28يوليو 2022م
نشر الكاتب البرازيلي الشهير (باولو كويلو)، قصة قصيرة مفادها إنّ أباً يحاول أن يقرأ الجريدة ولكن ابنه الصغير لم يكف عن مُضايقته، وحين تعب الأب منه قام بقطع ورقة في الصفحة كان مرسوم عليها خريطة العالم وقطعها إلى قطع صغيرة وقدمها لابنه وطلب منه إعادة تجميع الخريطة، ثم عاد إلى القراءة، ظناً منه أن الطفل سيبقى مشغولاً بقية اليوم، إلا أنه لم تمر دقائق حتى عاد الابن إلى أبيه وقد أعاد الخريطة بدقة، فتساءل الأب مذهولاً هل ساعدتك أمك؟
رد الطفل قائلاً كلا، ولكن كانت هنالك صورة لوجه إنسان على الجهة الثانية من الورقة، وعندما أعدت بناء الإنسان، أعدت بناء العالم، كانت هذه العبارة عفوية ولكنها ذات معنى عميق، حيث قال الطفل (عندما أعدت بناء الإنسان، أعدت بناء العالم).
وهذه الحالة هي واقع السودان الآن، حيث حدثت ثورة مكثت الآن أكثر من ثلاث سنوات أرجعت السُّودان وطناً ودولة وشعباً إلى العصر الحجري، حيث نفثت في السُّودان كل الأمراض، وغشت السودان كل رذيلة، حتى إنسان السُّودان صار أكثر جهلاً وتخلُفاً حتى في مناطق الحضر والحضارات، بل صار الإنسان السوداني في حال وظرف عجيب، حتى القبيلة التي هي للتعارف صارت مؤسسة حزبية حاكمة ومؤثرة جداً. والأحزاب السِّياسيَّة صارت مواعين فارغة وخاوية، بل صارت مُقادة بدل أن تقود الشعب، وصار الشارع هو الذي يحدد شكل وقيادة الدولة، وكثر الهرج والمرج، وصرنا جميعاً نتحدث ونقول السودان إلى أين؟!
حيث كثرت المشاكل في السُّودان، اقتصادية وأمنية وأخلاقية، بل كثر في السودان التعصب القبلي والجهوي والعنصري، ومات القرار الوطني وضاع وسط زحمة التدخل الأجنبي!!
إذن الأمر فعلاً يحتاج لبناء الإنسان السُّوداني على شاكلة خريطة العالم، بل نحتاج ان نقول أعيدوا السُّودان إلى ما قبل أبريل ٢٠١٩م، لأننا الآن لم نحصل على ثورة، ولم نحافظ على وطن، ومقدمون على أن لا تكون هنالك بقعة في العالم اسمها السُّودان، ناهيك أن يكون هنالك شعبٌ اسمه الشعب السُّوداني!!
إذن فلنُطبِّق العبارة العفوية لهذا الطفل (عندما أعدت بناء الإنسان، أعدت بناء العالم).