تباريح الهوى
محمد البحاري يكتب:
المبدعون وشركات التأمين!!
تأثرت الثقافة والفنون كغيرها من المجالات بما حدث ويحدث في السودان من تغييرات والفوضى الكبيرة على كل المُستويات وذلك لعدم وجود حكومة رسمية تستطيع وضع الخطط والقرارات ووضعها موضع التنفيذ، لذلك تراجعت الأعمال الثقافية كثيراً عدا بعض المنتديات التي تعمل بجهد ذاتي من أصحاب المُنتديات الحكومة ليس لها دورٌ يُذكر في هذه المنتديات.
قناعتي راسخة بأن ما تقوم به الفنون وسط المجتمع لن تستطيع أن تقوم به أي مجالات أخرى ذلك أن الفنون تستطيع أن تساهم في رتق النسيج الاجتماعي ونبذ الجهوية والعنصرية، خَاصّةً وأنّ السودان يكتوي من نار العنصرية والقبلية، مما يجعل دور الفنون في المقدمة لمعالجة هذه المشاكل الاجتماعية التي أصبحت تُشكِّل خطراً كبيراً على المجتمع السوداني ككل والفنون هي واحدة من العلاجات التي يحتاجها المجتمع السوداني لنبذ الجهوية والعنصرية، فكل مجتمعاتنا المحلية لها إيقاعاتها التي تدخل البيوت والقلوب دون إذنٍ مُسبقٍ، لذلك لو عملت الحكومة على هذه الفنون بطريقة علمية لتجاوزنا كثيراً من المشكلات التي تواجه المجتمع السوداني.
كثيراً ما نسمع ونردِّد (ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان) فقيمة الإنسان ليس فيما يأكله ولكن قيمته فيما يقدمه لوطنه ومجتمعه ومساهماته في تقدم المجتمع وأين مكانته ودوره في مجتمعه الصغير والكبير حتى يكون شخصاً صالحاً في المجتمع ويُساهم كل شخص في مجاله في خدمة وطنه، ومن هنا يكون دور المُبدعين والفنانين فيما يحدث في المجتمع فربما لحن أو أغنية أو مقطوعة موسيقية ربما تُساهم بشكل كبير في نبذ الجهوية والعنصرية ومن هنا يجب على الحكومة الاهتمام بهذا المجال.
والمؤسف حقاً أن كثيراً من المبدعين يعانون أشد المعاناة من شظف العيش وويلات المرض وليس لهم إلا المُبادرات من الزملاء لعلاجهم وسد رمقهم، فهذا الوضع مؤسف حقاً في حق المبدعين والفنانين، فهم عمود المجتمع الفقري الذي ينبض بالحب والمشاعر الدفاقة، فواجبنا عليهم الاهتمام بهم وتهيئة المناخ لهم للمساهمة في حلحلة المشاكل الاجتماعية وإزالة هذا الوضع المشوه تجاه المبدعين.
بالأمس، كتبنا عن الفنان (أحمد شاويش) واليوم نكتب عن الفنان (عبد القادر سالم – رئيس اتحاد المهن الموسيقية) والفنان (مصطفى مضوي) ولحق بهم العازف المعتق (نجدي عتيق) مع أمنياتنا لهم بالصحة والعافية، وقبل أن يجف المداد حملت لنا مواقع التواصل صورة الفنان (رائد ميرغني) وهو في السجن أكثر من سنتين ونصف في مبلغ لا يستحق وهذا تقصيرٌ من الفنانين والموسيقيين أنفسهم، أين هم وزميلهم في السجن أكثر من سنتين ونجدِّد اقتراحنا مرة أخرى بعمل شركة تأمين للمبدعين تكون المساهمات منهم أنفسهم حتى لا تتكرّر المآسي في المُستقبل.