النصيحة
عبد الله مسار يكتب
لماذا نقف ضد العودة لما قبل 25 اكتوبر (عهد أربعة طويلة)كتب الأستاذ اردول تحت هذا العنوان.
هي قوى ضد السلام ومعادية للديمقراطية ومخزية للعدالة.
ببساطة لكل موقف سياسي تتخذه يكون نتاج واقع عشته او تحليل لمعطيات ومعلومات حقيقية لمستقبل واضح الملامح، فإذا سألنا الناس لماذا تقفون ضد اربعة طويلة وكنتم من قبل أصدقاء وحلفاء؟ هل المعركة شخصية كما يقولون ام نحن قوى ضد التحول الديمقراطي كما يصورون؟ أم واجهات لحكم العسكر كما يختلفون؟
والإجابة على ذلك اكثر، فإنا لسنا منطلقين من منصات وعي شخصية، ولا نحن ضد التحول الديمقراطي وأيضاً لا نحن واجهة للحكم العسكري، فلدينا نضالنا الطويل وتاريخنا المشرف، نحن اكثر قوى لها تاريخ ممهور بالدم وقدمنا التضحيات العظيمة في نضالنا ضد النظام السابق، واستغل النظام السابق المؤسسة العسكرية والتكوينات الأخرى لمنازلتنا. وتاريخ ومقابر شهدائنا اكبر دليل على تلكم التضحيات، ولكنا عندما نكون في عهد السلام فلا نستلف خطاب الحرب ولا نبتز به الآخرين، لأننا نعلم كم هي كلفة الحرب المادية والبشرية والاجتماعية على بلدنا وشعبنا.
فقط نذكر الناس لعل الذكرى تنفعهم، وواحدة واحدة تأخذ شيئاً يؤكد أنهم ضد السلام ومعادون للديمقراطية ومخربون للعدالة.
مثلاً في عهد اربعة طويلة انتشر فيه التغول على سلطات القانون باسم تفكيك تمكين الكيزان، وكان عملية تفكيك الكيزان اسوأ من تمكين الكيزان انفسهم، فقد قامت لجنة سياسية ينتمي اعضاؤها لأحزاب سياسية باستهداف مواطنين خارج الأجهزة العدلية، وهذا شيءٌ مناف لسلطة القانون والذي هو أهم ركن من أركان الديمقراطية، فهي قوى مُعادية للديمقراطية، ولم يقوموا بأي منشط يؤكد انّهم يسعون للديمقراطية، فلا تحضيرٌ للانتخابات، حدثونا بذلك إن وجد، ولا فصل بين السلطات، ورأينا اللجنة كيف جمعت بها اربعة طويلة السلطات وألغت السلطة العدلية واحتكرت التشريعية عبر مجلسها المركزي، وكذلك السلطة التنفيذية عبر وزرائها وولاتها، ورأينا كيف كان يمثل عندهم سيادة حكم القانون، فأي ديمقراطية يتحدثون عنها، وحتى حق التظاهر أو الحريات كانوا يقولون إنهم وحدهم لهم حق التظاهر ضد حكومتهم ولا لاحدٌ آخر الحق في ذلك.
وشاهدنا إثباتاً لذلك الكثير من الأفعال في العامين اللذين حكموا فيهما فرأينا الآتي:
بشعوا بأسماء المشتبه بهم وهم مجرد متهمين، اكرر متهمين وليسوا مدانين في محكمة، صادروا اموال الناس بغير حكم قضائي، اخذوا الممتلكات بغير وجه حق ولغير خزنة الدولة، اعتقلوا الناس استغلالاً للقانون، واعتقلوا صحفيين، واوقفوا صحفاً عن العمل، مات بعض المعتقلين في السجون ولم يرمش لهم جفنٌ، فصلوا المئات من المواطنين بدافع الانتماء السياسي، وتسبّبوا في العديد من إفقار وتشريد الأسر نتيجة لفقد أربابهم للمعاش، وصوّروا حتى النساء بشكل بشع في منظر يخلو من القيم والأخلاق ولم يقفوا عند هذا الحد، بل امتدت يدهم إلى السوق فهاجموا التجار بحجة الإتجار بالعملة، فجمدوا حسابات التجار المصرفية وأخذوا أموالهم للخارج، وبل غيّروا توقيعات ملاك الشركات وأصحاب العمل وبدون حكم قضائي، فأضروا بسُمعة النظام المصرفي بالبلاد حتى هجرت رؤوس الأموال، اعتدوا على القضاء نفسه وفصلوهم، وفصلوا وكلاء النيابة، وخافت الأجهزة العدلية من ممارسة حقها في حفظ التوازن والعدل بين الناس، فأصبحوا يخيفون أي مواطن في البلاد. لربما تصحى صباحاً وتجد نفسك مسجوناً وموقوفاً حسابك أو تسمع اسمك في التلفاز.
لم يقف الضرر عند هذا الحد، بل توقّف دخول رأس المال الى البلاد خوفاً من المُصادرة خارج نطاق القانون.
لم تكن كل هذه الجرائم مرتكبة ضدنا كأشخاص أو الميثاق الوطني أو حركات الكفاح المسلح، وإنما ضدكم لمواطنين وضد بلدكم واقتصادكم وحياتكم، ومن واجبنا الدفاع عن مواطنينا وبلادنا وحقنا في العيش تحت حكم القانون، كما ظللنا نقوم ذلك ولفترات ضد اعتداءات الغاشمين، إنهم لم يمنحوا أحداً ممن قاموا في حقهم كل ذلك حق الدفاع عن نفسه، ولم يقيموا حتى محكمة واحدة مكتملة الأركان ضد من قبضوهم، بل تم كل ذلك بدون حتى قاض او تحرٍ أو محامٍ وإجراءات دفاع واتهام في محاكمة تقليدية معروفة اصبح التلفزيون القومي بدلاً من توحيد كان أداة للتشهير وإشانة سمعة الناس والبيوت وهم في الاصل مشتبه بهم او متهمون، وتم ذلك بإخلال واضح لحقوق المحاكمة العادلة. كيف نقف ضد هؤلاء، دعوني بربكم كيف لنا ننسى كل هذا؟؟ وكيف لعهد الظلم يعود على رقابنا، كيف أتصوّر حكم هؤلاء المطلق على الدولة ورأيناهم هم عندما احتلوا مجرد لجنة وليست الدولة بأكملها، وباسم الحكم المدني كما يطلبون الآن، فعلوا بالناس الأفاعيل، وأذاقوهم عذاب جهنم، كيف لعهد مثل هذا أن نسمح لهم حتى التفكير بالعودة ونجلسهم معهم بحجة الحكم المدني الديمقراطي، ولو ضغطنا الغرب ما ضغط وفرض علينا كل ما عنده من عقوبات هل نقبل بذلك؟ كلا حاشا فلا مرحباً بالحكم المدني والديمقراطي الذي يمثله هؤلاء..!