الغالي شقيفات يكتب : إلى ياسر عرمان
1 أغسطس 2022م
لا تزال بلادنا تعيش أزمة سياسية مُتداخلة الأطراف، والتي بدورها عمّقت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تسبّبت في النزوح واللجوء، وكل المخاوف أن يؤدي تكريس الانقسام والتمارين في المواقف إلى وضع أكثر تأزُّماً وتغييب المؤسسات الموحدة والنافذة.
وبحسب رأيي، البلاد تشهد فراغاً سياسياً وقيادياً، وقد تركتم الساحة إلى من هم أدنى طموحاً من تطلعات شعبنا التوّاق إلى الحرية والتحوُّل الديمقراطي والمُتشوِّق إلى انتخابات حرة ونزيهة وسليمة، الكل يحترم نتائجها، تشارك فيها كل الأطراف وكل زول يعرف حجمه، ولأن الأستاذ عرمان يختلف عن الكثير من رفاقه في حركات الكفاح المسلح التي تتحدث عن الجهوية والمناطقية والإثنيات والمظالم ومدرسة السودان الجديد التي تطرحها بحسب فهمك عابرة للجغرافيا والمجتمعات المغلقة، والدليل على ذلك مساهمتك الواسعة والمشهودة في ثورة ديسمبر، وناديت بالحرية والسلام والعدالة والمُواطنة والتنوُّع والمواطنة بلا تمييز كما يحلو لك أن تقول دائمًا، والحركة الشعبية التي كانت تنادي بسودان جديد وموحد اليوم منقسمة بين قادة مناطقياً ولا تتعدّى رؤياهم مناطقهم وإثنياتهم، وتيار آخر يؤمن بسودان حر ديمقراطي أكثر انفتاحاً. والمطلوب من هذا التيار الذي تمثلونه يجب أن يكون أكثر حضوراً، لأننا نراقب الآن أن الساحة السياسية تحتاج إلى من يطرح أفكاراً أكثر شمولاً تساهم في الوحدة والمُحافظة على السودان مع أفكار جديدة تقوم على أنقاض الماضي، سودان لا مكان فيه لدعاة الحواكير وأوهام التاريخ والتوريث، سودان إذا فاز فيه مالك لا يُعين فيه أحمد موسى أو أحمد العمدة والياً على النيل الأزرق، بل يُعيّن الرضي ضو البيت القادم من دارفور في ذات الولاية، لأنه من نفس التنظيم، ويُعيّن العميد عبد الرحمن موسى البشاري والياً على كسلا، أي كل حاكم في ولاية من إقليم آخر يعني ليس له قبر من سلف أجداده في تلك الولاية، هكذا يتقدم السودان وتهزم فكرة الكيزان، كل ولاية يحكمها ابنها وهي فكرة كرّست للانقسام العشائري والمجتمعي، يجب أن تنتصر البرامج والأفكار.
حينما فاز محمد بازوم في النيجر وهو من القبائل العربية التي تمثل اثنين بالمائة من سكان النيجر، فكان ذلك انتصاراً للبرنامج الانتخابي والحزبي، والناخب هناك صوّت للبرنامج وليس للأشخاص أو الإثنية وهو نموذجٌ قابلٌ للتطبيق في بلادنا، وبالتالي تحققون حُلمكم في إقامة سودان جديد وتتصالح الإثنيات في السودان مع ذواتها وتنضج الممارسة الحزبية في رحاب وطن يسع الجميع ونُقدِّم نموذجاً لجيراننا من الدول المجاورة.