيير جذري.
كان من المطالب التي أرادها (الجو الرطب) أن تكون المسافة بين الطالب والآخر ( شبر على الأكثر) تحقيقاً لمبدأ (حبيبي اكتب لي وأنا أكتب ليك) وقد تحقق أكثر من ذلك (فلا توجد كتابة أصلاً الآن) ويمكن بقلم واحد فقط أن يحل كل الفصل الامتحان في أقل من الزمن المحدَّد (والله جد)
في مثل هذه الأيام تنشط المدارس الخاصة في احتفاليات غريبة (متحرِّكة) (من بيت لي بيت) غناء وعرضة وتكاليف لكل الأطراف، الغرض الأساسي منها هو الدعاية لتلك المدارس التي تتسابق (للحظوة الطلابية) وللضحايا الجُدد.
نتوقع أن تنقرض المدارس الحكومية في السنوات القادمة، ولا ندري إلى متى هذا الإهمال وعدم الاهتمام بهذه المدارس.
وفي الختام تحية كبيرة (لجماعة الجو الرطب)
التي تحققت كل أمنياتها التي ما كانت تحلم أنها سوف تتنزل على أرض الواقع في يومٍ ما.
أما سوداني وخليك سوداني ورعاية المؤتمر الصحفي والمبالغ الطائلة التي تحصلت عليها من رسائل المجموع والتفاصيل فهذه قصة أخرى.
سلام