“مِنَ المُضحك أنّ المرء عندما لا يقلقه شيءٌ يتزوّج” روبرت فروست..!
إحدى صديقات هذه المساحة كتبت رسالة اختلط فيها حُزن الحبيبة بثورة الزوجة، تقول فيها إنّها اكتشفت وجود زوجة أخرى قابعة في الظل تُشاركها زوجها على سُنة الله ورسوله، بانتظار أن تزاحمها على عرش الإشهار..!
حكاية مُكَرّرة هي، رغم قسوتها، لكن الغريب هو مَوقف زوجها. في اليوم المشهود، يَوم الاعتراف، أطرق الرجل، ثُمّ زفر وسَعل، قبل أن يُخاطبها قائلاً في اطمئنانٍ – على طريقة رُؤساء الجمهوريات في إحدى دول العالم الثالث عندما يُخاطبون شُعُوبهم الثائرة على غلاء الأسعار – “ليس من حقك أن تغضبي، لا يُوجد نَصٌ شرعيٌّ يحرم إخفاء الرجل أمر زواجه من أخرى”..!
لن ألوم الرجل، ولن أُعرِّض بالأزواج الأنانيين من أمثاله – كما طَلبت صديقتي الإسفيرية – لأنّ ما يُردِّده الزوج كان ببساطة مضمون فتوى صَدَرت عن شيخٍ فقيهٍ قال يوماً – على الملأ وعلى الهواء مُباشرةً عبر شاشة إحدى قنواتنا المحلية – “لا نقول بأنّ إخبار الرجل زوجته بأمر زواجه من أخرى حرام، بل نقول إنّ هذا ليس واجباً عليه، فالرجل مُهيأٌ للتّعدُّد.. بينما المرأة لا”..!
سبحان الله! أوليس الذي خلق الرجل وجعله مُهيأً لواقع مُؤسّسة الزواج، بقادرٍ على أن يخلق المرأة “شريكته” على ذات القابلية، وإن اختلفت طَبيعتها في قُبُول الأمر وآليات تعايشها معه؟! ألا يتنافى تشجيع الرجل على إخفاء أمر زواجه من أخرى، مع مبدأ اشتراط العَدل بين الزوجات والذي لا خِلافَ عَلَى وُجُوبه بنص القرآن؟!. أوليس في تبعات ذلك الكتمان من ظُلمٍ للأُخرى “الجديدة” التي يظل مكانها شاغراً على مقعد الإشهار الاجتماعي – وليس الشرعي الذي يتحقّق بعقد الزواج الرسمي – فتظل مَحرومة من نعمة الظهور الرسمي بمعية زوجها خشية علم الأخرى..؟!
أوليس شُيُوع ثقافة كتمان الزواج من الأُخرى أكثر مُدّعَاةً إلى نُشُوء الفِتن والشُّكوك وانعدام ثقة النساء في أزواجهن؟! ثُمّ إلى أين يذهب حسن التبعل في ظل تلك الأجواء المكهربة، المُلغّمة بالشكوك وانعدام الثقة والتي تُكرِّس لنشوئها تلك الرخصة..؟!
ثم، كيف يطمئن قلب الزوجة إلى تحقّق العدل بينها وأخرى لا تستطيع أن تعلم عنها شيئاً؟! والسؤال الأهم، لمن تكون الرقابة على ميزان العدل إذا انعدم العلم بأمر المُشاركة في الحُقُوق..؟!
مَن الذي يُحاسب الحكومة؟! مَن الذي يُراقب عدالة توزيع الحِصص إذا كانت الرعية لا تعلم عن أمر حكومتها مع بعضها شيئاً؟! العَدل بين الزوجات لَيس سَهلاً، والنجاح في تطبيقه ليس وصفة تباع في الصيدليات، لأنّ إبليس حاضرٌ، ولأنّ كيد النساء واقعٌ. وأنتم بشر تخطئون كما تخطئ النساء ولو حرصتم..!