الخرطوم: رشا التوم 22يوليو 2022م
لفترة طويلة إلى حد ما، حافظت العملات الأجنبية على ثبات أسعارها في السوقين الرسمي والموازي نتيجة سياسات وإجراءات داخلية تم تطبيقها في محاولة لكبج جماح الارتفاع خاصة الدولار الأمريكي.
وبحسب متابعات (الصيحة) استقر سعر الدولار في السوق الموازي يوم أمس الخميس (566) جنيهاً، والريال السعودي (150) جنيهاً، والدرهم الإماراتي (155) جنيهاً، واليورو (568) جنيهاً، والجنيه الاسترليني (590) جنيهاً، والجنيه المصري (29.50) جنيهاً، والريال القطري (150) جنيهاً، والدينار البحريني (1490) جنيهاً، وأرجع متعاملون في السوق الموازي حالة الاستقرار في أسعار العملات الأجنبية إلى تراجع الطلب ووفرة العرض من العملات كافة في السوق الرسمي بالبنوك التجارية والصرافات بجانب دخول وكالات السفر والسياحة لشراء العملات الأجنبية من السوق الموازي لمقابلة طلب بيع تذاكر السفر بالعملة الأجنبية.
وأوضح أحد المتعاملين بالدولار لـ(الصيحة) أن استقرار الدولار يرجع إلى توفر العرض وتراجع الطلب من قبل العملاء في السوق الموازي واتجاه عدد كبير من الزبائن لشراء احتياجاتهم من البنوك والصرافات، لأن الفرق في الأسعار ما بين السوق الرسمي والموازي قليل جداً.
وأكد عدم وجود طلب على السوق وقال: إن سعر الدولار في حدود (566) إلى (570) جنيهاً، ولفت إلى أن رفع التجار للسعر يتم بزيادة الطلب لكميات كبيرة لا تتوفر في السوق الرسمي.
منوِّهاً إلى أن هشاشة الوضع الاقتصادي للبلاد جعلت سعر الصرف مسألة حساسة تتفاعل مع أي حدث سواءً تصريحات لمسؤول أو توقعات بوصول قروض أو منح أو ودائع خارجية، بالتالي تعمل تلقائياً على تراجع أسعار العملات من النقد الأجنبي في السوق.
وأرجع مراقبون عدم استقرار أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني إلى أن المتعاملين في السوق الموازية يشعرون أن الدولة حتى الآن لا تمتلك احتياطي مقدِّر يمكنها من تحقيق استقرار سعر الصرف، إضافة إلى أن الاقتصاد السوداني مازال يعتمد على المعلومات والإشاعات -أحياناً- سواءً أكانت صحيحة أو غير صحيحة ويتأثر بها، مما يؤثر في أسعار العملات هبوطاً وصعوداً طوال العام دون استقرار تام.
ومن جانبه أوضح الخبير الاقتصادي طارق عوض، خلال حديثه لـ(الصيحة) أن الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع الدولار من وقت لآخر هي عدم وجود سوق منظم للتعامل بالنقد الأجنبي لذلك هنالك جهات بعينها تتسبب من وقت لآخر في الارتفاع
بجانب خروج البنك المركزي من صلاحيات تحديد سعر العملات الأجنبية الأمر الذي أثر سلباً على الوضع الاقتصادي في البلاد دون أن يجد الرقابة أو الدراسات المناسبة للوقوف على الأسباب الحقيقية للتأثير على الأسعار ومن ثم اتخاذ الإجراءات المناسبة.
وقال: هنالك رجال أعمال ورأسمالية ومؤسسات وطنية أخرجت رؤوس أموالها إلى خارج البلاد بمختلف الطرق أو عن طريق تسيير الأصول الثابتة والأرصدة بالبنوك وغيرها والتي تساهم بدورها في ارتفاع الأسعار، مشيراً إلى أن المعالجات التي يجب أن تضعها الدولة والتي تتمثل في منع استيراد السلع غير الضرورية في الوقت الحالي خاصة السلع الكمالية، إضافة لتفعيل قانون التعامل مع النقد الأجنبي ومحاربة تجار العملة، بالإضافة للتهريب في سلع الصادر والوارد
والتشدُّد في المعاملات التجارية لمنع المضاربات والاحتكار للعملات الأجنبية .
واعتبر أن استقرار الدولار وثباته مؤخراً يدل على نجاح آليات الحكومة في محاربة الانفلات في سوق العملات.
وأردف بأن ارتفاع أسعار الدولار خلَّفت آثاراً كارثية على الجنيه السوداني طوال السنوات الماضية، وأثرت في قيمته الشرائية إلى حد ما، وهي مشكلة ممتدة منذ فترة طويلة لم تفلح معها المعالجات كافة من قبل القائمين على الأمر في الحكومات السابقة.
وأضاف خبير مصرفي، فضَّل حجب اسمه، أن سعر الصرف لأي عملة مؤشر على مدى استقرار الوضع الاقتصادي في أي بلد وبقدر ما يرتفع معدَّل التضخم تتآكل القوة الشرائية للعملة وينهار سعر الصرف، مشيراً إلى أن عدم استقرار سعر الصرف يعتبر علامة لازمة اقتصادية عميقة تؤثر على الصناعة والزراعة وكل مناحي الحياة، مبيِّناً أن مشكلة الاقتصاد السوداني تتعلق بالنقد الأجنبي ويجب معالجتها عبر إنشاء بورصة للمعادن حتى تكون أسعار الذهب جاذبة للمعدِّنين، وبيعها بالداخل بدلاً من تهريبها للخارج ما يساهم في تنظيم التعدين في البلاد وإيقاف الشركات الحكومية من العمل بالتعدين، إضافة لذلك الاهتمام بتحويلات المغتربين لتوفير نقد أجنبي وبالتالي تساهم في استقرار سعر الصرف في البلاد.