هامر بالخرطوم قريباً.. إصرار أمريكي لكسر جمود العملية السياسية
تقرير: مريم أبَّشر
كشفت صحيفة “ميامي هيرالد الأمريكية”، عن جهود أمريكية سعودية لحل الأزمة السياسية في السودان.
وقالت الصحيفة: إنّ الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية تسعيان إلى كسر الجمود في العملية السياسية بالسودان من خلال رعاية المحادثات المباشرة بين أطراف الأزمة. وفق ما نشرته اليوم (التالي) أمس، وكشفت عن زيارة وشيكة للمبعوث الأمريكي الجديد إلى القرن الأفريقي، مايك هامر، إلى الخرطوم في الأيام المقبلة لمتابعة التطوُّرات الجديدة وسير تقدُّم المحادثات قبيل زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى الشرق الأوسط منتصف الشهر، والتي تشمل كلاً من فلسطين والسعودية وإسرائيل.
وتأتي زيارة المبعوث الأمريكى الجديد للقرن الأفريقي مستبقاً زيارة بايدن، للرياض في وقت ما تزال فيه الأزمة السودانية تراوح مكانها رغم التدخلات الأجنبية وتحرُّكات المسهِّلين بما فيهم مساعدة وزير الخارجية الأمريكي مولي في، خلال الأيام القليلة الماضية ورغم الأزمة الاقتصادية الخانقة وتوقعات الأسوأ حال لم يتم التوصل بين الأطراف السودانية قوى مدنية وعسكرية لحل يفضي لعودة الحكم المدني الديموقراطي، كما أن الزيارة المرتقبة ربما تتزامن مع مليونية الثلاثين من يونيو، الجاري، حيث تشهد الساحة السياسية والمد الثوري حشداً غير مسبوق، لكسب النقاط في إطار ماراثون البحث عن استعادة الحكم المدني.
حوافز واشنطن
مصدر دبلوماسي رفيع قال: إن أي مبعوث أمريكي يأتي للسودان في ظل الأوضاع الحالية هي محاولة من واشنطن لتسريع وتيرة الحوار وصولاً لاتفاق يسهم في حل الأزمة التي دخلت فيها البلاد بعد إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر. واعتبر المصدر الذي -فضَّل حجب اسمه- أن أيِّ تحرُّك من قبل الإدارة الأمريكية تجاه الخرطوم يأتي في إطار الحوافز التي تبذلها لتسريع الوصول لحل الأزمة.
ويرى أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى بكل جهد من أجل النأي بالسودان من الوصول لمرحلة تعقيد الأزمة و صعوبة الوصول لحلول لها، وأضاف: إن واشنطن تعلم تماماً الأهمية الاستراتيجية في المنطقة، وأنها تخشى حال تقاعست عن إيجاد حلول أن تسارع دول وأطراف أخرى لملء الفراغ مثل روسيا، مضيفاً أن الولايات المتحدة حريصة على مساعدة السودان وإنهاء الأزمة.
وقال: إن واشنطن وقفت وساندت الثورة برفع السودان من قائمة الإرهاب ورفع الحصار الاقتصادي، فضلاً عن تقديم جملة من المساعدات الإنسانية والتنموية وبجانب تقديم وعود بدفع المزيد
والمضي بخط الثورة وتثبيت الحكم المدني في السودان والوصول به نحو النهايات.
ويضيف: إن الدافع الأساسي لواشنطن هو توطين الديموقراطية في الإقليم وخلق الاستقرار السياسي في المنطقة وللحيلولة دون وصول الوضع لمرحلة الانفجار الأمر الذي يلغي عليها عبئاً ضخماً ومسؤولية كبيرة أكثر من أيِّ دولة أخرى، وذكر أن استعادة الاستقرار والمحافظة عليه في الصومال كلَّف الولايات المتحدة الكثير وعندما يتعلَّق الوضع بالسودان فإن ذلك يعني الكثير لها نظراً للأهمية السياسية والجغرافية للسودان في محيطه الأفريقي.
الحل سوداني
مهما حدث من تحرُّكات خارجية فإن مشكلة السودان لن يقوى على حلها إلا السودانيين أنفسهم وأن الأصل في الحل بالداخل وليس بالخارج وهذه هي رؤية البروفيسور والأكاديمي عبده مختار، بشأن توافد مبعوثين لحل الأزمة في السودان، ويضيف مختار: إن الحل يجب أن يكون سودانياً سودانياً، وبضمير وطني وأخلاق وأن تقدِّم الأطراف أكبر قدر من التنازلات الحقيقية من أجل الوطن و الشعب، وقال مختار لـ(الصيحة): إن الكثير من الوقت ضاع في ظل غياب الوطنية والقيادة الواحدة والبرنامج الواحد والإرادة الواحدة، وطالب البروف المكوِّنات السياسية بتقديم تنازلات حقيقية، وزاد بقوله: هذه هي المعضلة الأساسية، وأضاف: إن الصراع بين المكوِّنات المدنية وهو الذي دفع العسكر للقيام بالانقلاب ونفسه عدم الاتفاق على الحد الأدنى من التوافق هو الذي ساهم في أن تستمر هيمنة العسكر على المشهد وعدم التوصل لحل مرضٍ وأعتقد البروف أن تدخل القوى الأجنبية الغرض منه الوساطة والتسهيل ومطلوب أن يكون تهيئة للمناخ السياسي من قبل العسكر وماهو مطلوب من المدنيين أكبر، ويرى أنه مهما تمت من زيارات مبعوثين ومهما سعى الوسطاء لا يمكن أن يقود ذلك لحل للأزمة، وأن الحلول مصدرها الداخل والكرة الآن في أيدي القوى السياسية المدنية. ويرى أن زيارة بايدن، للمملكة وأن كان ملف السودان أحد أهم أجندتها، فإن الحل الحاسم بأيدي السودانيين، فإما أن يستمر التمسُّك بالواقف ويضيع السودان أو أن نتوافق ونضع مصلحة الوطن فوق كل المصالح الأخرى الضيِّقة، وجدَّد حديثه بالقول إن الحل لن يأتي من الخارج، أضف إلى ذلك فإن الحلول التي تأتي من الخارج لن تخلو من أجندات ومصالح لخدمة تلك الجهات.
وقف الروس
السفير الصادق المقلي، الخبير الدبلوماسى يرى أن زيارة مبعوث القرن الأفريقي للخرطوم مايك هامر، تهدف في الأساس لمواصلة جهود سلفه واللجنة الثلاثية في المساعدة لحل الأزمة السودانية بالتنسيق مع المملكة، وقال لـ(الصيحة): ليس من المستبعد بالمقابل أن يركز بايدن، في زيارته المرتقبة للرياض النظر في الأزمة السودانية في سياق التنسيق المسبق بين البلدين، في هذا الصدد ضمن المبادرة الأممية، لافتاً إلى أن الدولتين لديهما مصالح اقتصادية و استثمارية في السودان بجانب أن هنالك مخاوف حقيقية من استثمارات شركة “فانغر” الروسية بالبحر الأحمر ومساعي روسيا لبناء قاعدة لها على البحر الأحمر، وذكر أن مسؤولاً أمريكياً أشار إلى أن دخول روسيا لأفريقيا سوف يقود لإفقار دولها واستغلال مواردها و يضيف أن أحد أهم الأجنده الأمريكية الذي يساعد في تحقيق مصالحها وكذلك دول الاتحاد الأوربي هو استعادة النظام الديموقراطي واستعادة التحوُّل الديموقراطي وحدوث استقرار سياسي، مضيفاً أن واشنطن ليس من مصلحتها قيام نظام شمولي، ويضيف كذلك دول الخليج وإسرائيل ترى في الوجود الروسي بمنطقة البحر الأحمر مهدِّداً أمنياً.