الخرطوم: جمعة عبد الله 27 يوليو 2022م
تواصلت خلال العام ونصف العام الأخير متوالية زيادة أسعار الوقود، وقطعاً هي ليست بالأمر الجديد ولكنها تؤثر بصورة مباشرة على معاش الناس، المتمثلة في الإنتاج والصناعة والنهضة بأكملها، لكن في ظل متتالية الزيادات التي تفرضها الحكومة حول المحروقات، تغيب المبرِّرات وأسباب الزيادات، ويرى بعض الاقتصاديين أنه ما لم تتوَّل وزارة النفط مسؤولية الاستيراد والتوزيع، كما كانت في الماضي، فإن الفوضى ستستمر، والبعض يرى أن الزيادة الأخيرة لا مبرَّر لها وأن الحكومة ما زالت تتخذ قرارات خاطئة وغير مدروسة، وأشار آخرون إلى أن هناك تداول بعض الأقوال عن دور جهات تعمل على احتكار الوقود ومن ثم تقوم بتطبيق زيادة على سعر الوقود، لكن تظل مجرَّد أقوال إلى أن تثبت رسمياً عبر لجنة تحقيق رسمية، الأمر الذي يفرض تساؤلات عما هي المبرِّرات لزيادة أسعار الوقود في السودان؟ وما هي أبرز أسباب تلك الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود؟ وهل هناك جهات غير معلومة تعمل على زيادة الأسعار حتى وإن كانت حكومية؟ وإلى متى يظل مسلسل زيادة أسعار الوقود في السودان؟
زيادة جديدة
ومنذ مطلع الأسبوع طبقت محطات الوقود الزيادة الجديدة على سعر البنزين والجازولين، وبلغ سعر لتر البنزين (762) جنيهاً، بدلاً عن (672) جنيهاً، ليصل سعر الجالون إلى (3429) جنيهاً، فيما بلغ سعر لتر البنزين في ولاية النيل الأبيض (807) جنيهات، ولتر الجازولين (864)، وفي مارس الماضي طبقت المحطات زيادتين متتاليتين حيث بلغ سعر لتر البنزين (672) مقارنة بـ(547) جنيهاً، و(408) جنيهات.
غياب حكومي
ويرى عضو الحزب الشيوعي، كمال كرار ما حدث من مضاعفة أسعار جديدة على الوقود نتيحة لغياب وزارة النفط عن استيراد النفط، في عهد حكومة حمدوك، وتركه لتهيمن عليه شركات طفيلية وسماسرة استيراد، وبالتالي صاروا يفرضون الأسعار على الحكومة ويضعون عمولات كبيرة على فواتير الاستيراد، وأكد هذه هي النتيجة، وتوقع أن يزداد السعر بين فترة تلو الأخرى، وقطع بأن هذا يضر الاقتصاد القومي، وأوضح كرار أن البترول سلعة استراتيجية، ويشير إلى أنها ستؤثر على تكاليف الإنتاج الزراعي والصناعي وبالتالي قد تتعطل نهضة القطاعات الإنتاجية، وقال: ما لم تتوَّل وزارة النفط مسؤولية الاستيراد والتوزيع، كما كانت في الماضي، فإن الفوضى ستستمر.
إيراد سريع
يقول المحلِّل الاقتصادي الدكتور، محمد الناير: إن الحكومة ما زالت تتخذ قرارات خاطئة والتي وصف بأنها غير مدروسة، ويتوقع أن تؤثر سلباً على حياة المواطن وتؤثر كذلك على العملية الإنتاجية في البلاد دون أن تنظر الحكومة للعواقب، بل تنظر الإيراد السريع الذي تتحصَّل عليه من هذا الإجراء ولا تبالي بالعواقب، وبحسب قوله: إن الزيادات في أسعار الوقود التي حدثت ستؤثر سلباً على الموسم الزراعي الصيفي بصورة كبيرة وعلى مجمل القطاعات الإنتاجية سواءً أكانت الإنتاجية بشقيها الزراعي والحيواني، وكذلك الصناعي والخدمي، ونوَّه إلى أنه سترتفع تكاليف الإنتاج بصورة كبيرة وغير مسبوقة، وبالتالي سترتفع تكاليف المعيشة وتكاليف النقل بحيث لا يستطيع المواطن الوفاء بها خاصة شرائح المجتمع الفقيرة وذوي الدخل الضعيف، وبالتالي قطاع النقل نفسه قد لا يجد فرصة للعمل في ظل ارتفاع المحروقات وارتفاع أسعار قطع الغيار وغيرها من الأشياء ما يجعل تذكرة المواصلات داخل العاصمة أو بقية الولايات مرتفعة جداً، وتابع: كل ذلك سيؤثر سلباً على حياة المواطنين بصورة أو بأخرى، وأوضح د.الناير أن الزيادة الأخيرة لا يوجد لها مبرِّر، لأن أسعار البترول عالمياً تراجعت مرة أخرى إلى حوالي (100) دولار، للبرميل أو يزيد قليلاً، ولفت إلى أن سعر الصرف للعملة الوطنية مستقر لقرابة ثلاثة أشهر، وتساءل ما هي الأسباب؟ وقال: إن الدولة سبق وأن ملَّكت القطاع الخاص استيراد الوقود، ويرى أن الدولة ربما تريد تعديل هذا الأمر، ومضى قائلاً: من باب أولى أن تقلِّل الحكومة من حجم الضرائب لمصلحة المواطن حتى لا تلجأ لهذه الزيادات، ويعتقد أن هذا هو الإجراء الأسلم ولكن لم تتخذه الدولة.
احتكار
أما المحلِّل الاقتصادي الدكتور، الفاتح عثمان، أكد أن الحكومة الانتقالية السابقة على أيام رئيس الوزراء السابق د.عبدالله حمدوك وقتها أنجزت اتفاقاً مع دول الترويكا وصندوق النقد الدولي لإلغاء الدعم السلعي ضمن حزمة إصلاحات اقتصادية للحيلولة دون انهيار اقتصاد الدولة، ويضيف: بناءً على ذلك الاتفاق تم تحرير سعر الوقود وأصبح يتم تحديد سعره وفق أسعار الوقود في السوق العالمية ووفقاً لسعر الصرف، لكن د.الفاتح قال: يبدو أن ثمة عوامل غير معلومة تؤثر على أسعار الوقود في السودان، إذ أن السودان بات ضمن أعلى أسعارا للوقود في إفريقيا، وتابع قائلاً: بل أصبح الوقود يتم تهريبه للسودان من ليبيا وتشاد نسبة للأسعار العالية جداً في السودان، وذهب بالقول: بما أن الحكومة لا تفرض ضريبة عالية على الوقود فيجب عليها التحقيق في معرفة أسباب ارتفاع أسعار الوقود في السودان مقارنة بدول الجوار، وأشار إلى تداول أقوال عن دور جهات تعمل على احتكار الوقود ومن ثم تقوم بتطبيق زيادة سعر الوقود، ويرى المحلِّل الاقتصادي أن هذه تظل مجرَّد أقوال إلى أن تثبت رسمياً عبر لجنة تحقيق رسمية، وأبان أن عالمياً أسعار الوقود شبه مستقرة منذ أكثر من شهر بالعكس مرشحة للهبوط بفعل زيادة إنتاج السعودية وفنزويلا.