تقرير: سراج الدين مصطفى 5 يوليو 2022م
الإبداع والإدارة:
قيادة المخرج للعمل الفني بمختلف مفاصله تتطلب سمتين مهمتين هما (الإبداع والإدارة)، فقدرات المخرج الخلافة تعد بمثابة الإضافة الفكرية و الجمالية المشبعة بالإحساس الذي يترك أثره في كل العناصر الفنية المُشاركة في المنجز.. أما سمة الإدارة والقيادة فذلك ما يستوجب المهارات المتعددة في التعامل وفق المعايير الفنية والأخلاقية والإنسانية التي تسمح بنقل الأفكار والمفاهيم و الرؤى إلى تلك العناصر لتجسيد وتنفيذ حركيات الفيلم أو المسلسل في اللقطة والمشهد والبناء الصوري ككل، من هذا البناء يشكل دور الممثل أهمية كبيرة في الابتكار.. وتلك المكونات يمكن التوقف فيها على وجه الإطلاق عن المخرج الفاتح البدوي الذي رحل قبل أيام قلائل.
كادر مثابر:
الفاتح البدوى او الفاتح احمد البدوي “كادر” مثابر في الدراما ونشط لأبعد الحدود كاتباً ومخرجاً وادارياً.. كما يقول الأستاذ الناقد السر السيد والفاتح البدوي المولود في العام 1957.. عمل مخرجًا بالتلفزيون القومي ثم هاجر الى اليمن وبعدها عاد الى التلفزيون وظل حاضرًا فيه الى وعكته الاخيرة التي طالت حتى وافته المنية.
خريج المعهد العالي للموسيقى والمسرح:
تخرج الفاتح البدوي في المعهد العالي للموسيقى والمسرح مطلع الثمانينيات وتلقى دورات عديدة في السيناريو والإخراج لعل أهمها عمله الميداني مع المخرج السوري نجدت أنزور في مسلسله الموت القادم الى الشرق.. ويضيف الأستاذ السر السيد (الفاتح البدوي اخ وزميل وصديق تزاملنا في المعهد العالي للموسيقى والمسرح ثم في الحيشان التلاتة.. عملنا معاً في مشروع الدراما التلفزيونية من العام 95 الى العام 2001 .. أنا في إدارة الدراما وهو في قسم الإنتاج وأنتجنا ذلك الكم الكبير من الأفلام والتمثيليات والسلسلات والمسلسلات.
المُثابرة وطِيبة القَلب:
يعد الفاتح البدوي في مسيرة الدراما التلفزيونية واحداً من صانعي ما يُعرف بالدراما الاجتماعية ويعود إليه تقديم الكثير من النجوم .. حيث تميّز الفاتح البدوي بالمثابرة وطيبة القلب والطاقة الابداعية الهائلة خاصة في الكتابة.. الفاتح البدوي (اسم في حياتنا) ومن البرامج التي أخرجها وعُرف بها برنامج أسماء في حياتنا للإعلامي الكبير الأستاذ عمر الجزلي.. وقدم كذلك الكثير من سلسلة صور عائلية وسلسلة بدرية الاستثمارية وسلسلة قمم تراثية، إضافة إلى عشرات الأفلام وتمثيليات السهرة.
بصمة كبيرة:
الفاتح البدوي وضع بصمته على عدد كبير من البرامج بالتلفزيون القومي تجربة جذرتها الخبرة وعمق الرؤية هو شيخ المخرجين ويُعتبر من رواد التجربة الإخراجية على شاشاتنا السودانية المُخرج الفاتح البدوي قاد ركب برنامج (أسماء في حياتنا) لثلاث مراحل, مرحلة أولى ثم مرحلة ثانية ثم مرحلة ثالثة من العام 1999 وإلى اليوم لخمسة عشر عاماً متصلة مع المعد والمقدم الدكتور عمر الجزلي، فشكّلا ثنائية وثّقت للتجربة الحياتية السودانية بماء الذهب لتحفظ ذاكرة سردية لأجيال ستأتي يوماً باحثة عن تاريخ الأمة السودانية وعن ملامح شخصياتها ونجومها, قلّبوا الأوراق مع عدد من الشخصيات أبرزها المك يوسف حسن عدلان، فيليب غبوش, جوزيف لاقو, دكتور كامل إدريس, عبد المحمود عبد الحليم, حسن أبو سبيب, حواء الطقطاقة, نفيسة المليك, نفيسة أحمد الأمين وفاطمة أحمد إبراهيم.
أسماء في حياتنا:
قدم الراحل الفاتح البدوي العديد من الإفادات حول البرنامج الشهير (أسماء في حياتنا) وعن اللمسة الاخراجية في البرامج التوثيقية وهي ذات قوالب سردية ترتكز على الحكى.. حيث قال (في كل عناصره تبدو فيه اللمسة مسيطرة ومُحكمة أولاً كرؤية ثم كعمل فني تحكمه ادوات الوسيلة، ولذا يبدو سلساً بالرغم من انه سرد وحوار ويلعب الإخراج هنا في كسر الإيقاع الرتيب من خلال التدافع والتنوع المرئي.
ما الجديد الذي أضافه الفاتح البدوي للبرنامج عن المخرجين الذين سبقوه؟
حاولت ان اعتمد المحافظة على طبيعة البرنامج وابراز اهدافه ورؤاه بمزيد من الإيضاح وبعث الحركة فيه وقتل السكون ورفع الإيقاع من خلال التنوع في الفواصل المُصاحبة ثم الاحتفاء بالضيف بمزيد من الزوايا في حياته وتأكيد حضوره التاريخي بواسطة معارفه واصدقائه وزملاء المهنة والتأكيد على دوره بمزيدٍ من الوثائق التي تخدم وجوده كاسم يستحق البحث والتنقيب في مسيرته وسيرته، فكانت المداخلات من الآخرين ثم انطلاق الضيف نفسه وخروجه من الأستديو لأهم المواقع التي لها أثر في حياته كمدينته أو قريته أو مكان عمله ثم نحتفي في الختام مع اسرته ومعارفه والمقربين منه من الأصدقاء في حلقة يقدمها ويديرها بنفسه من بيته دون حضور المقدم يظهر فيها ما لم يقل ونحن نحاول كسر هذه الخصوصية لتحقيق المُتعة والمشاهدة العالية, وطبعاً لا ننكر فضل الآخرين من المُخرجين الذين تعاقبوا على هذا البرنامج وكلٌّ وضع بصمته الإخراجية وأضاف للبرنامج.