صلاح الدين عووضة يكتب : سميتها منيرة!!
21 يوليو 2022م
ولم أسمها سميرة..
وذلك تماشياً مع قصيدة أيام الدراسة (لي قطةٌ صغيرة… سميتها سميرة)..
وما جعلني أصرف النظر عن الاسم هذا منيرة..
ومنيرة هذه جارتي – في ذياك الزمان النضر البعيد – وقد كنت وحيداً..
فقد هدتني يوماً طعاماً أحبه؛ وهو التقلية..
بيد أنها بالغت في شيءٍ بأحد مكوناته أكرهه حد المبالغة؛ وهو الثوم..
فكرهت هديتها الغذائية تلك..
وأهديتها – بدوري – إلى قطةٍ صغيرة كانت قد حلت ضيفةً على داري..
فأكلتها بشهية لم ألحظها فيها من قبل..
مذ هبطت عليَّ من غياهب المجهول؛ هبوطاً من حائطٍ مواجه للشارع..
وحق لها أن لا تأكل بشهية..
فغالب طعامي كان هو الفول؛ رغم أن الزمان – كما قلت – كان نضيرا..
وما ذاك إلا لسببين اثنين:
أولهما أن البيت لم تكن به امرأة؛ وأنا ثور الله في برسيمه بشؤون الطبخ..
وثانيهما أنني عاشقٌ للفول… وبه مُغرمٌ..
ولا مانع لدي من أن يكون إفطاري فولاً… وغدائي فولاً… وعشائي فولاً..
إلا أن قطتي كان لديها ألف مانع..
أو – على الأقل – كانت كذلك في أولى أيام الضيافة… ثم اعتادت عليه..
بل ورفضت تناوله يوماً لأنه كان خالياً من الزيت..
المهم أنني سميتها على جارتي تلك لأنها التهمت طعامها الثومي كله..
ولأنها كانت تمشي مثلها – بالجنب – مشيةً محببة..
وتذكرت قطتي تلك – مساء أمس – عقب مهاتفة من زميل مهنة عزيز..
وهو محمد محمد خير؛ صاحب أقاصي الدنيا..
وعلى النقيض مني – ومما اعتادت عليه قطتي – هو لا يقرب الفول..
وإنما طعامه المفضل هو اللحوم..
ودوماً ما يتغزل في أجودها – عبر زاويته الصحفية – وعلى رأسها الفلتو..
ولا غرو؛ فقد كان قصاباً… ابن قصاب..
ثم هو صاحب أسلوب ساخرٍ في الكتابة لم أر مثيلاً له بصحافتنا المحلية..
وذلك رغم محاولته وسمي بالذي يتميز به هذا..
بل إن كل ما صبه في أذني – عبر سماعة الهاتف – من ثناء أحق هو به..
أحق به مني… ومن غيري..
ولقد افتقدته صحافتنا كثيراً لدواعي مرضٍ نسأل الله أن يشفيه منه سريعاً..
فهي صحافة ذات عسم؛ وبحاجة إلى الإبداع..
سيما إن كان إبداعاً ساخراً كالذي يتفرد به محمد خير إلى حد الجنون..
ومن سخرياته المجنونة هذه حديثه عن قطة..
فأثناء زيارته السابقة لبلادنا – والزمان ما عاد نضيراً – لاحظ شيئاً عجيبا..
لاحظ قطةً تأكل قطعة بصلٍ بمنزل صديقٍ له..
ولولا الجوع – الكافر – لما فعلت ذلك؛ تماماً كقطتي التي أدمنت الفول..
وهذه دلالةٌ – يقول – على مدى ما آلت إليه أحوالنا..
وهو نفسه إذ يقول إنه أدمن كتاباتنا فهذه دلالة على مدى ما آلت إليه صحافتنا..
فبات يرى ما نكتبه شهياً..
بمثلما رأت قطتي الفول شهياً؛ ورأت قطة صديق محمد خير البصل شهياً..
بل إن قطتي رأت حتى ما قدمته لي جارتي شهياً..
فكان لزاماً عليّ أن أسميها عليها..
لأردد – كلما أذكرهما الاثنين وثالثتهما تقلية الثوم – لي قطةٌ صغيرة..
سميتها منيرة!!.