أزمة السودان حاضرة رغم غيابه..قمة جدة مثالاً
تقرير: عوضية سليمان 18 يوليو 2022م
ثمة ملاحظة في غاية الأهمية تجاه قضايا السودان التي تناقش في القمم الدبلوماسية بمعزل عن حضور الطرف الرئيس وصاحب القضية السودان. ولعل قمة جدة التي ضمت الولايات المتحدة الأمريكية مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي بجانب بعض دول الإقليم مثل: مصر والأردن وتركيا وإسرائيل والعراق رغم أهميتها بالنسبة للدول المشاركة, إلا أن قضية السودان كانت حاضرة رغم غيابه عن المشاركة. ومثال آخر القمة التي جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن تطرقت -أيضاً- إلى حديث عن السودان حيث عبَّرا عن دعم قادة القمة جهود تحقيق الاستقرار في السودان واستكمال نجاح المرحلة الانتقالية وتشجيع التوافق بين الأطراف السودانية والحفاظ على تماسك الدولة ومؤسساتها ومساندة السودان في مواجهة التحديات الاقتصادية، كما أكد القادة دعهم لجهود تحقيق الاستقرار في السودان واستكمال نجاح المرحلة الانتقالية وتشجيع التوافق بين الأطراف السودانية والحفاظ على تماسك الدولة ومؤسساتها ومساندة السودان في مواجهة التحديات الاقتصادية.
الحوار السوداني
وبالتزامن مع قمة جدة كان هنالك لقاءً بالخرطوم جمع السفير السعودي بالسودان مع القائم بأعمال السفير الأمريكي بالسودان تطرَّق لقضايا الحوار السياسي الجاري في البلاد الآن وناقش الاجتماع العلاقات الثنائية بين البلدين ومستجدات الأحداث على ضوء القمة السعودية الأمريكية بجدة والمساعي المشتركة لحل الأزمة السياسية في السودان وسبل دفع الأطراف السياسية لحوار سوداني سوداني يحقق الاستقرار في السودان، وذلك على خلفية مخرجات اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع الرئيس الأمريكي جو بايدن اللذان أكدا في قمتهما أهمية الحوار بين الأطراف السودانية .
الوضع خطير
وصفت قوة الحرية والتغيير القمة السعودية الأمريكية بجدة بالتاريخية وأثنت على الإشارات الإيجابية التي احتواها بيان جدة حول دعم دور الأمم المتحدة والمجموعة الرباعية في التواصل مع الأطراف السودانية بغية الوصول لحل سياسي، كذلك أشادت بالمواقف المهمة لدول الترويكا والاتحاد الأوروبي, ودعت الحرية والتغيير لمزيد من التنسيق الدولي والإقليمي بما يساند تطلعات الشعب السوداني وطموحاته, ودعت في بيان الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية مواصلة دورهما الإيجابي في مساعدة الشعب السوداني للتعاطي مع أزمتهم الحالية، وشدَّد على ضرورة تلافي الانخراط في دعم شكل من أشكال الحلول السياسية التي لا تخاطب جوهر الأزمة السودانية واعتبرت الوضع خطير في السودان. وأكدت قوى الحرية والتغيير مواصلة التعاطي الإيجابي مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وأصدقاء وشركاء السودان الإقليميين والدوليين كافة للتفاكر المستمر في قضايا الهم المشترك .
موقع متقدِّم
وبحسب مراقبين أن السودان واحد من البلدان المضطربة سيكون حاضراً في أجندة الدول التي لها مصالح مع السودان. وقال مستشار الحزب الاتحادي الديمقراطي، حاتم السر، إن ملف السودان يحتل موقعًا متقدِّمًا ضمن أجندة زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لأنه لا أمن للقرن الأفريقي ولا البحر الأحمر ولا حتى لقلب أفريقيا بدون أمن الخرطوم واستقرار نظامها السياسي، لافتًا إلى أن هذه معضلة دقيقة. وأضاف السر، في تصريحات صحفية، أن السودان سيكون حاضرًا في قمة جدة لدواعٍ أمنية تتعلق بالحرب الأهلية في أثيوبيا، وسد النهضة، والأزمة الغذائية العالمية، وأمن البحر الأحمر، وملف الهجرة، وملف مكافحة التطرف والإرهاب. ورأى أن التدخلات الخارجية في بلاده في الفترة السابقة كانت قصيرة النظر واتسمت بالتعاطي مع الأزمة السودانية بمنطق إطفاء الحرائق لا معالجة جذور الإشكالية.وتوقع أن يتم خلال القمة اتخاذ موقف موحَّد ومباركة دولية لتحقيق أقصى قدر من الأمن والاستقرار لشعوب البلدان التي تعاني من حالات عدم الاستقرار السياسي والأمني مثل السودان. وتابع: “لكن السؤال، هل ستنتظر القمة انتهاء الترتيبات الانتقالية قبل إدماج السودان في الحل؟ هل يملك العالم هذا الترف، وهو يواجه أزمات الغذاء والطاقة، ليبقى جزءًا كبيرًا من الحل معطلاً؟” ولكن استدرك بالقول: ”لا أعتقد ذلك، وقال أتوقع أنّ الحل سيكون قريبًا، والاهتمام بالسودان سيكون إيجابيًا”.
ضغوط كثيفة
وفي هذه الاتجاه يرى السفير الدبلوماسي الرشيد أبو شامة لـ(الصيحة) أن وجود قضية السودان في قمة جدة يدل على أن القضية تهم كل من كان مشاركاً في القمة, رغم عدم وجود السودان، موضحاً بأن القضية ليست محصورة داخل السودان فقط هناك أبعاد سياسية خارجية ودولية. على سبيل المثال على المستوى الدولي والإقليمي أدانوا الحكم العسكري وأيَّدوا الرجوع إلى الحكم المدني, وتلك خطوة كبيرة جداً تعبِّر عن موقف دولي وإقليمي، بجانب أن التأييد يأتي من الشرق الأوسط الذي يضم السعودية والإمارات ومصر والخليج والأردن والعراق، وتعتبر هذه جهود كثيفة وقوية جداً توجه للوضع في السودان.
سد النهضة
وقال أبو شامة: من المفترض أن يترنح الحكم بسبب الضغوط الإقليمية والدولية, ونوَّه إلى أن القمة تحدثت عن سد النهضة وعن موقف السودان رغم أن مصر كانت موجودة بالتالي قضية السد فيه ضغوط كبيرة جداً على أثيوبيا في مقابل تأييد لموقف السودان, لكنه أشار إلى توقف المعونات الاقتصادية والمنح والتعاون الاقتصادي بسبب سيطرة المكوِّن العسكري على الحكم. ولكنه توقع استئناف الدعم على حسب وعد قمة جدة. ورأى أن ما جاءت به قمة جدة يمثل ضغطاً على الوضع في السودان وتحديداً الطرف الحاكم، موضحاً بأن أمريكا لديها خطة استراتيجية في كل العالم, وأن السودان من ضمن هذه الخطة, وتحديداً أمن البحر الأحمر الذي يمثل لأمريكا خطاً أحمر لا تريد التفريط فيه ليتم احتلاله من روسيا أو الصين. ولذلك السبب المباشر لموقف أمريكا تجاه السودان, لأنها تخشى دخول روسيا وعدم الخروج بعد ذلك مثلما فعلت في سوريا، لأن لديها مصالح استراتيجية في السودان وأنها وجدت تأييداً واضحاً من السعوديه ودول الخليح .
حافة بسيطة
وتساءل المحلِّل السياسي الدبلوماسي جمال إبراهيم هل السودان أوكل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لينوب عنه بالحديث عن السودان في القمة؟ وقال لـ(الصيحة): السودان ليس حاضراً في القمة. بالتالي أول ملاحظة أن القمة تجاهلت الجامعة العربية، بجانب ذلك أن القضايا التي طرحت في الساحة العربية هي بسيطة تمت مناقشتها. وقال هل قضية اليمن وسوريا تم النقاش فيها, وأضاف حتى مشاكل السودان تم نقاشها على حافة بسيطة, بسبب أن السودان ليس له علاقة بالقمة, وأن ملف السودان المعقَّد سياسياً لم يُطرق بالطريق المطلوبة, وإنما على طرف لسان, ورأى أن ما جاء في القمة متعلق بالمصالح المشتركة بين الدول، مبيِّناً أن الحديث عن دعمهم للثورة هو حديث من طرف لسان .