تقرير: عوضية سليمان 28 يوليو 2022م
في ظل توقف عملية الحوار وانسحاب المؤسسة العسكرية من التفاوض وجمود مبادرة فولكر. وفوق كل ذلك اتساع الهوة بين مكوِّنات الثورية وتعدُّد المبادرات والتحالفات, كل تلك عوامل تعمِّق من أزمة البلاد, وتجعل عملية البحث عن حلول عسيرة، ورغم ذلك يظل السؤال مطروحاً كيف الوصول إلى حل للأزمة السودانية؟ ماهي الخطوة المقبلة للخروج من الأزمة؟
الهدف المعلن
لعل كل ما يحدث من تصريحات وخروج للمليونيات كان وراء ذلك والهدف المعلن منها هو إحداث التغيير, ولكن عقب انتهاء من الاحتجاجات يظل السؤال مطروحاً ما الجديد فيما يتعلَّق بحل الأزمة؟ هنالك علامات استفهام بدأت تلوح في الأفق بشأن قدرة الشارع المنقسم على نفسه من إحداث التغيير المنتظر خاصة أن الأزمات لا تتوقف على السياسة وإنما هنالك أزمات اقتصادية وأمنية.
خيارات متعدِّدة
شخَّص القيادي بالحرية والتغيير القوى الوطنية بروفيسور حيدر الصافي، أزمة السودان بالقول: السودان الآن مفتوح أمام كل الخيارات وهنالك عجز وربكة سياسية, ورأى أن فترة ما بعد إجراءات الـ(25) من أكتوبر، حدث فراغ كبير وبرزت أجسام ليس لها علاقة بالثورة واحتلت موقعاً ومن الصعب إزاحتها من المشهد لعدم توفر مرجعية دستورية. وأشار في حديثه لبرنامج (حديث الناس) بقناة النيل الأزرق أن الفترة الانتقالية هي مرحلة تبنى على التوافق، وقال: إن محاولة سيطرة مجموعة المجلس المركزي على المشهد لاتخاذ قرارات تخص الشعب السوداني هذه مسألة لا تبشِّر بخير وستقود لنظام شمولي باسم الديموقراطية، مشيراً إلى أنهم قدَّموا رؤية للمكوِّن العسكري وتناسوا تماماً كل القوى السياسية الأخرى وهو ما مثَّل بداية الأزمة .
أزمات متعدِّدة
ومن خلال المشهد السياسي المنظور فإن الوضع كما يراه رئيس المجلس السيادي في تصريح سابق بالقول كلما تأخرت نتائج الحوار سيؤدي لمزيد من الأزمات. ويقول البرهان إن السبب في أزمة السودان الحالية أمر مختلف عليه، قائلاً: “نحن نرى أن بعض قادة الأحزاب هم شخوص الأزمة، وهم يروا أن العسكريين هم شخوص الأزمة، وهذا أمر لا يمكن أن يحسمه جدل”. وأكد في مقابلة حصرية مع قناة “الحرة”. أن الانتخابات هي الفيصل النهائي في كل ذلك، وهي التي ستحدِّد من سيحكم السودان.
وحدة الرؤية
ولكن مصدر لـ(الصيحة) فضَّل عدم ذكر اسمه، دعا إلى ضرورة أن تتوحَّد رؤية القوى السياسية تجاه الحلول المطروحة للخروج من الأزمة وأن لا تبتعد عنها، وأضاف أن خطوة حصار الخلافات في نقاط ضيِّقة مهمة جداً من أجل الوصول إلى حلول ممكنة التنفيذ وإبعاد شبه السيناريوهات الممكنة التي تخدم مصالح الكثيرين من تجار الحرب وسماسرة الكوارث. ولفت إلى خطورة حالة السودان وحذَّر من أنموذج ليبيا أن تعنتت القوى السياسية المدنية فيما بينها في وضع رؤية موحذَدة تتلاقح فيها كل المصالح الوطنية من أجل إنقاذ البلاد.
حالة مواجهة
يقول الباحث السياسي، محمد إبراهيم الأمين لـ(عربية اندبندنت)، إنه “في حال فشلت الآلية الثلاثية في الوصول إلى حلول للأزمة السودانية، فسيظل الشارع على الصعيد الداخلي في حالة مواجهة مستمرة مع السلطات العسكرية لاستعادة التحوُّل الديموقراطي الذي هو من حقه المشروع، بكل ما يترتب على ذلك من تبعات على البلاد، من استمرار للتدهور الاقتصادي والأمني وكافة المحاذير التي تنذر بتصدعات عميقة تهدِّد وجود السودان نفسه”. أما دولياً بحسب الأمين، “فهنالك عديد من الاحتمالات المفتوحة، أقلها عودة السودان إلى دائرة العقوبات والعزلة الدولية، مما سيفاقم الأوضاع بأكثر مما هي عليه، وقد تصبح مبرِّراً لدفع المجتمع الدولي إلى اللجوء لخيارات حاسمة لتدارك انجراف البلاد نهائياً نحو حرب أهلية في ظل اتفاق سلام ضعيف التنفيذ وتفلتات أمنية وغياب الدولة وضعف قدراتها الاقتصادية التي تؤثر حتماً على قدراتها الأمنية في ضبط الأوضاع وبسط هيبتها وتأمين الاستقرار وحكم القانون الذي يشهد ضعفاً واضحاً، حتى في العاصمة الخرطوم. وقتها سيكون الأمر حتمياً بالنسبة إلى المجتمع الدولي، التدخل وفق صيغ ليس مستبعداً أن يكون من بينها الفصل السابع”.
وأشار الباحث السياسي إلى أن “الدور الذي تقوم به الآلية ينحصر في تسهيل الحوار بين الأطراف وتقديم معينات لوجستية وبعض التمويل الذي يلزمها، لكنها لا تمتلك قدرة الضغط على أطراف الأزمة، لذلك برز الثقل الأمريكي – السعودي الذي يمضي الآن في خط مواز لجهود الآلية وجاء لسد هذه الثغرة، وسيطاً لديه قدرة الضغط على الفرقاء لتقديم تنازلات حتمية مطلوبة للوصول إلى حلول معقولة قد لا تحقق كل مطلوبات كل طرف، ولكن قدراً كبيراً منها لصالح البلاد”.
أقرب وقت
وألمح الأمين إلى أن “الأيام المقبلة ربما تشهد توسيعاً آخر للآلية الثلاثية، لتتحوَّل إلى رباعية، بانضمام الاتحاد الأوروبي إليها بموافقة أطراف الأزمة، وذلك في إطار ملاحقة عامل الوقت لتسريع العملية السياسية ودفع الفرقاء إلى الوصول إلى حل في أقرب وقت ممكن”. ويرى الأمين أن “الظروف العالمية الراهنة وما تشهده السياسة الدولية من تحوُّلات ومناورات، منصرفة بصورة شبه كاملة باتجاه الحرب الروسية – الأوكرانية وتداعياتها على الأمن الدولي وأسعار الوقود والغذاء حتى على الدول العظمى نفسها، وربما تكون غير مؤاتية وتجعل من الصعب منح اهتمام أكبر لقضايا السودان ومستقبله ومشكلاته”.