تحقيق: ناصر بابكر 19 يوليو2022م
فجّر نادي الخرطوم الوطني قضية يمكن أن تثير جدلاً يستمر طويلاً في الوسط الرياضي بعد الشكوى التي تقدم بها ضد مشاركة لاعب الهلال “سالمون بانغا” في مباراة الفريقين الأخيرة والتي انفردت بها (الصيحة) في وقت سابق، كما أعاد للواجهة شكوى الأمل “المسكوت عنها” التي تقدم بها “فهود الشمال” بتاريخ “22 مايو 2022” ضد لاعب الهلال “جيرالد فيري” والتي كانت الصحيفة قد كشف تفاصيلها كاملة..
(الصيحة) من خلال هذه المساحة يفتح ملف تلك الشكاوى ويكشف المثير بشأن قضية عدد اللاعبين الأجانب المسموح به في كشوفات الأندية والورطة التي عاشها الاتحاد بعد شكوى الأمل والتي يتوقع أن تستمر حتى نهاية الموسم الحالي.
الاستثنائية 2022
أقر اجتماع مجلس إدارة الاتحاد السوداني الحالي رقم “3” في الجلستين الاضافيتين يومي “15 و16 يناير 2022” ضمن القرارات التي خرج بها، فتح نافذة تسجيلات استثنائية مع السماح للأندية خلالها بالتعاقد مع لاعبين أجنبيين إلى جانب ثلاثة لاعبين وطنيين بالإعارة.. وقتها أثار القرار جدلاً، لأنّ قرار مجلس إدارة الاتحاد السوداني لكرة القدم أشار للسماح بتعاقد الأندية مع اثنين مع اللاعبين الأجانب دون تحديد للعدد الإجمالي للاعبين الأجانب بالكشف، وهو ما دفع الهلال وقتها للتعاقد مع الظهير الأيمن السنغالي “دياغني” وصانع الألعاب النيجيري “عبدول اجاجون” ليرتفع عدد الأجانب بكشف الفريق إلى ستة أجانب حيث كان يضم قبلها كلاً من “واتارا، فيري، إبراهيما وديفيد ريتشارد”.. بعدها خرجت تصريحات من رئيس لجنة أوضاع اللاعبين بالاتحاد السوداني لكرة القدم أوضح فيها أن السماح للأندية بضم لاعبين أجنبيين بشرط أن لا يتجاوز عدد الأجانب خمسة لاعبين وهو ما أكده لاحقاً اجتماع مجلس إدارة الاتحاد بصورة دفعت الهلال للاستغناء عن السنغالي “دياغني” للإبقاء على خمسة أجانب بكشف الفريق.
خمسة أم ثلاثة؟
الجدل الذي دار إبان فترة الانتقالات الاستثنائية في “يناير 2022″، فتح الباب أمام سؤال جوهري وهو “هل هنالك مادة في لائحة أوضاع اللاعبين بالاتحاد السوداني تحدد عدد الأجانب؟” وإذا كانت الإجابة “نعم” “فكم عدد اللاعبين الأجانب المسموح به بحسب اللائحة؟” وهل يحق لمجلس إدارة الاتحاد إصدار قرارات أو منشورات مخالفة للائحة؟ وإذا أقدم الاتحاد على إصدار قرار مخالف للائحة هل تسري اللائحة أم قرار مجلس إدارة الاتحاد.؟
(الصيحة) وضعت تلك الأسئلة على الطاولة وبدأ التنقيب عن اجاباتها بالعودة إلى لائحة أوضاع اللاعبين بالاتحاد السوداني لكرة القدم “قبل تعديلها مؤخراً والذي سنعود له لاحقاً”.
لائحة أوضاع اللاعبين بالاتحاد السوداني لكرة القدم التي اطلعت عليها “الصيحة” كشفت عن أن عدد اللاعبين الأجانب “غير السودانيين” المسموح به هو “ثلاثة لاعبين أجانب فقط” وذلك بحسب ما ورد في “الفصل التاسع الخاص بإجراءات وشروط التسجيل.. المادة “37 “أحكام عامة”.. الفقرة 7″ التي تقول نصاً “يكون أقصى عدد للاعبين غير السودانيين في كشف الفريق الأول ثلاثة لاعبين فقط”.. ليبرز سؤالٌ جوهريٌّ وهو من أين جاءت قصة “خمسة لاعبين أجانب؟”.
وبالعودة للوراء، وجدت “الصيحة” أن حكاية اللاعبين الخمسة ظهرت للوجود في “يناير 2021” حينما أقر مجلس إدارة الاتحاد السوداني لكرة القدم الذي كان يرأسه “د. كمال شداد” وقتها فترة تسجيلات استثنائية لدعم القمة قبل مرحلة مجموعات تلك النسخة من أبطال أفريقيا وسمح خلالها للقمة بقيد اثنين من اللاعبين الأجانب وامتلاك خمسة أجانب في الكشف، وهي ذات الخطوة التي قام بها الاتحاد الحالي في “يناير 2022” وبالتالي بات السائد في الأوساط الرياضية منذ “يناير 2021” أن عدد الأجانب المسموح به هو خمسة لاعبين أجانب وفقاً لقرار الاتحاد السابق في “يناير 2021″، ثم قرار الاتحاد الحالي في “يناير 2022”.
خطأٌ كارثيٌّ
النقطة التي لم يتوقف عندها كل الوسط الرياضي في غمرة الانجراف وراء سوق الأجانب والرغبة في مساعدة القمة لزيادة عدد اللاعبين الأجانب في كشوفاتها على أمل المنافسة قارياً، هو مدى صحة قرار مجلس إدارة الاتحاد السوداني سواء السابق أو الحالي من الناحية القانونية وهل يملك الاتحاد سلطة أو حق إصدار قرارات مخالفة للوائح؟ وهو السؤال الذي وجدت “الصيحة” إجابته في النظام الأساسي الذي يمنع مجلس إدارة الاتحاد من مخالفة اللوائح ويلزمه باحترامها وذلك وفقاً لنص المادة “7” الفقرة “1” من النظام الأساسي، وبالتالي فإنّ أيِّ قرار يصدر عن مجلس إدارة الاتحاد السوداني يخالف نصاً موجوداً باللائحة تكون الحاكمية للائحة وبالتالي يكون قرار مجلس الإدارة في حكم العدم ما يعني أن مجلسي إدارة الاتحاد السوداني المتعاقبين “السابق والحالي” ارتكبا خطأً كارثياً باتخاذ قرارات مُخالفة للائحة دون أن يقوما بتعديل لائحة أوضاع اللاعبين “التي تم تعديلها مؤخراً وهو التعديل الذي سنعود اليه لاحقاً.
شكوى الأمل
كان نادي الأمل عطبرة أول نادٍ ينتبه للثغرة التي صنعها الاتحاد، حيث تقدم الفريق العطبراوي يوم الأحد “22 مايو 2022” بشكوى ضد مشاركة لاعب الهلال المالاوي “جيرالد فيري” في مباراة الفريقين التي جرت يوم الجمعة “20 مايو 2022” وكسبها الهلال بسبعة أهداف بعد أن كان النادي تقدم باعتراض قبلها على مشاركة “فيري”.. وأشار الأمل من خلال الشكوى لزيادة عدد اللاعبين الأجانب بكشوفات الهلال عن العدد المسموح به في لائحة أوضاع وانتقالات اللاعبين مع التنويه، لأنّ كشف الهلال قبل تعاقد النادي مع “فيري” كان يضم “واتارا، ابراهيما ودافيد ريتشارد” من الأجانب.
ربكة الاتحاد
بحسب ما تحصلت عليه “الصيحة”، أحدثت شكوى الأمل ربكة كبيرة داخل أروقة الاتحاد الذي اكتشف الخطأ الكبير الذي ارتكبه باتخاذ قرار زيادة الأجانب إلى خمسة دون إجراء تعديل على لائحة أوضاع وانتقالات اللاعبين التي تحدد العدد المسموح به من الأجانب بثلاثة فقط .. مع الإشارة الى أن الأمل عطبرة في شكواه التي طالب فيها بنقاط مباراة الهلال استند إلى فقرة في لائحة المسابقات تُحمِّل النادي وحده مسؤولية قانونية مشاركة لاعبيه وتعتبر النادي مهزوماً حال أشرك لاعباً ثبت أن مشاركته غير قانونية.
لائحة المنافسات
بحسب مصادر “الصيحة”، دفعت الورطة التي وجد الاتحاد نفسه فيها بعد شكوى الأمل، مجلس إدارة الاتحاد للبحث عن حلول، فقدمت لجنة المسابقات مذكرة لإجراء تعديلات على لائحة المنافسات أتبعها قرار من لجنة الطوارئ (المكتب التنفيذي) بتاريخ “4 يونيو 2022” يقضي بإجراء تعديلات على لائحة المنافسات، كان أبرزها إلغاء سنترليق الهبوط الذي كان يفترض أن تلعبه الأندية صاحبة المركزين “الثالث عشر والرابع عشر” والاكتفاء بهبوط الفريقين صاحبي الترتيبين الأخيرين.. وهو تعديل رجّح مُراقبون أن يكون من ضمن تفاهمات تمّت بين بعض المسؤولين في الاتحاد ونادي الأمل للتغاضي عن مُتابعة شكواه التي لم تصدر لجنة المسابقات أي قرار حولها في كل اجتماعاتها دون أن تصدر أي تصريحات من المسؤولين بنادي الأمل بهذا الشأن، الأمر الذي أثار الكثير من التساؤلات حول تجاهل لجنة المسابقات لأمر الشكوى وصمت نادي الأمل على هذا الوضع.
29 يونيو
بتاريخ 29 يونيو 2022، وبعد أن أدرك الاتحاد الخطأ الجسيم الذي ارتكبه، اجاز مجلس إدارة الاتحاد تعديلات على لائحة أوضاع وانتقالات اللاعبين وقام بتعديل النص الذي يحدد عدد اللاعبين الأجانب بثلاثة لاعبين وقام برفع العدد إلى خمسة لاعبين.
شكوى الخرطوم
التعديل الذي أقدم عليه الاتحاد على لائحة أوضاع وانتقالات اللاعبين لم ينهِ ورطة الاتحاد التي ظلت قائمة، لأنّ التعديل الذي تم مؤخراً لا يسري بأثر رجعي ولا ينطبق على كل التعاقدات التي تمت في فترات التسجيلات الماضية منذ التسجيلات الاستثنائية في “يناير 2021” مروراً بالتكميلية ثم الرئيسية ثم الاستثنائية الثانية في “يناير 2022” ثم التكميلية، حيث بدأ سريان التعديل من فترة الانتقالات الحالية التي بدأت في يوليو الحالي.. وهو الأمر الذي دفع الخرطوم الوطني لتقديم شكوى ضد مُشاركة الكاميروني “سالمون بانغا” الذي تعاقد معه الهلال في فترة الانتقالات التكميلية ووقتها كان كشف الفريق يضم من الأجانب كلاً من “واتارا، فيري، عبدول ودافيد ريتشارد”، حيث كان “بانغا” الأجنبي الخامس قبل أن يستغنى الهلال لاحقاً عن التنزاني دافيد ريتشارد.
الاعتراض والشكوى
بحسب متابعات “الصيحة”، تطرق بعض المتابعين لجزئية اعتراض الخرطوم على ثلاثة من لاعبي الهلال، وأشاروا لأن الشكوى سترفض شكلاً لأن الاعتراض يفترض أن يكون على لاعب واحد، غير أن العودة للائحة المنافسات يشير إلى أن اللائحة اشترطت في “الشكوى” أن تكون ضد قانونية مشاركة لاعب واحد فقط، لكنها لم تُقيِّد عدد “الاعتراض” ولم تُحدِّد عدداً مُحدّداً يمكن الاعتراض على مشاركته، وهو ما دفع الخرطوم الوطني لتقديم اعتراض على عدة لاعبين، لكن تقديم الشكوى في لاعب واحد فقط وهو الكاميروني “سالمون بانغا”.
“عبدول وبانغا.. توماس وتوني”
القضية التي تفجّرت بشكوى الأمل عطبرة أولاً ثم شكوى الخرطوم الوطني مؤخراً والتي وضعت الاتحاد ولجانه في ورطة كبيرة، فتحت أنظار المسؤولين بالقمة تحديداً باعتبار أن كشف الفريقين يضم أكثر من ثلاثة لاعبين أجانب، لمخالفة هذا الوضع للائحة أوضاع وانتقالات اللاعبين قبل تعديلها الذي لا يسري على العناصر التي تم قيدها سلفاً، الأمر الذي يمكن أن يقود الفريقين بحسب متابعات “الصيحة” لإبعاد الأجانب عن الجولات الثلاث المتبقية من الدوري خوفاً من تلقي مزيدٍ من الشكاوى بالنسبة للهلال أو تقديم أي ناد لشكوى ضد المريخ وبالتالي يمكن أن يغيب كل من “عبدول وبانغا” عن مباريات الهلال المتبقية و”توماس وتوني” عن لقاءات المريخ، مع إمكانية أن تواصل القمة في الاعتماد على الأجانب لكن بشرط أن تتوقّف مُشاركتهم على تقديم المنافس لاعتراض من عدمه.
لجنة المسابقات
تلك التطورات التي سلّطت عليها “الصيحة” الضوء تجعل، لجنة المسابقات بالاتحاد السوداني لكرة القدم محط الأنظار في الأيام القليلة القادمة وترفع من الترقُّب لأول اجتماع قادم للجنة للنظر في القرار الذي ستتّخذه بشأن شكوى الخرطوم الوطني، إلى جانب الإجابة حول سؤال بشأن ما حدث في شكوى الأمل عطبرة وسبب عدم الفصل فيها حتى اللحظة رغم مرور قرابة الشهرين على تقديمها.