26 يوليو 2022م
كانت أيامْ..
ونكتبها – هكذا – بالتسكين كما غناها أحمد المصطفى؛ زمان..
وأيام زمان كان هنالك المشترك..
وهو معروف لدى ناس زمان… أو من كانوا يسافرون بالقطار منهم..
ولعل أشهره مشترك حلفا..
وربما سبب الشهرة رحلته الطويلة… الطويلة جداً… عبر صحراء قاحلة..
والآن هنالك شيءٌ اسمه المشتركات..
وهو مصطلح يُستخدم سياسياً للدلالة على قواسم مشتركة بين قوى سياسية..
للدلالة على قطار مشترك رمزي..
وينقل أناساً يتشاركونه إلى وجهةٍ معلومة… مع نوايا بدواخلهم غير معلومة..
سواء كانت بوعي – القواسم هذه – أو بدونه..
أو بعبارة أخرى؛ سواءً كانت عمداً أو عفواً… عن قصد أو بالصدفة..
والآن بيني وبين الكيزان مشتركات..
ولكنها مشتركات ليست ذوات قواسم سياسية عظمى… ولا حتى دنيا..
وإنما من منطلق عدو عدوي صديقي..
هكذا ينظرون هم إلى مشتركاتنا معاً… بينما أنظر إليها أنا من زاوية الصدفة..
وهذا المشترك هو قحت وأشباهها..
ولكني لم أمقت قحت لأنها سرقت مني نظاماً كنت أتمتّع بمباهجه..
هذا إن لم يكن مقتي لهما متساوياً..
فالإنقاذ سرقت – قبلاً – شرعيةً جاءت عن طريق صناديق الانتخابات..
بينما قحت سرقت ثورةً أسقطت النظام السارق هذا..
ثم انغمسوا في مباهج سلطتهم بأشرس من انغماس الكيزان بمباهج نظامهم..
أو بطريقة أشد شبقاً… وشهوانية..
وذكَّرونا بأيام زمان؛ زمان فرحة الكيزان بفترة (تمكنَّا) الأولى..
ثم فترة الإنقاذ هذه نفسها ذكَّرتنا بأيام زمان..
جعلتنا – فترة الثلاثين عاماً هذه – نحن إلى أيام زمان… لما قبل الانقلاب..
إلى فترة حريات كادت تحرمنا منها قحت..
بمثلما حُرمنا من الحريات هذه طوال زمن الكيزان؛ إلا قليلا..
أشارك الكيزان هؤلاء – إذن – كراهية قحت..
ولكن بداخل كلٍّ منا نواياه المختلفة..
ولا يدفعني منطقي – الخاص – إلى مقت قاسمنا المشترك هذا..
لا يدفعني إلى حب قحت مخالفةً لهم..
كما لا يجعلني أخشى وصفي بالكوزنة إذ نتشارك كراهية قحت..
ولكني أخالفهم في شيء مهم..
أخالفهم في شيء سبق أن خالفت المايويين فيه..
وهو وصفهم لثورة ديسمبر بأنها كانت محض انقلاب وراءه مؤامرة خارجية..
وكذلك وصف أهل مايو لثورة أبريل..
فأي مؤامرة هذه التي تدفع بألوف إلى الشارع؛ ليدفعوا حيواتهم ثمناً لمظاهرة؟..
مظاهرة لا يعرفون هدفها؛ ولا من يقف خلفها..
وكأنها مظاهرات بلا معنى؛ وكأنما الناس لم يكن ينقصها شيء..
لا حريات… لا ديمقراطية… لا كريم عيش..
بينما هم يصفون انقلابهم بأنه ثورة؛ رغم أنه تم ليلاً… والناس نيام..
وما من مظاهرة واحدة سبقت انقلابهم ذاك..
حتى ولو من عشرة أشخاص فقط؛ وكذلك الحال بالنسبة لانقلاب مايو..
فما الذي يجعل الثورة انقلاباً؟… والانقلاب ثورة؟..
ثم كل انقلاب ينقض على شرعية جاءت في أعقاب ثورة تجعلنا نحِنُّ للماضي..
نحِنُّ إلى ماضٍ لنا فيه حريات… وبشريات… وغراميات..
ولا أعني غراميات عاطفية..
وإنما هو عشقٌ لكل ما يكمن في جوف الديمقراطيات الوليدة من أمنيات..
فهي (عملٌ صالح)؛ بعكس الانقلاب..
ولولا أن قحت سقطت سريعاً لشاركت كلاً من مايو – والإنقاذ – سوءاتهما..
لشاركتهم الكبت… والقهر… وشهوة السلطة..
ثم جعلتنا نحن إلى ماضٍ بعيد؛ كل شيء فيه كان جميلاً… جميلاً جداً..
ومنه زمان قطار المشترك..
وبكل الأسى – والأسف – نغني مع العميد:
أيام زمان… كانت أيامْ..
لـي فيـها قصــة..
قصة غرام!!.