الخرطوم: رشا التوم. 19يوليو2022م
تفاقمت الأزمة الاقتصادية الراهنة وتداعت آثارها وصولاً إلى معاش المواطن اليومي والذي بحسب دراسات تنموية أكدت بما لا يدع مجالاً للشك عجز المواطن عن الوفاء باحتياجاته الأساسية لمعاشة اليومي وقفة الملاح، ونظراً للمؤشرات العامة للاقتصاد السوداني من خلال ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع مستوى الأسعار عقب تطبيق الحكومة لسياسة رفع الدعم ترتبت عليها آثار تضخمية أثرت على المواطن وأسهمت في إفقاره وتوسيع دائرة الفقر، واستناداً على حديث عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي كمال كرار، والذي شنَّ هجوماً على وزير المالية جبريل إبراهيم، على خلفية حديثه في اجتماع مجلس أمناء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي عن قيام الحكومة الانتقالية بإعداد ورقة استراتيجية للحد من الفقر التي تغطي الفترة من 2021 إلى 2023م.
وقال كرار: إن سياسات جبريل وسعت من دائرة الفقر وأصابت الاقتصاد في مقتل، وحمَّل مسؤولية الفقر للحكومة والنظام السياسي طالما كانت السياسة الاقتصادية تواصل إفقارالمواطنين، واعتبرالحديث عن استراتيجية لمكافحة الفقر يندرج في خانة (الكلام الفارغ).
وفي قراءة متأنية وتحليل اقتصادي عن آثار سياسات وزارة المالية وآثارها المباشرة على الاقتصاد السوداني استطلعت (الصيحة) عدداً من الخبراء الاقتصاديين حول تصريحات الحزب الشيوعي حول تصريحات وزير المالية والتي بحسب أقواله أدت إلى اتساع دائرة الفقر والفقراء.
ومن ناحيته أكد الخبير الاقتصادي عز الدين إبراهيم لـ(الصيحة) أن السياسة المالية المتبعة -حالياً- لم تكن وقفاً على جبريل إبراهيم، وإنما هي امتداد لوزراء المالية خلال حكومة الفترة الانتقالية منهم د. إبراهيم البدوي وهبة محمد علي وهي ذات السياسة الموضوعة ولم تتغيَّر،
وأشار إلى أن السياسة المالية وضعت حسب وصفة صندوق النقد الدولي وفي العادة يتم إسناد السياسات من الصندوق بقروض مالية للتسهيل على المواطنين ولكن بالنظر إلى السودان فقد تم تطبيق السياسات (جافة ومسيخة) ودون أي سند بموارد مالية، ووزير المالية مستمر في تطبيقها بتشدُّد وليس تدرُّج.
ولفت إلى وضوح آثارها على البلاد والمواطنين، وعاد ليقول: كان الأولى لجبريل أن يتدرَّج فيها لشدة وقعها على معاش الناس، وجزم بصحة حديث الحزب الشيوعي ووصفه للسياسة بأنها وسَّعت من دائرة الفقر والفقراء، منوِّهاً إلى ارتفاع مُعدًّلات التضخم بصورة غير مسبوقة، مضيفاً: رغم أنها سياسات قاسية ولكنها لم تحل المشكل الاقتصادي بالسرعة المطلوبة رغماً عن الإجراءات كافة التي تمت، ولفت إلى محاولات معالجة الأمر وتخفيف حدة السياسات عبر برنامج ثمرات للشرائح الضعيفة وهو برنامج مبتور ولم يغط الشريحة المستهدفة وسرعان ما توقف.
وفي اتجاه مغاير يرى الخبير الاقتصادي دكتورعادل عبد المنعم في حديثه لـ(الصيحة) أن الحديث عن سياسات وزير المالية بأنها السبب في اتساع الفقر ليست بالصحيحة، وقال: ليس من المفروض أن يتحمَّل الوزير كل فقر السودان ويوضع على عاتقه وهو مجرَّد وزير ترأس المنصب منذ سنة وبضعة أشهر، ولفت إلى أن السياسات الاقتصادية الخاطئة كانت موجودة طوال العقود الماضية وخلال فترة الحكومات السابقة، مشيراً إلى حصول السودان خلال عهد الإنقاذ على مبلغ (60) مليار دولار، من عائدات أموال النفط وهي أموال لم يتم استثمارها في إعادة مشروع الجزيرة بوصفه أكبر المشاريع الزراعية في البلاد، أو إصلاح المؤسسات التي تم خصخصتها ولم يتم إدخالها في هيئة الموانئ البحرية أو غيرها وإنما تم إدخال تلك الأموال الطائلة في الحروب وحال تم استثمارها بالطريقة المثلى لساهمت في خروج السودان من دائرة الفقر بصورة نهائية.
وشدَّد على الدور الكبير الذي لعبه الحصار الاقتصادي المفروض -سابقاً- على السودان ومساهمته -أيضاً- في التضييق على الاقتصاد السوداني ما أعاق حركة النمو الاقتصادي وبالتالي أثرت سلباً على الأداء الكلي.
وقال: إن الرأسمالية الوطنية كان لها دور في ذلك الفقر بحيث أخرجت أموالها لبلدان مثل: مصر وأثيوبيا وهي تقدر بمليارات الدولارات خصصت لشرء العقارات في مصر وبناء المصانع والمنشآت الصناعية في أثيوبيا، منوِّهاً إلى السياسات الخاطئة المترتبة على فتح المعابر الحدودية مع مصر والتي استنزفت الاقتصاد السوداني، وأضاف بأن جبريل لم يفقر البلاد وإنما أتى وهي في الأصل فقيرة، وأردف بأن السياسات التي طبَّقها جبريل بتحرير سعر الصرف ورفع الدعم عن الوقود والكهرباء والدقيق حافظت على قيمة الجنيه السوداني، وأيضاً زيادة المرتبات كان لها وقع طيِّب على المواطن وفي صالحه، ويجب الاعتراف بأنه لولا تلك السياسات لتدهور الاقتصاد لأكثر من ذلك،
مما يفتح المجال للحكومة للاتجاه نحو التمويل بالعجز وطباعة النقود، وزاد قائلاً: رغماً عن الغلاء ومعدَّلات التضخم وارتفاع مستوى الأسعار والدواء فإن وزير المالية مضى في الاتجاه الصحيح والسياسات التي تم تطبيقها في مصلحة المواطن ويكفي أن هيكل الدولة مازال موجوداً رغماً عن كل شيء.