منى أبوزيد تكتب :الصاج والطَرَقات..!
21 يوليو 2022م
“النزاهة السياسية ليست عقاراً يُباع في الصيدليات، أما العدالة الانتقائية فهي أول مسمار يدقه المستبدون في نعش الحكومات”.. الكاتبة..!
(1)
الشعوب تَتمايز وتَتباين وفقاً لموقعها من خارطة “الإرادة” التي تنقسم بدورها إلى إرادة حرة وإرادة موقوفة على إجازة القوى السياسية التي تتحرّك في مساحة شعاراتها المحدودة بعض الشعوب. لكن تفوُّق الإرادة الحرة للشعوب ظلّ على الدوام أمراً محسوماً بحتمية التاريخ. والدليل على ذلك نجاح معظم الثورات التي تضرمها إرادة الشعوب من جهة، وفشل ذات الشعوب في تحقيق الاستقرار وإنجاح التحوُّل الديمقراطي بعد أن تُسلِّم قيادة دفة آمالها وتطلعاتها إلى بعض القوى السياسية – التي تنشغل بالمُحاصصة واقتسام الغنائم عن دورها الرئيسي في تمثيل إرادة ذات الشعوب التي ولّتها أمرها – من جهةٍ أخرى..!
(2)
الطبيعة التي لا تقبل الفراغ والتاريخ الذي لا يتستر على الفشل يقولان إن ما يظنه البعض مآلاً ما هو إلا جولة في معركة صراع الإرادات. بعد أن يطال الإحلال والإبدال مواقف بعض فئات الشعب المؤمنة ببعض الكيانات السياسية، وبعد أن يستوي الماء والحجر. لن يبقى هذا الشعب على تمسكه بجودة “الطَرَقة الأولى” في صاج الكسرة هذا. لأن نضوج بعض “الطَرَقات” تباعاً وعلى نحو أكثر تماسكاً سوف ينقله رأساً من دائرة الانطباع الرخوة إلى مربع الإدراك الصلب القاطع. لأجل ذلك أقول إن استشراف مستقبل الثورة في هذه الفترة هو الأولى، عوضاً عن استدعاء ما حاق بها. لأن الاستدعاء – ببساطة – يمنع التكرار، لكن الاستشراف هو الذي يصنع القرار..!
(3)
يقيني أن كل شرِّ – قد يحيق بهذا البلد الطيِّب أهله – إلى زوال، وبأن الاتفاق بين شركاء هذه الثورة المجيدة – التي روتها دماء الشهداء والتي استمدّت ثباتها من جسارة أجساد الجرحى – هو المآل المنطقي الوحيد والممكن الذي ستنتهي إليه كل المواقف على اختلافها وعلى علَّاتها أيضاً. ويقيني أيضاً أن الشعب الذي تتنزّل عليه مآلات غضب الشركاء ومعارك الساسة لا تعنيه “وجاهة” الأسباب من “حقيقتها” بقدر ما تعنيه نتائجها الراجحة التي تؤثر في مجريات واقعه المعيش. فالخبز والأمن والحرية جاءت قبل الديمقراطية والمدنية في هرم “ماسلو” الشهير، هذا هو ما يعيه ويدركه أي مواطن أرهقته مجابدة الأسعار وروعته تفلتات الشوارع، بينما تجاهلته قوى السياسة التي انشغلت بالتناحُر على السُّلطة عن دورها الأساسي في توفير الخبز والأمن والكرامة..!