لا يوجد مستمع سوداني رفضني مغنياً عبد الوهاب وردي: أنا أفضل من كل الفنانين من كرومة إلى أحمد الصادق
مقدِّمة لابد منها
لابد أن أشير أن هذا الحوار أعيد نشره كاملاً دون حذف نسبة لأهمية الإفادات التي قدَّمها الموسيقار عبدالوهاب وردي وربما يلاحظ القارئ وجود بعض الأسماء التي رحلت عن دنيانا، ولكن لأمانة النشر تركنا الآراء كما وذلك بالاتفاق مع عبدالوهاب وردي الذي طلب نشر الحوار كاملاً دون حذف أي كلمة .. لذا لازم التنويه).
عبد الوهاب وردي، الصخر والأظافر ربما هي المتلازمة التي تشابه فكرة هذا الشاب الذي يحاول أن يرسم تفاصيل استثنائية لشخصيته ولكنه يصطدم بعدة حواجز أعاقت طرحه الغنائي الذي ظل محل شد وجذب وتباين للآراء، ووسط كل تلك الأجواء يتنفس عبد الوهاب ويغني حتى ولو كان لنفسه ولكنه يحاول في جغرافيا أخرى بعيدة عن محمد وردي واسمه وسطوته. جلست مع عبد الوهاب ووضعت أمامه العديد من الأسئلة الساخنة تعالوا نقرأ ماذا قال:
حوار: سراج الدين مصطفى
*الانطباع السوداني أنك لست مغنياً جيداً؟
ـ أنا لم يجر عليَّ مثل هذا الانطباع، ومثل سؤالك هذا يسمى في المحكمةLEADING QUESTION لأنك تسأل وأنت تعرف الأجابة مسبقاً، وأنا أفتكر أن سؤالك لم يطرح بشكل سليم، فمثلاً الموبايل شيء جديد في حياتنا ولكن الشعب السوداني تبنى فكرته، لذلك يظل تقبل الأشياء الجديدة لا يعدو أن يكون مسألة زمن فقط وليس أكثر، وأنا قابلت حرب واجهها الكثير من قبلي وهذا سلوك سوداني معروف في تبني آراء الغير ومعارضة الشباب الجدد، ولكني صامد حتى النصر.
*أنت فنان بلا مستمعين ؟
ـ الحرب صبر، وأنا لا يوجد مستمع سوداني رفضني مغنياً، فأنا مثلاً حينما أغني في أي حفل أو أي مناسبة أو في وسط طلابي أجد القبول الكبير وهو يشكل لي استفتاءً لي ولتجربتي الفنية، وأنا أحمد الله أجد قبولاً إلى الآن في مرحلة المعقول.
*فقط هم أصحابك الذين يجاملونك؟
ـ من هم أصحابي أصلاً؟ وأنا رجل معروف أنني بلا أصحاب، وأنا فقط لدى (بيتنا والعود والأوركسترا) لذلك ليس هنالك من يجاملني، بل بالعكس أجد الكثير من المضايقات.
*وكيف تفسِّر أننا لا نحفظ لك ولا أغنية واحدة؟
ـ أسألك سؤالك، هل وجدت من قبل أغنية لعبد الوهاب وردي تم بثها؟ وهل اشتريت من السوق كاسيت لعبد الوهاب وردي؟ كل هذا في الوقت الراهن غير موجود ولكن هنالك خطة وضعتها لنفسي في هذا العام وأولها إنتاج شريط كاسيت رضيت المصنفات أم أبت ولن أقف مطلقاً أمام لجنة إجازة أصوات، وسأقوم بتوزيع الكاسيت بقدراتي الذاتية وسوف أصل المستمع وبعدها أتحدى من كرومة إلى أحمد الصادق، لو هناك فنان سيغني مثلي أو يكون له جمهور مثل جمهوري، وهذا فقط في العام 2009م،
*أنت فنان بلا خطة ـ وهدف واضح؟
ـ أنا لست ثوراً هائجاً، ولكني لديَّ خارطة طريق محدَّدة سوف أمشي وفقها حتى أصل لكل المستمعين وفي كل الأماكن.وسوف ترون كل الذي أقوله على أرض الواقع.
*هل هناك شخص بعينه يقف عائقاً أمامك حتى تنطلق؟
ـ أنا لم يقابلني جمهور عادي ورفض فكرة أنني مغني، وثانياً أنا أعرف مقدراتي جيِّداً لأنني متخصص وليس متطفل على مجال الموسيقى والغناء، ولكن هنالك شخص محدَّد استغل اسمه وسمعته ويريد أن يضعني على جنب بلا أدنى تأثير, ويريد أن يسلبني شخصيتي وأن أكون بلا وجود سوى الذي يريده لي، ولكن هذا الوضع الذي أراده لي لم أستسلم له، بل خرجت منه إلى فضاءات أرحب.
*أنت فنان يغني أغنيات أكاديمية أكثر من كونها إحساس؟
ـ أولاً، لا يوجد شيء اسمه أغنية علمية، وأنا لا أحمل طباشير وأدعي الأكاديمية لأنني مقتنع لا يوجد شكل أكاديمي في السودان، أنا فقط أتعامل مع أحاسيس الإنسان.
*لماذا رفضت اللجان أن تجيز صوتك؟
ـ أنا لديَّ كاسيت منذ أكثر من تسع سنوات، ولكن هنالك لجان ترفض أن تجيز صوتي وذلك بسبب تأثير محمد وردي على تلك اللجان، وهناك صراع مع أساتذة كلية الموسيقى وهم جزء من تلك اللجان التي ترفض إجازة صوتي، وهذا يرجع لأنني واضح ولا أخفي ما أريد أن أقوله، وتعطيلي هذا جزء من الصراع مع الحرس القديم، وأنا لست مستهدفاً وحدي وإنما هناك الكثيرين المستهدفين.
*هل تقصد بأنهم غير متطورين؟
ـ هنالك تفكير موسيقي قديم لم يزل حتى الآن وإذا استمعت إلى الراديو تجدهم إلى الآن يتحدثون عن الجاغريو وعن كرومة وسرور وعن وعن ثم بعد ذلك وردي ومحمد الأمين وعثمان حسين وبهذه الطريقة من عام 70 وإلى الآن لا يوجد أي غناء.
*كيف إذن نؤسس لتجارب عصرية وجديدة؟
ـ نحن يا صديقي إلى الآن لم نستطع أن ندحر الملاريا ونقضي عليها، فكيف يكون لدينا موسيقى متطوِّرة وغناء مواكب وعصري، ويا صديقي لو قمت الآن باستطلاع وسط الذين أعمارهم أكبر من خمسة وثلاثين عاماً، سوف لن تجد من يستمع لصباحي، لأننا فقط نريده أن يكون مثل مدرسة محمد وردي أو إبراهيم الكاشف حتى يقال بأنه فنان.
*الفنان أحمد الصادق مثال للأجيال الجديدة؟
ـ أحمد الصادق الذي تقول بأنه فنان فهو يشبه المدرسة التي سبقت كرومة لأنه لا يحمل شيئاً جديداً في صوته ومثله جمال فرفور.
*أنت لا تنتمي لكيان وهذا يعني بأنك غير معترف بك.
ـ أنا لا أقف موقف المدافع فقط، ولكنني في موقع هجوم أيضاً، لأنني لا أدخل اتحاد الفنانين، وأقول لك أن أكثر مكانين لديهم لافتة موسيقى وليست لديهم علاقة بالموسيقى هما اتحاد الفنانين وكلية الموسيقى، وخذ مثلاً اتحاد الفنانين آخر فنان تخرَّج منه هو زيدان إبراهيم وهو ظهر في الوسط الفني حينما كنت أنا في المرحلة الابتدائية، وبعد زيدان لا يوجد أي فنان قدَّمه اتحاد الفنانين.
*ولماذا ترفض أن تنتمي لهم؟
ـ أقولها دائماً اتحاد الفنانين مكان لممارسة لعبة (الضمنة) وليس الغناء، لأنهم إلى الآن في محطة وردي ومحمد الأمين وحمد الريح، وأنا لست لديَّ علاقة بهذا الاتحاد أصلاً ولن تكون لديَّ به علاقة مستقبلاً.
*وهذا يعني بأن طلبك للعضوية مرفوض؟
ـ قدَّمت للعضوية ولكنهم لم يقبلوني أو يرفضوني وهم فقط أخرجوا النتيجة على (البورت) ولم أجد اسمي والقائمة التي أخرجوها كان بها جزئين فنانين تم قبولهم وآخرين تم رفضهم، ولكن اسمي لم يظهر على أي قائمة سواءً أكانت مرفوضة أو مقبولة.
*وماذا عن كلية الموسيقى؟
ـ كلية الموسيقي تحوَّلت إلى فصل (محو أمية) والسبب الذي جعلها تنهار هو إلغاء بروتوكول التعاون مع جمهورية كوريا الشمالية، وكذلك انضمام الكلية لجامعة السودان وكان من المفترض أن تكون أكاديمية منفصلة، والحل الوحيد للوضع الراهن لهذه الكلية أن تكون هنالك برتوكولات تعاون مع ألمانيا أو النمسا أو أي دولة أوربية متقدِّمة في مجال الموسيقى.
*هل تعني أن الكلية بلا أثر واضح؟
ـ أنا أسألك أنت أو أي مستمع للموسيقى أين هو منتوج كلية الموسيقى؟ وهم لا يملكون أوركسترا، والله أنا أتألم حينما أقول مثل هذا الحديث لأنهم يستسهلون درجة الدكتوراة التي لا يبحثون لها البحث العلمي الأكاديمي الذي نعرفه وكل من ذهب في رحلة إلى جبال النوبة أو الأنقسنا أو كردفان يأتي ويحصل على درجة الدكتوراة.
لا يعقل أن يكون أولئك الدكاترة كلهم نظريين ولا يوجد دكتور واحد في مادة تطبيقية. ولا يوجد من الأحياء غير دكتور الفاتح حسين والراحل عبد الله أميقو، وعليهم أن يعرفوا بأن كلية الموسيقى هي ليست كلية القانون حتى تكون الدراسة كلها نظرية.
*لأي جيل تنتمي؟
ـ إذا كان هناك من ينتمي للنيل والنخيل والتراب وسماء هذا الوطن، فأنا واحد منهم، ولكن بدون أي ضجة، والفن الذي نمارسه الآن يأتي من الانتماء الصادق لهذا الوطن وشعبه وكل تفاصيله، وأنا ومعي الكثيرين ننتمي لمرحلة موسيقية منهاجها الموسيقي مازال في مرحلة الصياغة، لأننا نمثل فترة انتقالية بين ماهو كائن وما سيكون، لذلك نواجه ما نواجه من عنت ورفض.
*من هم أبناء جيلك؟
ـ في التأليف الموسيقي هنالك الصافي مهدي وهشام كمال وحتى معتز صباحي ولا أقول محمود عبد العزيز، لأنه صاحب أداء صوتي مختلف، وتجاربنا الفنية ليست بائرة كما تقول ولكننا نصارع في العديد من الجبهات.
*كل الذي تقوم به مجرَّد ضوضاء؟
ـ لو كنت مجرَّد ضوضاء لانتهيت حتى قبل أن أبدأ، ولكن الأشياء في هذا الزمن لا تأتي (بأخوي وأخوك) لهذا كان لابد أن أخوض الحرب التي فرضت عليَّ وأنا تقبلتها بصدر رحب وهذه الحرب حينما تتوقف أنا أقوم بإشعالها مرة أخرى.
*لماذا لا تريد أن تقتنع بأنك عازف فقط؟
*أنا لست عازفا أصلاً, ولماذا أقتنع بأنني عازف فقط، وأنا لم أفشل مغنياً حتى يقال إنني عازف فقط، ولكن الفاشلون هم من يتغنون من أيام سينما (برمبل) ولم يستطيعوا إلى الآن أن يقدِّموا شيئاً جديدا، وأنا منذ بدأت الغناء لم أتجاوز الخمس سنوات، ولكن لو تغنيت فقط عشر سنوات ووجدت نفس الفرص في الإذاعة والتلفزيون ثم بعد ذلك أسألوني إذا كنت فاشلاً أو ناجحاً.
*إلى الآن لا نعرف لك ولا أغنية واحدة؟
ـ أنا المغني الوحيد الذي تبث حلقاته ولا تعاد مرة أخرى، وذلك بسبب تلفونات من بعض الشخصيات تأمرهم بعدم إعادتها، وهذا ليس مجرَّد وهم أو توهم، ولكن حينما يأتي وقت المواجهة والحساب سوف أبرز كل الأسانيد التي تعضِّد من كلامي.
*ماذا تنتظر من الوسط الفني حتى تخرج تجربتك؟
ـ أنا لا أنتظر منحة من أي إنسان وكل الذين وضعوا في طريقي حواجز حتى لا أتجاوزها وأظل واقفاً في مكاني سوف أتجاوز أي عقبة وطالما دمت حياً سوف أواصل إلى أن يقبض الله روحي.