الدبلوماسية.. ملفات تنتظر تشكيل الحكومة
تقرير: هويدا حمزة
في صدر صفحتها الإخبارية أوردت “الصيحة” أمس شكوى من مصدر دبلوماسي حول الفراغ الدستوري وتأثيره على مسار العمل الخارجي، وحسب المصدر فإن سفارات مهمة كجنيف وبروكسل والقاهرة وأديس أبابا تمارس فيها الدبلوماسية متعددة الأطراف، ولا يوجد فيها رؤساء للبعثات الدبلوماسية إضافة لسفارات أخرى كواشنطون وبرلين، مبيناً أن معظم دول الجوار لا يوجد فيها سفراء ويتم تسيير العمل بواسطة قائم بالأعمال منها طرابلس والقاهرة كنموذج.
وقبل أن ندلف إلى الآثار المباشرة لغياب تشكيل الحكومة على العمل الخارجي وعلاقات السودان عموماً، علينا أن نتوقف عند (الدبلوماسية متعددة الأطراف) فيتناولها للصيحة بالشرح سفير السودان السابق لدى الاتحاد الأوربي نجيب الخير عبد الوهاب، فيوضح أنها دبلوماسية المنظمات، وهي التي يصدر قرارها بواسطة أطراف متعددة هم الأعضاء في المنظمة مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوربي والجامعة العربية …إلخ
سفراء الدولة العميقة
وحسب نجيب، فالعمل الدبلوماسي في السودان ما بعد 11 أبريل أصيب بحالة ربكة كبيرة، وحالة من عدم الانضباط، فمعظم الذين يتولون إدارة العمل الدبلوماسي في الخارج حالياً هم كوادر تم تعيينها سياسياً عبر سياسات التمكين، وظلت طيلة فترة الحراك الشعبي تدافع عن الرئيس السابق وتُناصب الثورة العداء، وحسب نجيب الخير، فإن ممارسات الدبلوماسية متعددة الأطراف انعكس في البيانات لممثلي الحكومة في الأمم المتحدة، وفي الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي بكل منابر الدبلوماسية متعددة الأطراف، وهذا الوضع يضر كثيراً بالثورة، ويهدد مكاسبها، ويمكن أن تُشكّل البعثات الدبلوماسية عبر الكوادر التابعة للنظام السابق الذين تم تعيينهم عبر سياسة التمكين.
ودعا نجيب الخير لضرورة الإسراع في تشكيل آلية تنفيذية سريعة مستمدة من الحكومة الجديدة تشرف على العمل الدبلوماسي بعد الثورة.
المجلس (حكومة)
تبدو تصريحات المصادر الدبلوماسية متضاربة حول هذا الفراغ على العمل الخارجي، فبينما تحدّث مصدر عن تأثير ملموس لتأخير تشكيل الحكومة على هذا الملف، استنطقت الصيحة مصدرًا دبلوماسياً آخر حول ذات الملف، فذكر أن المجلس العسكري الانتقالي وكل العالم يتعامل معه على هذا الأساس، وهنالك سفراء قدموا أوراق اعتمادهم لبعض الدول وأوراق الاعتماد يوقعها رئيس الدولة فقط، وتم اعتمادهم في الأسبوع الماضي ومنهم سفيرنا في عمّان عاصمة المملكة الأردنية السفير فضل عبد الله فضل، وهنالك سفراء آخرون حوالي اثنين أو ثلاثة أصدرت لهم أوراق اعتماد وقدموها لدول مختلفة وبدأوا في التحرك لممارسة أعمالهم، وهذا يعني أنه ليست هناك جهة لا تعترف بالمجلس العسكري، وفي العلاقات الدولية والدبلوماسية الأوضاع الانتقالية معروفة ومعترف بها كسلطة انتقالية لحين قيام انتخابات ولديها لوائحها وأسسها فلا أحد في العالم يريد أن يعيش بلد كالسودان بأهميته وموقعه الاستراتيجي فراغاً سياسياً، فالفراغ الدستوري مسألة مُزعِجة جداً عالمياً حسب محدثي الذي أضاف: (والحمد لله ليس لدينا فراغ دستوري بالمعنى الحرفي، فالسلطة السيادية موجودة، والمطلوب هو استكمال تشكيل الجهاز التنفيذي، وهي مسألة مهمة وعدم وجودها ينعكس سلبًا في أشكال عديدة.
لم يحدث
سألت مصدري: هل هناك سفراء قدموا أوراقهم لدول ورفضت اعتمادهم؟ فأجاب بالنفي، وقال إن اختيار السفير لدولة معينة يقوم على الترشيح، وطالما أن السفير وصل لدولة معينة، فهذا يعني أن الدولة اعتمدته ولم يرد للخارجية أي رفض لأي سفير من سفرائنا.
سألت محدثي : ولا حتى من الدول محور علاقات النظام السابق؟ فأجاب: (ليس هناك ما يسمى محاور، والحديث عن محاور ليس دقيقاً، والسودان مشارك في عاصفة الحزم منذ 2014 ومعروف من هو صاحب فكرة عاصفة الحزم، التمثيل الدبلوماسي غير مرتبط بنظام معين بل بمصالح البلد، ولا يقوم على المصالح الحزبية ومعظم العاملين بالعلاقات الخارجية دبلوماسيون مهنيون تدرجوا في سلم الوظيفة الدبلوماسية وبعضهم خدموا في أكثر من ثلاثة أنظمة).
4 فقط
مصدرنا ينفي حديث السفير نجيب الخير فيما يتعلق بإدارة العمل الدبلوماسي حالياً بواسطة كوادر الحكومة السابقة ويؤكد أن بعض السفراء الذين عينوا سياسياً تم إعفاؤهم وهم قلة إذا قارناهم بالعدد الكلي للسفارات والذي يبلغ حوالي 70 سفارة، إذ لا يتجاوزون العدد (4)، وأردف (في الولايات المتحدة الرئيس المنتخب هو الذي يقوم بتعيين السفراء ووجودهم يرتبط بوجود الرئيس المعني).
فراغ ليس له مثيل
في كل ثورة في العالم بما في ذلك الثورة السودانية كان للمؤسسة العسكرية وجود ملحوظ، وهناك 38 حدثاً في السودان منذ الاستقلال أحصاها السفير السابق والمحلل السياسي دكتور إبراهيم الكباشي كانت المؤسسة العسكرية محركه الأساسي أو خلايا تتحرك فيه تتحرك لخدمة فصيل أو حزب معين، لذك ليس هناك سبيل لإقصاء المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي، ولكنها تظل لأنها مستقلة وقومية وغير حزبية تضطلع برعاية وحماية فترة الانتقال القصيرة، لذلك لا أتفق مع من يقول بإقصاء المؤسسة العسكرية في هذه المرحلة، وهي ستنصرف بإدارة الديموقراطية عندما يختار الشعب من يمثله عبر صناديق الاقتراع .
الثورة بعد سقوط الحكومة تدخل شهرها الرابع، وهناك فراغ دستوري، ويقول الكباشي إنه لم يعرف في كل العالم فراغاً دستورياً كالذي يحدث الآن، وهذا التعنت من الجانبين ليس له تفسير، ويردف الكباشي (إذا كانت القوى السياسية المدنية تريد أن تستلم السلطة دون تفويض ديموقراطي قانوني دستوري، فلن يرضى السودانيون، وإذا كان العسكريون يظنون أنهم سينفردون بالسلطة إلى ما لا نهاية، فهذا لن يرضى عنه السودانيون أيضاً، الحل في حكومة انتقالية بكوادر مهنية لفترة محدودة، مهمة الفترة الإنتقالية تهيئة المناخ السياسي لانتخابات عامة بقانون انتخابات تتفرع منه انتخابات عامة مستقلة رغبة وطنية وأجنبية تفضي لحكومة منتخبة وليس هناك حل آخر، مطالباً بتشكيل حكومة لتسيير الحياة الضرورية والعلاقات الخارجية في الفترة الانتقالية المحدودة التي تقود لانتخابات عامة بالمواصفات أعلاه تفضي لحكومة منتخبة.