مازال صوته يتمتّع بذات الجمال والقدرات التطريبية العالية..صلاح مصطفى.. وسامة في كل التفاصيل!!
(1)
(حيثما تضع نفسك يضعك الآخرون) هذه المقولة دائماً ما يرددها صديقي الموسيقار عثمان محيي الدين حينما يكون الحديث والنقاش عن مدى احترام الفنان لنفسه ولجمهوره ومن يتعامل معهم.. وأنا كثيراً ما أتوقف عندها متأملاً حينما أعاين للمشهد الفني الذي يعج ويضج بنماذج تستحق الاحترام الكبير، لأنها وضعت نفسها في وضعية الاحترام وهناك من لا يستحقون أدنى درجة منه والنماذج في هذا الزمن أصبحت كثيرة لا تعد ولا تحصى وهي في حالة تنامٍ يومي.
(2)
المحافظة على (الصوت الغنائي) تتطلب قدراً كبيراً من احترام النفس والذات قبل الجمهور.. لأن المغني في تقديري ليس مجرد صوت جميل.. وليس بالصوت الجميل والطروب وحده يحيا الفنان.. فهناك تفاصيل أخرى منها المرئي ومنها ما غير ذلك.. ولعلني قد ذكرت من قبل نموذجاً باذخاً يتمثل في الفنان القامة شرحبيل أحمد باعتباره قدوة يمكن الاقتداء بها.
(3)
منذ خمسينيات القرن الماضي وصلاح مصطفى صامد وواقف.. يبدع في كل يوم أفكاراً موسيقية وشعرية وتشكيلية جديدة.. ومازال صوته يتمتّع بذات الوسامة والقدرات التطريبية العالية.. فهو رغم أنه يبلغ من العمر (77) عاماً لكنه مازال يتمتع بذات دفء الصوت وذات القدرات على التحرك في كل المناطق الصوتية بكل سلالة.
(4)
ويعود سر محافظته على صوته انه يعود لتقيده بالمدى المحكوم ومعرفته بقدراته الصوتية والعمل بما جاء في كتاب التربية الصوتية والالتزام بترك المحظورات من التدخين والمشروبات الكحولية والأكل الحار وشرب الماء غير المثلج.. والحفاظ على الصوت طيلة هذا الزمن يؤكد بأنه كان فناناً ملتزماً لا يعرف (اللف والدوران) وتلك المُهلكات التي نعرفها جميعاً.. وفي ذلك إشارة على أنه فنان خلوق وعلى درجة عالية من التهذيب والأدب.. والفنان صلاح مصطفى من القلائل الذين وهبوا السودان عصارة فكرهم الخلاق في مجالات كثيرة ليس الغناء فحسب، فهو مُربٍ ومهندس وشاعر وطبيب نفسي، عالج الكثير من النفوس الهائمة من خلال اختياره للنص الجميل المؤثر، وعرف بذلك كيف يلعب الفن دوره في محيط مهمل لا يحفل كثيراً بالتغيير والتجديد ولكن صلاح مضى دون خَوْفٍ.