31 يوليو 2022م
وغنى حليم:
ايه ذنبي ايه؟… ما تقولِّي عليه؟… تخاصمني ليه؟..
وغنى المساح:
ايه ذنبي غير صغت النشيد ونشايد؟… في مدحك بنيت قصر الرشيد الشايد..
وغنى الجابري:
ايه ذنبي الـ جنيتو؟… حبيت لكن نساني… ونسى عهدي الـ رعيتو..
وأغني أنا بطريقتي الخاصة..
فأنا لست شاعراً… ولا مطرباً… ولا ملحناً..
ولكني أعايش الأحداث… وأقرأ ما بين سطورها… وأتنبأ بمآلاتها..
فيحدث الذي تنبأت به تماماً..
ولا أنسى فضل – من بعد فضل الله – ما يُسمى فلسفياً الحدس… أو Intuition..
وهذا هو دور الصحافة… والإعلام بصفة عامة..
وعلى وجه الخصوص: دور المحللين السياسيين… والخبراء الاستراتيجيين..
أو كما يسمون أنفسهم… ويسميهم الآخرون..
سيما في زماننا هذا – زمان الميديا الإلكترونية – حيث الخبر يسابق الريح..
ومن ثم فإن المتلقي بحاجةٍ لما بعد الخبر..
أو لما بعد الحدث؛ لا أن تُعلمه بما هو معلوم لديه بالضرورة..
والبارحة قرأت مقالاً غير ذي قيمة..
لا قيمة خبرية – بما أنّ الخبر معروف أصلاً – ولا قيمة تحليلية كذلك..
وكان عن أحداث ولاية سنار..
وبدأ بذكر الأحداث هذه بتواريخها… ثم تفاصيلها… ثم حجم ضحاياها..
وانتهى بنهاية ذكِّرتني بجدتنا حسينة..
فهي كانت إن أصاب أحدنا مكروهٌ تعيد على المسامع تفصيلات هذا المكروه..
ثم تختم بعبارتها الشهيرة: يغطيكم المولى بجناح جبريل..
والآن كاتب هذا المقال كاد أن يختم بجملة: يغطي الولاية بجناح جبريل..
كلام لا قيمة له؛ ولا يفيد القارئ بشيء..
وهذا مجرد مثال لما تعج به وسائل إعلامنا الآن..
بمحلليها… واستراتيجييها… وخبرائها… وكتابها… ومذيعيها..
وما توقعته وصدق – بحمد الله – كثير… كثير… لا مجال لحصره هنا..
ولكن لنأخذ آخر توقع… أو آخر تنبؤ..
فقد كان قبل أيام؛ وتحديداً بتاريخ 26 من شهر يوليو الجاري..
وكان بعنوان ترقبوه..
واختزلناه كخاطرة على صفحتنا بالفيس بوك..
وبعد ذلك بيومين انتشرت تسريبات عنه… عن الأمر ذاته الذي أشرنا إليه..
فلم يكن ثمة مخرج – لأزمتنا السياسية هذه – سواه..
وذلك بعد أن ضاقت حلقاتها… فضيَّقها الحزب الشيوعي أكثر..
فمكوناتنا السياسية الراهنة ذات أفق ضيق..
وفي الوقت نفسه ذات مصالح ذاتية أشد ضيقاً؛ ولا تبصر سوى ما تحتها..
أو ما تحت ما تطمع في الجلوس به عليه؛ الكرسي..
فما كان يمكن أن تستمر حالة اللا حكومة هذه إلى ما لا نهاية..
فلتكن – إذن – حكومة كفاءات مستقلة..
ومن أهم مهامها التجهيز لانتخابات بعد عامٍ من الآن..
ولتنصرف المكونات – والأحزاب – هذه إلى الاستعداد لها..
فقحت تزعم أنها صاحبة الأغلبية… والشيوعي يلمح إلى أنه المحرك للشارع..
والأمة يقول إنه الكبير… وينافسه في ذلك الاتحادي..
ولجان المقاومة تفاخر بشعبية – شبابية – ذات كثرة جارفة..
وما من شيء يثبت زعم كل زاعمٍ من هؤلاء إلا محك صناديق الاقتراع..
وحينها الحشاش يملأ شبكته..
وإلى ذلكم الحين نملأ نحن شبكتنا زعماً بأن كل ما نتوقعه يحدث..
حتى وإن سخر منا البعض..
أو سخر من تنبؤاتنا هذه؛ وشبهها بضرب الرمل… وقراءة الفنجان..
والبعض هذا – على أي حال – أخف أذى من بعضٍ آخر..
وهو الذي تنضح قلوب أفراده حقداً… وحسداً… وسماً..
ولهؤلاء أغني بطريقتي الخاصة..
ولكن بعد أن أدعو لهم بدعاء جدتنا ذاك: يغطيكم المولى بجناح جبريل..
أدعو لهم… لا عليهم؛ فهم مساكين..
ثم أغني على وقع أغنيات تحمل تساؤل عنوان كلمتنا هذه..
ما ذنبي؟!.