مستشفى الخرطوم
*سنوات عديدة مضت منذ أن جفّف وزير الصحة السابق بروفيسور مامون حميدة مستشفى الخرطوم وجعلها عبارة عن أنقاض يبكي الكثيرون على أطلالها.
*ربما كان أكثر قرار كارثي في عهد حميدة، هو تجفيف هذا المستشفى الضخم الذي خرج من جوفه أميز الأطباء وأفضلهم مهاجرين إلى الدول العربية والأوربية، وبعضهم ظل صامداً في أرض السودان.
*فكرة حميدة كانت تقوم على توزيع الخدمة الطبية على أطراف الخرطوم بتوفير المراكز المرجعية والمستشفيات الريفية، ولكن فكرته هذه واجهت الفشل، والكثير من المراكز تفتقر لأقل مقومات تقديم الخدمة العلاجية.
*أذكر قبل سنوات عديدة، كنا نقف على إعادة تأهيل مركز صحي السليمانية شرق ودفع المواطنون من حر مالهم من أجل توفير الخدمة في هذا المركز للسليمانية وما يجاورها من قرى، ولكن كانت العقبة في وزارة الصحة التي يُناط بها متابعة ما يجري في مراكزها والعمل على إزالة تلك العقبات وتطوير الخدمة فيها.
*ولم يكن مركز صحي السليمانية وحده، فهناك العشرات من المراكز الصحية في الخرطوم فقط تفتقر للمتابعة وتوفير الخدمات الضرورية، مما جعل المواطنين يعانون كثيراً في سبيل الحصول على الخدمات الصحية.
*لم يجد البسطاء من الذين لا يملكون المال الكافي للعلاج فرصتهم في التداوي بمراكزهم الصحية، ولم يجدوها كذلك في مستشفى الخرطوم الذي كان يوفر كل العلاجات للمرضى من الخرطوم وغيرها من الولايات.
*أجمل ما سمعه المواطنون من أخبار عقب ثورة ديسمبر، كان قرار المجلس العسكري بإعادة مستشفى الخرطوم للعمل من جديد لتقديم خدماته الطبية، فكان لهذا القرار وقعه الحسن لدى الملايين من الكادحين في بلادي.
*كوّن المجلس لجنة من الأطباء لمتابعة عودة مستشفى الخرطوم، ولكن حتى الآن لم نسمع شيئاً عن هذه اللجنة رغم مرور أكثر من شهر على قرار إعادة الخدمة لمستشفى الخرطوم.
*الكثيرون ينتظرون عودة العمل لحوادث الخرطوم التي كانت تقدم أفضل الخدمات العلاجية للمرضى في مختلف التخصصات، والملايين ينتظرون عودة مستشفى الخرطوم لتكون أفضل من سابق عهدها وهي تستقبل المرضى لتقدم لهم العلاج الناجع بأقل التكاليف المالية لتحقق بذلك مبدأ العدالة في تقديم العلاج المجاني من الدولة للمواطنين.
*منذ تجفيف مستشفى الخرطوم ظل المواطنون في حيرة من أمرهم لتلقي الخدمات العلاجية، فمن يملكون المال لهم المستشفيات الخاصة، ومن لا يملكونه فعليهم ببعض المستشفيات الحكومية التي قد لا تجد فيها العلاج الناجع.
*أكثر ما يطلبه المواطن البسيط مع الظروف الاقتصادية الحالية، هو توفير العلاج المجاني الناجع والاهتمام ببيئة التعليم الحكومي، ومراقبة الأسواق لتخفيف أعباء المعيشة، هل هذه المطالب صعبة على حكومة دولة تجاه رعيتها؟
*نرجو أن نشهد في مقبل الأيام توصيات اللجنة التى كوّنها المجلس العسكري لعودة مستشفى الخرطوم، ونرى اهتمام ببيئة التعليم والمعلم مع بداية العام الدراسي، خاصة وأن نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول محمد حمدان دقلو وعد بتحسين أجور المعلمين حتى يقدموا كل ما عندهم لأجيال السودان القادمة.