الثقة.. كلمة السر المفقودة بين المجلس العسكري و(الحرية والتغيير)!!
تقرير: صلاح مختار
قد تكون مسألة وقت إذا صحّ ما تناقلته وسائل الإعلام أن المبعوث الأميركي للسودان حقّق خلال اجتماعاته مع كل من المجلس العسكري، وقوى الحرية والتغيير تقدماً فيما يتعلق بنسب التمثيل في المجلس السيادي. وبحسب ما ذكره مصدر بقوى الحرية والتغيير، أن المبعوث الأميركي دونالد بوث طلب وقف التصعيد مع المجلس العسكري والاتفاق على نقل السلطة.
محاولة الخروج
وكشف المبعوث الأمريكي الخاص للسودان دونالد بوث عن استئناف الحوار المباشر بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير. وأكد في حوار مع (البيان) الإماراتية التآم اجتماع بين موفدين من الطرفين بتشجيع من الوساطة الإثيوبية والمجتمع الدولي، ولفت إلى أن الاجتماع بادرة جيدة لإعادة الأمور إلى نصابها في أعقاب التصاعد الكبير في الأحداث، الذي أدى إلى توقف الحوار منذ الثالث من يونيو الماضي، وأضاف: (هذا هو الاجتماع المباشر الأول منذ ذلك التاريخ). وقال إنه لا سبيل أمام السودانيين لحل الأزمة الماثلة غير الحوار والوصول إلى اتفاق لتجنيب البلاد أي انزلاق إلى سيناريوهات بالغة القتامة.
نقطة خلاف
ويبدو أن قوى إعلان الحرية والتغيير تريد توضيح نقاط الخلاف التي تحول بين إعلان الحكومة المدنية من خلال الإعلان عن موقفها بشأن المجلس السيادي، حيث أعلنت رفضها رئاسة المجلس العسكري الانتقالي للمجلس السيادي، وأكدت إصرارها على أن تكون رئاسته مناصفة بين الطرفين، متمسكة “بإعلان مجلس وزراء بالكامل من بينها، فيما وافقت على إرجاء تشكيل المجلس التشريعي لفترة زمنية لا تتجاوز الثلاثة أشهر”، وفق ما أوردت وكالة “الأناضول” للأنباء، عن مصدر لم تُسمّه. وقال المصدر أنهم أبدوا ملاحظات للوساطة الإفريقية الإثيوبية المشتركة بتعديلات طفيفة، مُشيراً إلى أن تلك التعديلات تتعلق أيضاً بـ”تكوين مجلس سيادة من 5+5+1 (5 أعضاء لكل طرف واختيار شخصية توافقية) بناء على طلب المجلس العسكري بتقليص عدد الأعضاء في المجلس السيادي من 7+7+1 .
مسودة اتفاق
فيما أكد القيادي بالحرية والتغيير، مدني عباس مدني موافقتهم مبدئياً على المبادرة الإفريقية الإثيوبية مع بعض التحفّظات، وتابع: (اليوم التقينا بالمبعوثين الإفريقيين، وقالوا إنهم نظروا في ملاحظاتنا، وسيتعاملونمعها بشكل جيد، وحدثونا عن ملاحظات المجلس العسكري).
فيما أعلنت قوى التغيير استلام مسودة اتفاق مقترح من الوساطة الإفريقية الإثيوبية المشتركة، للاتفاق مع المجلس العسكري.
عدم ثقة
ويرى المحلل السياسي والكاتب الصحفي، د. أبوبكر آدم أن ما يحدث بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير ليس عملية شد وجذب، وإنما أزمة ثقة بين الطرفين, ورأى أن العسكري لا يثق في قوى التغيير باعتبار أنها تحمل أجندة خفية, ولا تظهر الحقائق أمام المجلس أو الرأي العام. كذلك قوى التغيير تنظر إلى التحركات التي يقوم بها المجلس العسكري بنوع من الريبة خاصة أنها تعتبر العسكري غير شريك في الثورة, وبالتالي تنظر إلى تحركات العسكري الداخلية والخارجية بنوع من الريبة وتعتبرها جزءاً من عمل الحكومة المنتخبة.
تصعيد مضاد
ورغم أن المجلس العسكري الانتقالي يرى أن المقترح الأفريقي يصلح أرضية ممتازة للتفاوض والعبور من الأزمة، إلا أن آدم يرى أن التصعيد من الجانب الآخر وممارسة الضغط على المجلس بواسطة التظاهرات المليونية ودعوات الاعتصام والعصيان يُشكك في نية قوى التغيير من عملية التفاوض والاتفاق مع المجلس العسكري. ومع ذلك أتاح المجتمع الدولي لنفسه مساحة للتحرك بين الطرفين وممارسة الضغط عليهما باعتبار أن السودان يشكل نقطة استراتيجية وأي انفلات أمني فيه سيزيد الأزمة ويؤثر على دول الجوار التى لا تريد أي فوضى في السودان، ولذلك تمارس ضغوطاً على الاتجاهين للجلوس للتفاوض.
تهديد مُبطّن
فيما قال المحلل السياسي، د. إدريس الدومة، في حديثه لـ(الصيحة) إن تصريح المسؤول الأمريكي يعتبر تهديداً مبطناً للمجلس العسكري إن لم يستجب، ورأى أن تلك سياسة متقدمة ومتطورة، وجزم بأن المجلس العسكري لن يقبل بشروط قوى إعلان الحرية والتغيير، وأن تجمع المهنيين يعلم جيداً أن العسكري لن يقبل بشروطه، وبالتالي فإن حديث المسؤول الأمريكي يعتبر ممارسة الضغط على الجانبين.
وحذر الدومة من محاولة إنتاج الإنقاذ مرة أخرى، وقال: هذا ما جعل قوى التغيير تُمارس الضغط على المجلس العسكري عبر دعوات العصيان والمسيرات المليونية.
صورة مُربِكة
ورسم الخبير الإعلامي والمحلل السياسي، د. ربيع عبد العاطي لـ(الصيحة) صورة مربكة للوضع السياسي الداخلي, ووصف التظاهرات التي خرجت أخيراً بأنها ضخمة، ولكنه شكك في تبنّيها خطاً مُوحَّداً له نفس الهدف وعلاقته التنظيمية بقوى الحرية والتغيير، وقال: واضح أن الحل يكمُن في تصوّر جديد يناسب أشواق الشباب والذي لا تملكه قوى الحرية والتغيير أو الأحزاب المنضوية تحتها، وقالك الحل ليس بالسهولة فهو يحتاج لمزيد من التفكير.
الفوضى الخلاقة
ودعا عبد العاطي إلى إعادة تكييف للأزمة حتى يكون صحيحاً إيجاد الحل، وأبدى تخوّفه من الفوضى الخلاقة حال عدم الوصول إلى اتفاق، وقال: كل ما يجري الآن حرث في البحر. وأضاف أن القضية هي أن جزءاً من الشباب ليس لديهم انتماء سياسي، وليست هنالك برامج تقودهم، مبدياً تخوُّفاً من أن تسير الأمور في اتجاه تبنّي أجندات النظام العالمي الجديد الذي يهدف إلى الفوضى الخلَّاقة.