موسيقى الطرق الصوفية في السودان الخصائص والألحان
دكتور أنس العاقب: المغالاة في المديح الأصلي بالموسيقى يفسده!!
موسيقى الطرق الصوفية:
موسيقى الطرق الصوفية في السودان الخصائص والألحان (الطرق السمانية نموذجاً) رسالة من خمسة فصول، نال من خلالها الموسيقار الأستاذ أنس العاقب درجة الدكتوراه عن جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا كلية الموسيقى والدارما، وهي الرسالة الثانية في السودان تتناول ذات الموضوع بعد دراسة بروفيسور عباس السباعي عن موسيقى التصوف التي نالها من جامعة القاهرة سنة 1989م، ولكن جاءت هذه الرسالة بصورة أشمل بحسب د. أنس العاقب. الرسالة تناولت في فصلها الأول الموضوع في الإطار العام، ثم تناولته في إطار نظري في فصلها الثاني، وهناك مبحثٌ عن السلم الخامس ودراسات سابقة مباشرة وغير مباشرة.
رسالة دكتوراه مهمة:
وفي الإطار العلمي، تناولت الدراسة (السماع عن الصوفية بمختلف طرقها، إضافةً إلى تعرض الرسالة للتاريخ الإنساني ثم التصوف الإسلامي ونشأة الطرق الصوفية في الحجاز في القرون الأولى، ثُمّ انتقال هذه الطرق إلى السودان في القرن السادس عشر على يد تاج الدين البهاري الذي أسّس الطريقة القادرية.
لأهمية هذه الدراسة وتناولها لموضوع مهم، التقينا د. أنس العاقب لنقف معه على بعض ما توصل إليه من خلالها.
أنس العاقب (ختمي) حسب علمي، ولكن لديه فلسفة خاصة لاختياره للطريقة السمانية للتطبيق عليها، فهل لنا أن نقف عليها؟
اخترت الطريقة السمانية لأنها أولاً هي من الطرق التي كانت تدعو للإصلاح إقليمياً، ثم إنها تحوّلت إلى سمانية سودانية التراث والمزاج، وإنها وجدت قبول شمال ووسط السودان، ولأن الشيخ محمد الطيب البشير رضي الله عنه شيخ السمانية كان يمثل النموذج الفكري الجديد في حالة التصوف بالسودان لأن الطريقة السمانية نفسها تقسّمت إلى مشيخات مختلفة في طرق العبادات مثل الذكر العصري (الذكر الخلوتي) وهو يؤدى بثلاث طرق (الجهر – ذكر الأنفاس والدمدمة). وهو موجود أيضاً في الطريقة الختمية والإدريسية والعركية والبرهانية.
هذه أوجه تشابه، فما هي أوجه الاختلاف التي وجدتها بين موسيقى الطرق الصوفية المختلفة من خلال دراستك؟
الاختلاف إيقاعي لحني ومقامي، وأيضاً في طرق الأداء، ولكن هناك خصائص كثيرة مشتركة بينها أوجه الاتفاق أكثر من أوجه التباين. وأهم شيء أن الأدب أكثر ثراءً من الذكر نفسه، وأدب الصوفية هو أدب غامض والغموض والرمز هو ميزة أساسية في أدب الصوفية.
بدون مقارنة:
نعلم أن كثيراً من المادحين السودانيين بدأوا بالغناء مثل المادح (حاج الماحي)، فهل وجدت من خلال دراستك مادحاً تحول إلى (غناي)؟
إطلاقاً وهذا لا يمكن أن يحدث، لأن الغناء الصوفي يختلف عن الغناء العاطفي اذ ان الاخير هو طرب دنيوي في مفرداته وخطابه وهو للمرح، أما الصوفي هو روحي وفيه تقرب لله سبحانه وتعالى وهذا لا يقدح أبداً في الغناء ولكن لا يمكن أن نقارن السمو الروحي في المديح بالغناء.
_ كيف ترى د. أنس ظاهرة المديح بالآلات الموسيقية وتفريغ ألحان الغناء وإعمال المديح فيها؟
المسألة ما جديدة طبعاً، فنجد أن غناء المديح بالآلات بدأه عبد العزيز محمد داؤود (بالسراي) في وقت مبكر، ثم جاء الكابلي في الستينات وعدد من الفنانين فكانت التجارب قليلة ولكنها ناجحة وموجة الفرق المادحة التي انتشرت كان وجودها مهماً جداً فالمادة كانت توازي حركة الغناء بالآلات الموسيقية، ولكن انفجرت في الساحة ثلاثة أنواع من الغناء أثرت على المديح في مسألة الألحان.
ماهي تلك الأنواع الثلاثة التي تقصد؟
هناك غناء يردد على استحياء ولا يجد القبول المعقول وهو غناء الفنانين لأعمالهم الخاصة الذي يقوده عصام محمد نور ومحمود عبد العزيز ووليد زاكي الدين، واتجاه آخر مقلد للقديم والحديث، واتجاه ما يُسمى بالغناء الهابط ومع الأسف الآن يقوده رجال. والظاهرة في اعتقادي أسبابها الفراغ الإبداعي وهي من مشاكلنا التي ظهرت في الإنقاذ وغير الإنقاذ (بس في الإنقاذ كانت مركزة)، حيث حورب الغناء الجيد فظهر غير الجيد.
نرجع لتفريغ الألحان الغنائية وتحميلها بالمدائح؟
أنا شخصياً أرى أن المغالاة في المديح الأصلي بالموسيقى يفسده.
ماذا تقصد بالمديح الأصلي؟
مثل مديح حاج الماحي لا يقبل كثرة اللازمات الموسيقية فيه، بل تفسده، فلا بد أن يكون محافظاً على لحنه الأساسي، اذ لا يمكن أن يتحوّل المديح إلى غناء ولكني كباحث أوافق على تفريغ اللحن من الكلمات الهابطة وإدخال المديح فيه ما دام اللحن يواصل الفكرة، ولكن بعض الألحان أصلاً لا تليق بعض الكلمات دعك من كلمات المديح.
وافتكر أن من حسنات هذا الاتجاه الجديد على الأقل يجد من الشباب قبولاً واسعاً.