تقرير: صلاح مختار 5 يوليو 2022م
في الوقت الذي قال فيه نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، إن هنالك طريقاً ثالثاً واحداً فقط لحل أزمة البلاد هو طريق الوفاق الوطني الشامل الذي لا يقصي أحداً . نجد أن قوى الحرية والتغيير أوصدت الباب أمام أي عملية سياسية مع المكوِّن العسكري سواءً بالوساطة الأمريكية السعودية أو عبر الآلية الثلاثية. وهو ما أعاد العملية السياسية للمربع الأول رغم تمسُّك أطراف أخرى بالحوار عبر الآلية الثلاثية، إذاً ما بين تعليق العملية السياسية والبحث عن طريق ثالث أين تكمن مفاتيح حل الأزمة السودانية ما بين الخيارات المتاحة وفرص الحل؟
تسهيل الحوار
وأكد دقلو، وهو يخاطب بالفاشر حفل تخريج ألفين من قوات حماية المدنيين بدارفور، دعمهم للحوار الذي يحقق التوافق الوطني الذي يقود إلى استكمال الفترة الانتقالية وصولاً لانتخابات حرة، وجدَّد دعمهم لجهود الآلية الثلاثية لتسهيل الحوار بين الأطراف السودانية، معرِّباً عن أمله الدخول في الحوار دون أجندة مسبقة أو تكتيكات لكسب مواقف.
انهيار العملية
غير أن قوى الحرية والتغيير أعلنت بدورها دعمها للاعتصامات المتواصلة في البلاد، مؤكدة أن “السلطة التي دمَّرت العملية السياسية”، وأنه ليس لديها أي اتصالات مع المكوِّن العسكري. وقال القيادي بالقوى عمر الدقير في مؤتمر صحافي: “الحديث عن أي اتصالات أو اتفاق مع المكوِّن العسكري ليس له أساس من الصحة، وليس لدينا تواصل مع المكوِّن العسكري “. وحمَّل المكوِّن العسكري مسؤولية انهيار العملية السياسية.
اختراق الرصاص
ويقول القيادي بالحرية والتغيير ياسر عرمان، في المؤتمر نفسه، إنه “عندما اخترق الرصاص أجساد الشهداء، اخترق في ذات اللحظة العملية السياسية، ولا توجد إرادة لقيام العملية السياسية، وحالة الطوارئ أسوأ من الماضي”، مضيفًا أن “السلطة الحاكمة دمَّرت الانتقال الديموقراطي ودمَّرت العملية السياسية”.
جميع الخيارات
وفي نفس الاتجاه قال المتحدث الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي القيادي بقوى الحرية والتغيير، المجلس المركزي عادل خلف الله: إن ما حدث خلال 30 يونيو، أسقط جميع الخيارات وأنه لم تعد هنالك سيناريوهات سوى تشكيل أكبر جبهة من قوى النضال والتغيير لإسقاط الانقلاب، وزاد: “لا حوار بعد الآن”. وأنهم لا تعنيهم جهود الآخرين بشأن الأزمة السودانية، وأضاف: على الآلية الثلاثية احترام إرادة الشعب السوداني. وأكد خلف الله لـ”سودان لايت” أنه لا مخرج من الأزمة السودانية سواءً إسقاط الحكومة وفتح الطريق نحو التحوُّل الديموقراطي.
الحوارات الثنائية
بيد أن القيادي بالحرية والتغيير التوافق الوطني د. محمد زكريا، رأى أن الحوار هو السبيل الوحيد للخروج من الاحتقان الراهن والوصول لتوافق سياسي عريض يستكمل به فترة الانتقال، واستنكر في تصريح له الحوارات الثنائية، وبرَّر ذلك بأنها ستعود لإنتاج أزمة، وقال: الثنائية أيٍّ كان أطرافها ما لم تكن أهدافها فتح الباب لمشاركة أطراف الحوار في المفاوضات الشاملة برعاية الآلية الثلاثية. مبيِّناً أن المسؤولية الوطنية والظرف الدقيق التي تمر به البلاد يستوجب من الجميع أن يرفع من قيمة الحوار الشامل السوداني السوداني المترفع عن أجندات حزبية ضيِّقة وموقف التوافق الوطني، وأكد أن حل الراهن السياسي السوداني يتمثَّل في جلوس جميع الأطراف الفاعلة في المشهد الانتقالي الديموقراطي تحت مظلة الآلية الثلاثية بلا اشتراطات للتفاكر حول كيفية الوصول لصيغة يتراضى عليها الجميع لاستكمال فترة الانتقال.
فرص الحل
ولأن الخيارات المتاحة وفرص الحل تبدو لدى البعض ضعيفة إلا أن السياسة، كما هو معلوم، لا ثوابت فيها، فالذي يمسي على موقف فلا ضمان بأن يصبح على ذلك الموقف، وهو كما يقال: فن الممكن. على ذلك القياس يرى المحلِّل السياسي والقانوني إبراهيم آدم إسماعيل، بعد الـ(30) من يونيو الماضي، تراجعت سقوفات الحلول السياسية وأن الأفق الآن مسدوداً بسبب نتائج التظاهرات في ذلك اليوم. ولكنه شكك في قدرة صمود تلك الدعوات التي تنادي بتعليق الحوار مع المكوِّن العسكري، وقال لـ(الصيحة): لابد من الجلوس والتحاور حتى وأن كان ذلك على حساب وجودها على الشارع، وأضاف: بديل الحوار لا أحد يتصوَّره ولا أحد يتحمل وزره, وتابع هنالك خيارات أخرى بأن تضغط الآلية الثلاثية والوسطاء في اتجاه إرجاع العملية السياسية إلى موقعها الذي انتهت عليه. وجزم بأن خلافات القوى السياسية مع بعضها البعض مثلما يحدث بين الحزب الشيوعي والمؤتمر السوداني وحزب الأمة سيكون له أثر في التعاطي مع دعوات الاعتصام أو التظاهرات أو الدعوات التي تنادي بتكوين جبهة عريضة لإسقاط النظام كما يراه, وقال: ما لم تتوحَّد تلك القوى بجانب القوى الأخرى في الشارع سيستمر مسلسل نزيف الدم وستستمر الأزمة دون إيجاد حلول لاستكمال الفترة الانتقالية.
إدارة الأزمة
ولأن الوضع الراهن يخضع لاستقطابات سياسية متعدِّدة فإن أطرافاً متعدِّدة بالداخل ليست على توافق كامل فيما بينها فيما يتعلق بكيفية إدارة الأزمة الحالية. أضف إلى ذلك فقدان الثقة بين المكوِّنات السياسية مما يضعف فرص تشكيل جبهة عريضة يمكن أن تقف خلف إنهاء الأزمة، وبالتالي يفتح ذلك الفرصة أمام إتاحة طريق آخر للحل الممكن, ويرى مصدر لـ(الصيحة) أن انقسام الشارع السياسي واحدة من مهدِّدات التوافق الوطني، وقال: ما لم تتح الفرصة للحوار والاتفاق الشامل لن تكون هنالك فرص لإنهاء الأزمة وستظل القوى السياسية تتكالب على الفرص التي يصنعها الشباب وهو موقف انتهازي كما تراه وترفضه بعض القوى السياسية.