موقع بريطاني: الضغط الدولي لعزل الجيش أسوأ خطر على استقرار السودان
ترجمة: إنصاف العوض
حذر موقع “سوشيالست” البريطالني، المجتمع الدولي والمؤسسات الإقليمية والدولية من مغبة الضغط على الجيش من أجل تسليم حكومة انتقالية مدنية لمجموعة الحرية والتغيير، كونه المسار لخلق سيناريو ليبي في البلاد، وقال إن هذا الخيار يحمل أوجه تشابه مع الوضع في فنزويلا. إذ تتطلب الحكومة الموازية دعم المجتمع الدولي والمؤسسات الإقليمية والدولية لإجبار الجيش على نقل السلطة إلى حكومة انتقالية بقيادة مدنية. وهذا الخيار ممكن ولكنه قد يشكل أسوأ خطر على استقرار السودان في المستقبل. إنه بالتأكيد سيجعل السودان يبدو وكأنه ليبيا الحديثة.
مشيراً إلى أن الخيار يخلق فرصة للجماعات المسلحة في الأطراف لتكون جزءًا من السودان الجديد وإدماجها في القوات المسلحة السودانية، مما يخلق فراغاً كبيراً في القوة الأمنية بين الموجودين داخل الجيش وقوات الدعم السريع، الذين يقاتلون الجماعات المتمردة في دارفور وأجزاء أخرى من السودان منذ أكثر من عقد.
وأرجع الموقع نجاح الانتفاضة الحالية لشجاعة المتظاهرين ودعم الجيش لهم، وقال: ظهر العصيان المدني والانتفاضات طوال تاريخ السودان العنيف. ونجا الاحتجاج في السودان، الذي تم تنفيذه إلى حد كبير في ديسمبر جزئياً بسبب الأعمال الشجاعة التي قام بها المحتجون بقيادة تجمع المهنيين السودانيين وبدعم من الجنود في القوات المسلحة السودانية، إذ تعرض البعض منهم ، فضلاً عن المتظاهرين، للإصابات وحتى القتل.
صد شعبي
وقطع الموقع بضرورة إشراك القيادات الأهلية في السلطة الانتقالية للحفاظ على الدولة من التشظي، وقال الموقع: في هذا الوقت بالذات، عندما يكون مستقبل السودان كدولة معلقاً في الميزان، من الضروري مراعاة احتياجات ومطالب تلك المجتمعات المهمشة طوال العمليات التي تجري في الخرطوم. إذ يمثل الاستبعاد المستمر لهذه المجتمعات خطراً كبيراً على وجود السودان كدولة موحدة. وأضاف: منذ اللحظة التي حصل فيها السودان على استقلاله من البريطانيين، خيم عليه الصراع الداخلي الذي قسم البلاد، إلا أن لانتفاضة الحالية لديها القدرة على القيام بذلك مرة أخرى، ولكن على نطاق لم يسبق له مثيل من قبل. وظهر العصيان المدني والانتفاضات طوال تاريخ السودان العنيف. ونجا الاحتجاج في السودان، الذي تم تنفيذه إلى حد كبير في ديسمبر جزئياً بسبب الأعمال الشجاعة التي قام بها المحتجون بقيادة جمعية المهنيين السودانيين وبدعم من الجنود في القوات المسلحة السودانية، إذ تعرض البعض منهم، فضلاً عن المتظاهرين للإصابات وحتى القتل.
عزلة دولية
وتشير الأحداث الأخيرة إلى أن الحراك برمته يواجه خطر فقدان الدعم الدولي بعد أن تبخر الدعم الداخلي إلى حد كبير مما يجعل المشهد السياسي في البلاد أمام ثلاثة سيناريوهات للحكم
ويتمثل الخيار الأول في أن يحاول الجيش تشكيل حكومة انتقالية بما في ذلك المعارضة الإسلامية التي انحازت إلى حزب المؤتمر الوطني بقيادة البشير. ستتكون هذه الحكومة من الأحزاب غير التابعة لمجموعة الحرية والتغيير والتي تضم حزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه علي الحاج وفصيل مبارك الفاضل في حزب الأمة، في وقت أعلن فيه الرئيس الجديد للجنة السياسية للمجلس الانتقالي شمس الدين الكباشي عزم المجلس مواصلة التفاوض مع الأحزاب السياسية الأخرى.
على الرغم من التعليق الأخير لعضوية البلاد من الاتحاد الأفريقي، فإن هذا الخيار سيخلق مواجهة بين الطرفين مع استمرار العصيان المدني من المتظاهرين واحتمال مزيد من عدم الاستقرار في السودان.
حكومة موازية
ويتمثل الخيار الثاني في نقل السلطة الانتقالية لحكومة مدنية، وهذا الخيار يحمل أوجه تشابه مع الوضع في فنزويلا. تتطلب الحكومة الموازية دعم المجتمع الدولي والمؤسسات الإقليمية والدولية لإجبار الجيش على نقل السلطة إلى حكومة انتقالية بقيادة مدنية. هذا الخيار ممكن، ولكنه قد يشكل أسوأ خطر على استقرار السودان في المستقبل. إذ إنه بالتأكيد سيجعل السودان يبدو وكأنه ليبيا الحديثة. يمكن أن يخلق فرصة للجماعات المسلحة في الأطراف لتكون جزءاً من السودان الجديد وإدماجها في القوات المسلحة السودانية، ولكنه سيخلق فراغاً كبيراً في القوة الأمنية بين الموجودين داخل الجيش وقوات الدعم السريع، الذين يقاتلون الجماعات المتمردة في دارفور وأجزاء أخرى من السودان منذ أكثر من عقد.
النموذج الأثيوبي
و الخيار الثالث، الذي من غير المرجح حدوثه دون قتال، هو أن يقوم المجلس العسكري بتسليم السلطة والسماح بسرعة لمجموعة الحرية والتغيير لتولي وتشكيل حكومة انتقالية أو حكومة وحدة انتقالية. يركز هذا الخيار على إبرام اتفاق بين الجانبين، حيث سيقدم المجموعة ضمانات بعدم محاكمة أعضاء المجلس العسكري. ومع ذلك، فإنها لا تزال بحاجة إلى أن يكون للقوات المسلحة السودانية تمثيل عادل في الحكومة المشكلة حديثًا، والتي ستنخفض بمرور الوقت إذا أصبح السودان أكثر ديمقراطية.
سيناريوهات إقليمية
النموذج الثاني هو نموذج مصر – نموذج مألوف في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فبعد ثورة مصر عام 2011، انتهت السلطة بعبد الفتاح السيسي، وفوز السيسي الانتخابي منحه شرعية ديمقراطية، لكنه بدأ ببطء في مجموعة من التغييرات في الإطار الديمقراطي الحالي.
الخيار الثالث هو النموذج الليبي، حيث تدعم الحكومات الأجنبية نظامًا يرضيهم لكن الجنرالات ينهضون ليشكلوا تهديداً، كما فعل خليفة حفتر في ليبيا إن السودان اليوم حتى بدون دعم دولي قوي مهيأ في الغالب على السير في هذا المسار بالنظر إلى ديناميات الأمن الداخلي التي ما زالت تلعب خلف الكواليس وفي جميع أنحاء القرن الأفريقي. تتمثل إحدى الطرق لتجنب الفوضى الحتمية في ممارسة المجتمع الدولي للضغط على الجهات الفاعلة الإقليمية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر.
إذا تم وضع الوساطة من الاتحاد الإفريقي وربما الأمم المتحدة على الطاولة ، فقد ينتهي الأمر بالسودان إلى السير في طريق رابع: نموذج الانتخابات في كينيا بعد عام 2007، والذي سيحتاج إلى دعم خارجي مستدام من مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي. واشتمل الوضع في كينيا على الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان الذي توسط بين الأطراف المتعارضة ودعم الحكومة الانتقالية. هذا يمكن أن يعمل بشكل جيد لصالح الأمن أو في نهاية المطاف إلى تأجيج أو المساهمة في صراعات جديدة، وعليه فإن الاتحاد الأفريقي ملزم بالتدخل بقوة واقتراح خارطة طريق لتحقيق انتقال ديمقراطي سلمي وتوافقي قبل فوات الأوان.