محمد طلب يكتب: التفحيط في طريقة التفقيط نتيجة التحنيط أو التفريط
قبل أن أعود لكم لشرح عنواني هذا أطرح عليكم سؤال هل نحن (مفقطون) و(محنطون) على ما تعلّمناه– هل عقولنا وأدمغتنا أرغمت على قبول ما تعلّمناه في المدارس أو من أسلافنا دون وعي– ومن الذي أرغمها– وهل نستبعد فكرة المؤامرة عن هذا الإرغام؟
أما (التفحيط) فهو معلوم بالرغم من أنك لو بحثت معاجم اللغة العربية ربما تجد صعوبة في الوصول للمراد منه- (أرجو أن تجربوا ذلك على محركات البحث عن معنى تفحيط أو فحّط) لكنه قطعاً معروف خصوصاً عند الفئة الشبابية- ما الذي يجعل (التفحيط) معلوماً ولا يحتاج لكثير عناء في البحث عنه بينما الخلل واضح عندنا في عملية (التفقيط)!!
هل يمكن أن تكون الإجابة (التفريط والتحنيط)- وفيما فرّطنا وكيف تم تحنيطنا؟؟؟
وقبل الدخول إلى تفاصيل الموضوع دعنا نوضح (التفقيط) ومعناه ومدلولاته في لغة المصارف وفي كتابة المبالغ المالية- (تفقيط) المبلغ هو ختمه بكلمة (فقط) بعد تعيين القيمة منعاً لأي تلاعب أو تزوير، والصراف عندما يفقط يعني أن يكتب عدد الفئات النقدية مضروباً في قيمتها، ويفترض أن يكون الناتح هو ما دفعه (فقط)…
تعلّمنا منذ الصغر أن اللغة العربية تكتب وتقرأ من اليمين إلى الشمال– وفي مرحلة لاحقة أيضاً تعلّمنا أن اللغة الإنجليزية تكتب وتقرأ من الشمال إلى اليمين– إلا أننا عندما نطبّق هذه القاعدة في التعامل مع الأرقام عند تحويلها إلى كلمات عربية أو إنجليزية نجد أنه في الإنجليزي تظل القاعدة كما هي ولا ينتابها أي تغيير على المستويين (مستوى اللغة الرسمية ومستوى لغة العامة) إلا أننا نجد اختلالاً واضحاً وجلياً عند تحويل الأرقام إلى كلمات عربية– اختلال في طريقة القراءة حيث أننا نبدأ من الشمال إلى اليمين (نتبع الطريقة الإنجليزية) على عكس ما هو معروف في اللغة العربية هذا أولاً والأدهى والأمر أننا وفي هذه الطريقة نفسها تجدنا نتبع طريقة أسميها مجازاً طريقة (التفحيط) حيث أننا نقفز من خانة المئات مباشرة إلى خانة الآحاد ثم نعود إلى خانة العشرات التي تجاوزناه عمداً كما تعلّمنا.
ربما يعترض البعض على هذا الحديث مستنداً إلى أن الصحيح في اللغة العربية هو أن تحويل الأرقام إلى كلمات يبدأ من اليمين إلى الشمال– فيبقى سؤالنا هل هذا متّبع في مدارسنا وفي التعليم–
دعنا نضع مثالاً لذلك 1435 تُقرأ (ألف وأربعمائة وخمس وثلاثون) تُلاحظ أننا بعد ذكر أربعمائة قفزنا للخمسة في خانة الآحاد ثم عدنا للثلاثين في خانة المئات (وهذه علة كبيرة وخلل عريض).
بالبحث وجدت أن هذا (التفحيط) على المستويين (اللغة الرسمية ولغة العامة) بينما نجد أن ذلك غير موجود في الإنجليزي، وتظل اللغة محافظة على الترتيب من الشمال لليمين ولا شك أنكم تعرفون كيف تُقرأ 1435 بالإنجليزي (جربوا الآن).
ومن خلال عملي وتعاملي مع جنسيات عربية مختلفة وجدت أن المتبع هو (التفحيط) من المئات إلى الآحاد ثم العودة للعشرات..
حسب خبرتي الطويلة مررت على مئات الآلاف من الشيكات والمستندات المالية التي تتبع طريقة (التفحيط) في (التفقيط)– ولم يمر علي يوماً واحداً مستند أرقامه كتابة من اليمين إلى الشمال– بل أبعد من ذلك هناك برامج تساعد على التفقيط وتحوّل الأرقام إلى كلمات– فقط عليك وضع الرقم فيتحول إلى كلمات تقابل قيمته ستجد نفس الخطأ على هذه البرنامج.
أنا لست متخصصاً في العربية أو الإنجليزية وليس معلماً للحساب لكن طريقة (التفحيط) تخلق خللاً في تعليم الحساب من البداية ويبقى الطفل أمام خيارين إما أن يفرض على عقله كسر (العملية النظامية) حسب الترتيب فيخلق (التفحيط) فيقبله ويتعود على (كسر) الترتيب و(النظام) وهذا ما يحدث عندنا في السودان والدول العربية (في كل شئ) لأن العادة التي (أرغمت) عليها عقولنا هي (كسر النظام) وخلق الفوضي والمثال واضح 1435 أصلا حسب النظام والقراءة من اليمين للشمال هي (خمس وثلاثون وأربعمائة وألف) لكنها في كل العالم العربي وفي التعليم (ألف وأربعمائة وخمس وثلاثون)…. والفرق أوضح من الشمس..
والذين أتوا بالمدافع (كسروا) النظام حتى في تسميتهم (الإنقاذ) وعندما أعلنوا (التعريب) فشلوا فشلاً ذريعاً وظلّلنا على طريقة (التفحيط) وهذا ما يجعلنا إلى هذه اللحظة لا نجيد (الحسابات) ومادة الحساب أصبحت (عقدة) لأننا أرغمنا عقول الأطفال على الخطأ وأن (كسر) النظام و(القفز) (لخانات) دون ترتيب.. و(نظام) هو أمر عاااادي….
قال تعريب قال!!!
لا أدري كيف ذلك في اللغات الأخرى إلا أن بريطانيا هي الأكثر نظاماً رغم وجود الحكم الملكي لأنهم تعلّموا (الحساب) بطريقة مرتبة و(نظام)..
سلام