عرمان: الحركة ليست في أفضل أحوالها وتحتاج “تيار ثوري”
الخرطوم: الطيب محمد خير 3 اغسطس 2022م
وجه نائب رئيس الحركة الشعبية شمال ياسر عرمان انتقادات صريحة ومبطَّنة للحركة الشعبية ورئيسها مالك عقار.
قال عرمان في مقال بمناسبة الذكرى السابعة عشر لرحيل رئيس الحركة جون قرنق: إن الحركة ليست في أفضل أحوالها وتحتاج لبناء تيار ثوري يقف مع ثورة ديسمبر وأجندتها بلا تردد، ومع وحدة السودان القائمة على الحرية والسلام والعدالة والمواطنة بلا تمييز.
وشدَّد عرمان في مقاله إن السلام واتفاقية السلام تعني التغيير لا الحفاظ على القديم الذي لا يلد إلا الحروب، ونحتاج إلى ميلاد جديد ينحاز للشعب والفقراء والمهمشين والنساء بلا مواربة ولا يكرِّس القديم باسم السلام وثورة ديسمبر تقع في عمق مشروع الحركة الشعبية.
وظل نائب رئيس الحركة الشعبية شمال ياسر عرمان يرسل رسائل عبر تغريدات ومقالات ناقدة لمواقف الحركة الشعبية الشمال داخل الساحة السياسية، مبدياً مخاوفه من إمكانية حدوث تأثيرات سالبة على مستقبلها بسبب ازدواجية الإصطفاف بين رئيس الحركة الشعبية مالك عقار بقربه من المكوِّن العسكري الذي يشاركه السلطة في قمتها بينما يقف نائبه عرمان في ضفة قوى الحرية والتغيير المركزي المناوئة، ويرى عرمان أن موقفه في المكان الصحيح مع ثورة ديسمبر التي تمثل عمق مشروع الحركة الشعبية السودان الجديد والطريق الذي سيوصلها وليس الوصول للسلطة والمناصب و تكرس القديم باسم السلام الذي لا يلد إلا الحروب، وإنما لمشروعها السياسي السودان الجديد الذي ظلت تقاتل من أجله وهذا نقد مبطن لموقف رئيس الحركة مالك عقار الذي فضَّل الاستمرار في المنصب عقب قرارات 25 أكتوبر، الأمر الذي جعل موقف الحركة ضبابي بالتناقض بين موقف رئيسها مالك عقار ونائبه عرمان الذي دعا صراحة في هذا المقال إلى أن تنحاز الحركة إلى وقفه الرافض للاستمرار في السلطة عقب 25 أكتوبر، باسم السلام ومؤيد للحراك والتظاهر الذي يراه انحيازاً لرغبة الجماهير بقوله: نحتاج إلى ميلاد جديد ينحاز للشعب والفقراء والمهمشين والنساء بلا مواربة.
مناورة سياسية
اعتبر المحلِّل السياسي د.عبد الرحمن أبو خريس، حديث عرمان مناورة سياسية وتبادل أدوار بين عرمان وعقار لحفظ موقف الحركة المتأرجح بين الوجود في السلطة والمعارضة، بينما تجد رئيس الحركة في السلطة ونائبه في الطرف المعارض ضمن قوى الحرية والتغيير والثوار رغم هذا التباين لكن واضح أنهما متعايشان في هذه الأجواء ويديران أمورهما سويا.
وقال د. أبو خريس لـ(الصيحة): إن ما ورد في مقال عرمان من مطالبات بإصلاح الحركة لا تختلف عن موقفه السابق وتصريحاته التي ظل ينتقد فيها رئيسه وهو ممسك بخط أن تخرج الحركة بموقف قوى مؤيد للثوار في الشارع وبخطاب ثوري وإنها في حاجة لإصلاح وتجديد في موقفها، لكن هذا الحديث مؤكد لا يتم تداوله في مؤسسات وهياكل الحركة القيادية لأنه واضح مطالب غير مرحب بها، وإنما يقال في تصريحات في الهواء الطلق وتظهر كأنما هي أشواق وأماني خاصة بياسر عرمان لوحده، رغم كل هذا التباين في المواقف لكن عرمان وعقار في توافق وتراضي وهم يقومان بعملية تبادل الأدوار هذه إلى حين، لكن مؤكد هذا لن يستمر طويلاً وسينفجر الخلاف بينهما رغم شعرة معاوية التي بينهما التي تمكن كل منهما يعبِّر عن موقفه السياسي ويلبي أشواقه.
إظهار الخلاف
وحديث عرمان الذي جاء متزامناً مع ذكرى رحيل جون قرنق محاولة منه لاستغلال المناسبة لبث الروح في موقفه المناوئ لموقف رئيس تنظيمه عقار ليظهر أنه على خلاف معه ظاهرياً لكن تحت الطاولة هناك تناغم بينهما لحين تنجلي الأوضاع ويزال الاحتقات الذي تشهده الساحة.
صعوبة التحوُّل
وأشار د. أبو خريس إلى أن الحركة الشعبية الآن تواجه صعوبة في التحوُّل إلى كيان سياسي مستقل لأنها لا تملك رؤية وبرنامج واضح مستقل عن الحركة الأم في دولة الجنوب وشخصيتها لا تزال مهزوزة ولم تصل مرحلة الاستقلال وتكون لها كينونتها وتتمكن من التحوُّل لحزب سياسي لذلك يظل قادتها يناورون للحفاظ على المكاسب سواءً في السلطة أو المعارضة لكن ليس للحركة سياسي مستقل وهذه واحدة من مشكلات الحركات التابعة أو المنشطرة فتجد حركات تابعة لأحزاب والحركة الشعبية الآن مشكلتها جزء من حزب في دولة أخرى ومرتبط به تمويلاً وفكراً فليس لهم سبيل إلا المناورة حتى تجد دعماً ومؤازرة من الحركة الشعبية الأم وكذلك من الحكومة والمعارضة السودانية وهم لازالوا بعيدين من الخروج من عباءة قرنق وهذه مرحلة تم تجاوزها وعلى الحركة أن تتجه لتكون حزب سياسي مستقل له توجهه الوطني يعبِّر عن دولة السودان وليس جنوب السودان.