30 يونيو .. القلق سيد الموقف.. والكل يُرتِّب اوراقه
الخرطوم: آثار كامل
توقف الحال منذ إجراءات (25) أكتوبر العام 2021م، بجانب جمود الموقف السياسي وتعطيل إبحار الحكومة المدنية بعد مرور أشهر بدأت بوادر الحراك لإيجاد حل للأزمة من قبل الوساطات الدولية والمحلية حتى آخر لقاء ما بين الحرية والتغيير والمكوِّن العسكري التي أنتج عن بعض التفاهمات وبالمقابل ظلت لجان المقاومة وقوى الثورة الحية ترفض ما تم من لقاءات وتمسَّكت باللاءات الثلاث وإسقاط ما تصفه بالانقلاب وذلك عبر المقاومة السلمية والمواكب الراتبة والتجهيز لمليونية (30) يونيو، وبعد عودة التظاهرات مجدَّدة عبر الجداول الراتبة نجد أن هنالك تداول كثيف لعدد من الهاشتاقات الداعمة لمليونية الثلاثين من يونيو، من خلال الدعوات التي أطلقت يبقى تاريخ الثلاثين من يونيو، ما بين الدعوات لإسقاط الانقلاب واستعادة المسار الديموقراطي المدني ورفض سياسات المكوِّن العسكري وتسليم السلطة للمدنيين وما بين المحتفلين بإحياء ذكرى يوم عظيم للثورة والمطالبين بتحقيق أهداف الثورة (حرية سلام عدالة). وبالنظر لتلك الدعوات فهي جعلت القوى السياسية منقسمة أحدهم داعم للحوار الشامل السوداني سوداني وفصيل آخر يريد عدم الشراكة مع العسكر وتحقيق أهداف الثورة، والملفت للنظر أن تنظيمات كانت تقف مع المعسكر الآخر (المكوِّن العسكري) أعلنت صراحة مشاركتها في تظاهرات الثلاثين من يونيو، مثل قوى الحرية والتغيير الميثاق الوطني.
وبالتالي فإن كل الأطراف بما فيها الحكومة القائمة ترتب لذاك اليوم الثلاثين من يونيو.
فرصة للوحدة
اعتبر رئيس حزب المؤتمر السوداني القيادي بقوى إعلان الحرية والتغيير عمر الدقير مليونية 30 يونيو، حدثاً بالغ الأهمية وفرصة للتوحُّد حول الغايات الوطنية الكبرى، وقال الدقير لـ(الحراك) إنهم يعملون مع شركائهم لدعوة كل القوى الديموقراطية إلى أرجاء الخلافات الثانوية والعمل سوياً لتأسيس أركان الدولة الديموقراطية المنشودة حتى يتسنى للجميع التنافس النزيه حول الأفكار والبرامج عبر صناديق الاقتراع مستقبلاً، وكشف الدقير عن خطة فحواها العمل مع كل قوى الثورة لضمان أكبر حشد جماهيري تحت شعار وحدة قوى الثورة وتأكيد مطلب زوال الانقلاب وخروج المؤسسة العسكرية من معادلة السياسة والحكم واسترداد مسار التحوُّل الديموقراطي بسلطة مدنية كاملة تمثل الجميع وتباشر تنفيذ أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، وأشار للأهداف المتعلقة بملفات العدالة والسلام والاقتصاد والجيش الواحد والإصلاح المؤسسي وصناعة الدستور والانتخابات، ودعا الدقير كل المواطنين للخروج من أجل هزيمة الانقلاب واسترداد الحكم المدني الديموقراطي بمليونية 30 يونيو.
لن نتنازل عن الشارع وسنشارك في مليونية 30 يونيو
أكد القيادي بقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي والأمين السياسي بحزب التحالف الوطني السوداني عثمان محمد صالح، مشاركتهم في المليونية والتعبئة العامة لإنجاحها، وقال في رده على سؤال حول موقف قوى الحرية والتغيير من المليونية بعد قبولها بالحوار غير المباشر مع الانقلابيين، إن الحرية والتغيير لن تتنازل عن الشارع ومطالبه فهي جزء منه ووجهت قواعدها بالمشاركة في المليونية .
وفي السياق ذاته كشف عدد من أعضاء لجان مقاومة الولايات عن إطلاق (هاشتاق) # كل القوة الخرطوم جوه” وأن اللجان في كل السودان تعكف على الاستعداد والتحضير والتجهيز لمليونية ٣٠ يونيو، مشدِّدين بأن المقاومة هذه المرة لن تعطي العسكر طوق نجاة مجاناً كما وجدوه في المرتين السابقتين، وذلك بالرجوع للتفاوض الذي علَّقه المكوِّن العسكري، كما حدث بعد مجزرة فض اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة، والثانية عند اتفاق رئيس مجلس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك مع البرهان في 21 نوفمبر الماضي .
مشاركة التوافق الوطني
في خطوة مفاجئة، أعلنت الحرية والتغيير- التوافق الوطني، المشاركة في مواكب 30 يونيو الجاري، وقال المتحدث الرسمي باسم جماعة الميثاق محمد زكريا بحسب (سودان تربيون) “إننا ندعو جماهيرنا وكل دعاة الديموقراطية وعموم الشعب السوداني للتظاهر السلمي في 30 يونيو، للتأكيد على مكتسبات الثورة”. وأضاف “يجب أن نحرس الثورة من دعاة الإقصاء وأصحاب الأجندات الحزبية الضيِّقة، واعتبر زكريا الوفاق السياسي العريض بمثابة السبيل الوحيد للخروج من الأزمة الراهنة، داعيًا إلى تنفيذ السلام واستكماله.
الشرطة في الواجهة
وقد أكدت المصادر لـ(الصيحة) استعداد القوات النظامية بانتشار كثيف في كل المداخل والمنشآت الحيوية وكان رئيس الوزراء السابق د. عبدالله حمدوك، قال في تصريحات له، إن الشرطة أثبتت جدارة ومهنية عالية في التعامل مع المتظاهرين في مواكب الثلاثين من يونيو العام الماضي، ومن المتوقع أن تصدر الشرطة بياناً توضِّح فيه اكتمال ترتيبات قوات الشرطة لحماية وسلامة المشاركين وتأمين المرافق الاستراتيجية والحيوية بجانب مشاركة وكلاء النيابة ومرافقتهم لقوات الشرطة.
فيما اختلفت التكهنات حول موقف الشرطة وتساءل البعض هل ستعيد الشرطة ذاك المشهد الذي قامت به عند خروج مواكب العدالة الذكرى الثانية لفض اعتصام القيادة بتوزيع قوارير المياه على الثوار أم ستكتفي بإطلاق الغاز المسيل للدموع والمياه على المتظاهرين؟
فيما كشف مصدر أمني لـ (الصيحة) بأن سلطات ولاية الخرطوم ستصدر نشره في التاسع والعشرين من يونيو، تعلن فيها إغلاق معظم الكباري بالخرطوم واعتبار وسط الخرطوم منطقة غير مسموح فيها بالتظاهر لقربها من المؤسسات الحكومية.
بينما أوضح عضو لجان مقاومة فضَّل حجب اسمه بأن وجهتهم في الثلاثين من يونيو، ستكون إلى القصر الجمهوري وأنهم سينجحون في الوصول إليه كما نجحوا مرتين من قبل.
مسيرة الثورة
أعتبر المحلِّل السياسي صابر الحاج، في حديثه لـ(الصيحة) بأن تظاهرات الثلاثين من يونيو، ستؤكد بأن مسيرة الثورة مستمرة ولن تنطفئ جذوتها حتى تحقق أهدافها نحو الانتقال الديموقراطي وستؤكد -أيضاً- حرص الشعب على حماية ثورته المجيِّدة من مخططات الردة والقوى الساعية لإجهاضها، مضيفاً بأن الثلاثين من يونيو، ستؤكد بأن القوى الثورية موجودة في الشارع وقادرة على التغيير والشارع يؤكد على ضرورة تصحيح مسار الثورة.
مواصلة المشوار
وقال عضو لجان مقاومة الفتيحاب أبوسعد مربع (2) علي حسين لـ(الصيحة) إن قوى الثورة ستبث في الثلاثين من يونيو، رسالة قوية للحكومة الانقلابية وتثبت أن جذوة الانتفاضة لا تزال متقدة وهي بالمرصاد لقوى الردة، كما ستشكل دفعة قوية من أجل المضي قدماً في سبيل تحقيق أهداف الثورة، وأضاف المليونية المرتقبة تمثل إحياءً لذكرى ملهمة، وأضاف بأنها -أيضاً- رسالة من قوى الثورة لمواصلة ما بدأ لقيام دولة الحرية والعدالة والسلام وتحقيق القصاص للشهداء والمضي سريعاً في إجراءات الإصلاحات المطلوبة.
نقطة اللاعودة
ويقول القيادي بحزب الأمة القومي عروة الصادق في حديثه لـ(الصيحة)، إن الثلاثين من يونيو، هي نقطة اللاعودة لما قبلها فلقد تمايزت جميع الصفوف السياسية والاجتماعية والثقافية في البلاد، وتبيَّنت ملامح الوجه القميء للسلطة الانقلابية حتى وإن تغطت بجلود الوكلاء الانقلابيين والسدنة من قوى مدنية وإدارات أهلية وحركات مسلحة وغيره من جماعات اعتصام القصر من قوى الردة والفلول، وهو الأمر الذي جعل التباين جلياً بين الذين يزداد عويلهم للحفاظ على مكتسباتهم الذاتية وبين أولئك الذين يريدون إنهاء حقبة التسلط العسكري في البلاد إلى الأبد، في مسعى حثيث لتحقيق (الحرية والسلام والعدالة)، والقصاص العادل والعاجل للشهداء والجرحى والمصابين والمفقودين ورد الحقوق لمن ظلم من أهل الضحايا وذوي الشهداء.
الكل يرتب
وأضاف عروة بأن الكل يرتب بصورة حثيثة سواءً أكانت أحزاب سياسية بكل تكويناتها الداخلية والقطاعية وطلاب الأحزاب والمهنيين والتجمعات النسوية الكل يحضر، ونوَّه بأن التحضير يختلف كل قطاع يحضر فيما يليه من أوضاع قانونية وأطباء العيادات الميدانية وهنالك ترتيبات لوجستية -أيضاً- واستغرب في حديثه بأنه حتى من ساندوا الانقلاب يؤيدون الخروج في الثلاثين من يونيو، ولكن شعاراتهم ستختلف وتصطدم مع شعارات الشارع المنادي بإسقاط الانقلاب، وأضاف: بلا شك ليس هناك من سيتخلف عن المشاركة إلا صاحب عذر، ولكن سيقاطعها كل من يرفض التحوُّل الشامل العادل الديموقراطي، وليست احتفالاً بذكرى عادية، وبسؤاله عن اختلاف الدعوات للثلاثين من يونيو، فأصبحت ما بين ذكرى وما بين دعوات لإسقاط الانقلاب واستعادة المسار الديموقراطي المدني ورفض سياسات المكوِّن العسكري وتسليم السلطة للمدنيين، قال عروة، إن ما يميِّز هذه الدعوة أنها أتت بعد أن حدثت هزة سياسية في البلاد لا يمكن العودة لما قبلها بأي صورة من الصور، بالموقف السياسي والتوجهات السياسية الرسمية أو الحزبية لن تكون كما كانت عليه قبل العقود الستين التي عاشها السودانيون والسودانيات، ونوَّه إلى أن الأحزاب السياسية سيما التاريخية والقديمة والفعاليات المشابهة لها لن تعود كما كانت لهياكلها التنظيمية أو برامجها أو قياداتها الموروثة، فكل القوى التي تنشد الاستمرار ستحدث أجندتها ومواقفها وبرامجها وإلا فسيكون مصيرها مصير حزب الوفد المصري، وستشهد أحزاباً فدرالية ومهجرية بقوة أحزاب المركز. وأضاف بأن الفعاليات السياسية في البلاد لن تكون بذات الطابع الهتافي والذي تسمع فيه الجماهير فقط لقيادات القوى السياسية، ولكن هذه الجماهير هي التي سترغم القوى السياسية على الاستماع لها بطرق تفاعلية مبتكرة وهي التي تنظم فعالياتها وتوجه الدعوة لمن تريد بالاسم والوصف، مشيراً إلى أن الإرادة السياسية لن تكون بذات التردد والمهادنة كما كانت في الفترات السابقة، بل ستكون جدية وحدية فاصلة ومميَّزة بين الأبيض والأسود السياسي لا مجال فيها للمناورة أو الانتظار، وبموجبها ستتغيَّر الخطط والبرامج والاستراتيجيات الآنية والمستقبلية، كما أن الإدارة السياسية للشأن السياسي السوداني ستتغيَّر كلياً لكونها ستضم أطيافاً وأطرافاً سياسية جديدة وستكون تلك التيارات المذكورة إدارات سياسية بتسميات جديدة تستوعب الاختلاف السياسي والجهوي والنوعي، وأوصاف مغايرة، وسنشهد عودة تسميات (داعش) في السودان، مشيراً إلى أن الضغط السياسي لن تكون وسائله كالتي انتهجها وأنتجها الفكر السياسي السوداني، وستتغيَّر وسائله بصورة ستسارع من إنهاء هذه الحقبة المظلمة وتسرع من عملية البناء المنشودة لترسيخ سلام مستدام وعادل وتحوُّل ديموقراطي تام وكامل والجميع سيتخذ من هذه الدعوات نقطة اللاعودة للانقلاب أو ما قبله وإنما نقطة لتقويض الانقلاب وتأسيس سلطة مدنية على أسس دستورية جديدة، وإنهاء قرارات وإجراءات الانقلاب، وليست احتفالاً بذكرى عادية