كتب: سراج الدين مصطفى 7 يوليو2022م
مشروع غنائي فكري:
الفنان الراحل مصطفى سيد أحمد كان صاحب مشروع غنائي فكري، اختط لنفسه طريقاً مغايراً كان جديداً على الأغنية السودانية التي كانت تتمركز مواضيعها حول الحب والشجن والغزل، ولكن مصطفى سيد أحمد اختار الجانب الفكري في القصيدة، وفي ذلك المنحى والمسعى كان جل تركيزه ينحصر في اختيار المفردة الشعرية التي تخدم مشروعه الغنائي ولم يكن يهتم بشاعر القصيدة أو اسمه أو حتى مكانته ونجوميته، كان ينحاز للمفردة فقط، لذلك نجد أن مشروع مصطفى الغنائي ساهم في تقديم بعض الوجوه الشعرية الجديدة أمثال الشاعر محمد المهدي عبد الوهاب في أغنية (اخوان الإنسانية) ـ حافظ عباس (واللا نحن مع الطيور) ـ الصادق الرضي في أغنية (غناء العزلة ضد العزلة) – الشاعر أبو ذر الغفاري في أغنية (في عيونك ضجة الشوق والهواجس) – الشاعر محمد ابراهيم شمو في أغنية (مريم الأخرى) والشاعر قريب الله محمد عبد الواحد في أغنية (وجيدة).
شاعر جديد ومتجاوز:
الشاعر قريب الله محمد عبد الواحد واحد من الوجوه الشعرية الجديدة وقتها التي أسهم مصطفى سيد أحمد في تقديمها للمستمع السوداني، ونقله من المنطقة المجهولة الى عالم الأضواء والشهرة، ورغم أن مصطفى تغنى له بوحيدته (وجيدة) ولكنها كانت للتعبير عنه كشاعر جديد ومتجاوز وإن غابت سيرته الذاتية عن الناس.
وفي موقع (سودانيز أون لاين) الشهير فتحت سيرة الشاعر قريب الله محمد عبد الواحد عن طريقة الموثق (simpatico)، حيث قال عنه هو شاعر مبدع وفنان قبل أن يكون شاعراً خريج كلية الفنون الجميلة “نحات ورسام”.. تغنى له الراحل المقيم مصطفى سيد احمد بأغنية وجيدة .. وكان مصطفى يردد مازحاً كعادته رحمه الله ان تلك الكلمات من أشعار واحد أخونا (مجنون شوية) هذا الشاعر لم يجد حظه إعلامياً يسكن كوستي.. بالكاد يعرفه القليلون والعامة لا يعرفونه.. له ديوان شعر قيد الطباعة باسم وجيدة سيرى النور في القريب.. كما كان الشاعر قريب الله مظلوماً إعلامياً.. فإن أغنية وجيدة الرائعة مظلومة هي الأخرى لم تجد حظها من الترديد وغناها مصطفى في حفل بالإسكندرية أو ليبيا على ما اعتقد بمصاحبة الفرقة الموسيقية ونعتذر عن عدم وضوح الصوت ورداءة التسجيل لكنه تسجيل نادر بكل المقاييس.
أغنية مليئة بالصور الجمالية:
وجيدة أغنية مليئة بالصور الجمالية المعبرة، كيف لا وشاعرها فنان وخريج كلية الفنون والمتأمل للقصيدة يلاحظ جلياً جملة من التعابير والصور الرائعة:
بعيد عني خطاك ما لامست
وجه الطريق ومشيتي
لا فوق غيمة لا ظني
كأنك من وراء صفحة
زجاج مبلول…
وراك الريح وقدامك
مدى السكة وندا المجهول
وانادي ليك..
وجيدة..
وجيدة..
لا اتلفتي لا لوحتي بي إيديك
وأنادي ليك..
يجاوبني المدى الفاتح مدارج الهم
بتبقى وجيدة طعنة سيف
موسد في شق السما
المرسوم وسادة دم
وتبقى إيدينا في إيديك
وفي شعرك
وفي المنديل
بعيد عني….
من مُواطني كوستي:
القصيدة رغم البساطة وكلماتها القليلة، فهي معبرة واضاف اليها مصطفى الكثير كعادته مع كل الاغنيات. وفي حوار له مع صحيفة الأضواء قال الشاعر قريب الله محمد عبد الواحد (أنا من مواطني كوستي، ولدت ونشأت هناك حضرت للخرطوم لإكمال دراستي الجامعية بكلية الفنون ثم عملت بمصلحة الآثار لمدة عشر سنوات واستقلت .. تعلمت الكتابة في وقت باكر ربما في السابعة من عمري، كما تعلّمت الكثير من الشاعر الراحل عبد الرحيم أبو ذكرى واول قصيدة كتبتها كانت بإرشاده بعدها دخلت معمعة الشعر.. أمضيت ما يقارب العام في السعودية وخلال ذلك العام نشرت بصحيفة الخرطوم حين كانت تصدر في القاهرة وتُوزّع في كل العالم ما عدا الخرطوم.. نشرت فيها عددا كبيرا من الأشعار والمقالات، وبعد ان عُدت للسودان استقر بي المقام في كوستي ولم أمكث في الخرطوم، حيث الأضواء، كنت ازورها عابراً وأعود الى كوستي.
مجموعة شعرية:
حاولت إصدار مجموعة شعرية، وبالفعل حضرت للخرطوم والتقيت بالأستاذ التجاني حاج موسى الذي اعتذر لي عن مساعدتي في هذا الأمر.. (وللحقيقة كان الرجل مسؤولاً).. ذهبت الى دور نشر بعينها “مثل دار عزة للنشر” وافق صاحبها نور الهدى محمد نور الهدى” على ان يطبع لي ولكن ليس الآن.. بالاختصار لم أجد غير الوعود والمجموعة التي بحوزتي باسم وجيدة تضم أشعاراً وقصصاً ومقالات.. أما بخصوص علاقته بالتشكيل وعلاقة الشعر بالنحات داخله، فيقول تخرجت فى كلية الفنون الجميلة والتطبيقية في العام 1980 قسم النحت ومن أبناء دفعتي “راشد دياب” و”سيف الدين اللعوتة”.. اشتركت في عدة معارض لكن النحت يختلف عن التلوين ويحتاج لإمكانيات كبيرة.. وعلاقة النحت بالشعر داخلي.. المادة التي يتعامل بها الشاعر.. معنوية والتي يتعامل بها النحات مادية ممسكاً بيده الأدوات.