شاكر رابح يكتب : مُفارقات مُدهشة
30 يوليو 2022م
كثيراً ما يقف المرء حائراً مُندهشاً لما يراه من مفارقات سياسية غريبة، ومواقف وأحداث عجيبة منذ فجر ثورة ديسمبر المجيدة وحتى يومنا هذا، عندئذٍ لا أملك إلا التعجُّب من هذه الأفعال في زمن التغيير والشعارات الثورية “حرية.. سلام وعدالة”.
ومن خلال متابعتي للأحداث الجارية والتطورات في الشأن السوداني، لفتت نظري مجموعة من الغرائب المحيرة وأنا أتصفح السوشيال ميديا، طالعت
أغرب حادثة سرقة، حرامي لبس ملابس شيخ جليل ووضع مساحيق التجميل حتى نوّر وجهه، ودخل إلى محل ذهب، وحين رأي الصائغ الشيخ الجليل ووجهه يشع نوراً، أحس بالهيبة والوقار.
قال الشيخ للصائغ جُد علينا من كرمك لبناء مسجد ولو بدرهم.. فأعطاه الصائغ ديناراً.. وفي هذه الأثناء، دخلت إلى المحل فتاة كان يتفق معها الحرامي، فرحبت بالشيخ وقالت له: كيفك شيخنا.. فجاوبها بالحسن..! واتفق مع الفتاة حتى يثبت لصاحب المحل أنّه شيخ مسجد بأحد الأحياء.
وقبل أن يرحل الشيخ، قال الشيخ للصائغ خُذ هذه القطعة من القماش امسح بها وجهك حتى يزيد رزقك وتحل البركة فيه، لأنّك رجلٌ فاضلٌ وتستحق الخير،
أخذ الصائغ قطعة القماش بكل قدسية ووقار وقبلها وشمّها ومسح وجهه، فأُغمي عليه في الحال، فقام الشيخ المزعوم مع الفتاة بسرقة المحل عن بكرة أبيه، وفي أحد الأيام وبعد أربع سنوات جاءت سيارة شرطة ومعهم الشيخ المزعوم مكبلاً بالأغلال إلى دكان الصائغ، فطار الرجل من الفرح وأخذ يشكر الشرطة الذين طلبوا من الصائغ (كشف الأدلة)، ووزع الضابط القوة المسلحة وقال للحرامي هذا محل الصائغ اشرح لنا كيف تمت عملية السرقة؟
فقال الحرامي: يا سيدي دخلت على الصائغ وشرح كل القصة، ولما وصل عند قطعة القماش قال الضابط وكيف عملت بالضبط؟ قم بتمثيل جريمتك تماماً.
وقف الصائغ امام الحرامي وقام بإعطائه قطعة القماش ومرة أخرى مسح الصائغ وجهه فدخل في غيبوبة كما في المرة السابقة، فقام الشيخ المزعوم ورفاقه المتنكرون بملابس رجال البوليس المُحتالين بسرقة المحل مجدداً.
هذا هو حال وطننا اليوم 30 عاماً من الفساد والإفساد وكبت الحريات، ثم أتتنا حكومة الثورة الأولى لتسرق خيرات الوطن وتجمع الأموال من العملة الصعبة لتسلمها كفدية للغرب، وفي النهاية حصدنا الفشل والضياع والسراب.
تنادت أحزاب ومكونات “قحت” لتقيم ورشة لتقيّم وتراجع فيها أداء الحكومة والحاضنة السياسية للفترة الانتقالية، اتفقنا ام اختلفنا في المنهجية التي اتبعتها “قحت” في مراجعة أدائها، فمن الواضح أن مخرجات هذه الورشة هي عبارة عن اعتذار مبطن وكل جهة تنصّلت من مسؤوليتها في الفشل، فمن الواضح أن “قحت” ليست على قلب رجل واحد، وتعمل بلا برنامج أو خطه او منهج، فكانت النتيجة أن تكشفت سوءات وعورات “قحت” بالنقد غير الموضوعي للحكومة، ومن المفارقات أيضاً رشح أن صحف وإذاعات وقيادات محسوبين على “قحت” تسلموا مبالغ دولارية مليارية، وتم تبديد أموال مخصصة من الأصدقاء لإرساء عملية السلام وتمكين مؤسسات الانتقال الديمقراطي.
هذا جُزءٌ مما وجدته من مفارقات محيرة، إن ثورة ديسمبر المجيدة أهدافها بلا شك ممتازة، ولكن للأسف تسلط عليها بعض قيادات “قحت” المتعطشين للسلطة والمال وكان هذا المصير المُحزن..!!!!
وللحديث بقية…
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،،