*ثلاثة عقود مضت على انقلاب الإنقاذ على حكومة الصادق المهدي في الثلاثين من يونيو 1989م، واستلام كرسي السلطة الذي ودعه البشير في أبريل من هذا العام.
*بالطبع لا يمكن أن تمضي كل هذه الأعوام دون أخطاء للإنقاذ، وربما الخطأ الأول كان في العام 1990م وعمرها حينئذٍ لم يتجاوز العام، حيث أعلنت الإنقاذ وقوفها إلى جانب الرئيس العراقي الراحل صدام حسين حينما دخل الكويت.
*ذاك القرار امتدت آثاره على السودان اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً إلى سنوات بعيدة، وعلى الرغم من عودة العلاقة بين السودان والكويت إلا أن آثاره كانت موجودة.
*لا نريد الخوض في الكثير من القرارات التي لم تكن حكيمة من الإنقاذ في سنوات حكمها، ولكن يمكننا القول إن السبب الرئيس لذهاب الإنقاذ كان حينما ضاقت الحالة على الكادحين من أهل السودان.
*طيلة حكم الإنقاذ كانت هناك سنوات عصيبة خاصة أيام حرب الجنوب، وضاقت الحالة الاقتصادية كثيراً في فترة الحصار الاقتصادي ووضع اسمه في قائمة الإرهاب مما كان له الأثر الكبير على نمو الاقتصاد وانفراجه للمواطن البسيط.
*كل تلك السنوات العصيبة على المواطن، نجحت الإنقاذ في تجاوزها، ولكن المواطن وصل إلى مرحلة أصبح معها استحالة الصبر على “ربط الحزام” الذي طال وهو مربوط على بطون الكثيرين.
*وصل السودان إلى مرحلة ربما تكون الأسوأ من تلك التي جاءت فيها الإنقاذ في منتصف العام 1989م، حيث تردى الاقتصاد، وزاد الفساد بصورة مخيفة، وأضيف إلى هذا شح “الكاش” في البنوك والارتفاع المخيف في أسعار السلع الغذائية مع قلة المرتبات.
*ربما يكون السبب الأساسي الذي دفع أهل السودان للخروج في ديسمبر من العام المنصرم هو الحالة التي وصلت إليها بنوك السودان من انعدام الكاش فيها، في ظل ارتفاع مخيف في أسعار كل شيء وليس السلع الضرورية.
*أزمة السيولة التي بدأت العام المنصرم، كانت القشة التي صمت ظهر الإنقاذ معلنة رحيلها، ولكن الغريب في الأمر أن هذه الأزمة لا زالت موجودة، على الرغم من الأموال التي ضُخّت في البنك المركزي بعد ثورة ديسمبر.
*لا زالت صفوف الصرافات الآلية موجودة في الشوارع، ولازال سقف السحب محدداً”إن وجد الكاش”.
*رحلت الإنقاذ بعد أكثر من تسعة وعشرين عاماً في الحكم، ولكن سبب رحيلها لا زال موجوداً، والمعاناة تحاصر المواطنين في كل شيء بدءاً بشح الكاش في البنوك.
*رحلت الإنقاذ بعد كل تلك السنوات، ولازال المواطنون يعانون لعدم الاستقرار في الحكم منذ الحادي عشر من أبريل وحتى اليوم، ونسأل الله أن تستقر البلاد تحت ظل حكومة مدنية تنجح في تقليل معاناة المواطنين الكبيرة خاصة أصحاب الدخل المحدود منهم.