بالمنطق
صلاح الدين عووضة
كرسي السيد!!
ﺍﺳﻤﻪ ﺳﻴﺪ..
ﻭﻳﻨﺎﺩﻳﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪﺓ ﺍﺧﺘﺼﺎﺭﺍً بالسيد..
ﻭﺳﺒﺐ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ – ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻷﻟﻒ ﻭﺍﻟﻼﻡ – ﻫﻮ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ..
ﻓﻬﻮ ﻗﺪ ﺍﺷﺘﻬﺮ ﺑﻜﺮﺳﻲ ﻳﺠﻠﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻣﺎﻡ داره؛ كرسي واحد لا يتغير..
ﺛﻢ ﻳﻄﻠﻖ ﺍﻷﻭﺍﻣﺮ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻴﻪ ﻫﺬﺍ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ..
ﻻ ﺃﺣﺪ ﻳﻌﻠﻢ ﻛﻢ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﻫﺬﻩ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ..
ﻓﺎﻟﺬﻳﻦ ﺑﻠﻐﻮﺍ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺇﻥ ﻭﻋﻴﻬﻢ ﺗﻔﺘﺢ ﻋﻠﻰﺃﺷﻴﺎﺀ ﺛﻼﺛﺔ:
ﻟﻮﺭﻱ ﺭﺿﻮﺍﻥ… ﻭﺩﻛﺎﻥ ﻧﺼﺮﻱ… ﻭﻛﺮﺳﻲ ﺍﻟﺴﻴﺪ..
ﺛﻢ ﻳﻘﺴﻤﻮﻥ – بأغلظ الإيمان – ﺃﻥّ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﻫﻮ ﺫﺍﺗﻪ؛ تماماً ﻛﻤﺎ ﺷﺎﻫﺪﻭﻩ ﺃﻭﻝ ﻣﺮﺓ..
ﻭﺟﺰﻡ ﺑﻜﺮﻱ ﺍﻟﻨﺠﺎﺭ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺠﺮ ﺻﻴﺎﻧﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺑﺪﺍً..
ﻓﻬﻮ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ – ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ – ﻣﺬ ﺑﺪﺃ بكري هذا ﻳﻤﺎﺭﺱ ﺍﻟﻨﺠﺎﺭﺓ ﻗﺒﻞ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﺎً..
ﻭﻧﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺷﻬﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺣﻴﻦ ﺳُﻤﻲ ﺷﺎﺭﻉ (ﺗﺤﺖ) ﺑﺎﺳﻤﻪ ..
ﻭﻗﺎﻝ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﺴﻦ ﺇنه ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻤﻞ ﻛﺮﺳﻴّﻪ ﻣﻌﻪ ﺃﻳﻨﻤﺎ ﺫﻫﺐ؛ ﻣﻤﺎﺭﺳﺎً ﻫﻮﺍﻳﺘﻪ ..
ﻫﻮﺍﻳﺔ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺍﻷﻭﺍﻣﺮ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺑﻔﻌﻞ ﻫﺬﺍ… ﻭﺗﺮﻙ ﺫﺍﻙ..
ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ – مقابر قبلي وبحري – ﻛﺎﻥ ﻳﺼﻠﻬﺎ ﻛﺮﺳﻲ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻫﺬﺍ ﻋﻨﺪ ﺣﺪﻭﺙ ﻭﻓﺎﺓ..
ﺛﻢ ﻻ ﻳﻜﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺮﺍﺥ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺍﻧﺼﺎﻉ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻷﻭﺍﻣﺮﻩ ..
ﺃﻣﺎ ﺍﻵﻥ؛ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻭﺍﻣﺮ ﺃﺿﺤﺖ (ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ)… ﺟﺮﺍﺀ ﻋﺎﻣﻞ ﺍﻟﺴﻦ ..
ﻭﻗﻴﻞ ﺇﻧﻪ ﻳﺴﺘﺸﻌﺮ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺣﻴﻦ ﻳﺮﻯ ﺃﻭﺍﻣﺮﻩ ﻳُﻠﺘﺰﻡ ﺑﻬﺎ ..
ولكن ﺇﻥ ﺗﺠﺎﻫﻠﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻐﻀﺐ إلى ﺤﺪ ﺳﻘﻮﻃﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ..
ﻭﻟﻠﺴﺒﺐ ﻫﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺤﺮﺹ الناس ﻋﻠﻰ تجنب إﻏﻀﺎﺑﻪ..
ﻭﻗﺪ ﺷﺨَّﺺ ﻧﺎﻇﺮ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ – ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺑﻼﻝ – ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻴﺪ ﻫﺬﻩ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﺮﺿﻴﺔ… نفسية..
ﻗﺎﻝ ﺇﻧﻪ ﻧﺰﻭﻉ ﻏﻴﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺰﻋﺎﻣﺔ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺭﻣﺰﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ..
ﻭﺫﻛﺮ ﺩﻟﻴﻼً ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺗﻤﻨﻲ ﺳﻴﺪ – ذات ﺟﻠﺴﺔ ﺩﻛﺎﻱ – ﺃﻥ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻤﺪﺓ..
ﺛﻢ ﺣﺪﺙ ﺷﻲﺀ ﻋﺠﻴﺐ في ليلةٍ من ليالي البلدة..
ﻟﻴﻠﺔ ﻋﺮﺱ ﺍﺑﻦ ﺣﺴﻦ ﻓﻜﺮﻱ… ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺟﺎﺭﺍً ﻟﺴﻴﺪ… وكرسيه..
ﺷﻲﺀ ﻟﻢ ﻳﻌﻬﺪﻩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ؛ ﻭﻗﺪ ﻇﻞ ﺻﺎﻣﺪﺍً ﻟﻨﺤﻮ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً..
أو أياً كان عدد سنواته التي لا يذكرها الناس..
ﻓﻘﺪ ﺃﻋﻄﻰ ﺃﻭﺍﻣﺮﻩ ﻟﻠﻤﻄﺮﺏ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺑﺄﻥ ﻳﻐﻨﻲ ﺃﻏﻨﻴﺔ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﺬﻛﺮﻫﺎ ﺇﻻ المسنون ..
ﺃﻏﻨﻴﺔ ﻣﺎﺗﺖ ﺑﻤﻮﺕ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ؛ ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻤﺪﺡ ﻓﻴﻬﺎ (ﺳﻴﺪ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ)..
ﻣﺪﺣﻪ ﺑﻬﺎ ﺣﻴﻦ ﺟﺎﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻴﺪ ﺑﺄﻭﺭﺍﻕٍ ﻧﻘﺪﻳﺔ كبيرة؛ ﺍﻧﺪﺛﺮﺕ ﻫﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ..
ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﻧﻘﺬﻩ يوماً ﻣﻦ ﺑﺮﺍﺛﻦ ﻛﻠﺐ ﺑﺘﻮﻝ ﺍﻟﺸﺮﺱ..
ﻓاﻋﺘﺬﺭ ﻣﻄﺮﺏ ﺍﻟﺤﻔﻞ ﺑﺄﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺘﺤﻀﺮ ﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻷﻏﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ..
ومن ثم لا يستطيع تلبية ما يطلبه المستمع..
فثار سيد ثورة عظيمة..
ثم ﺍﻧﺸﻐﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻦ ﺛﻮﺭﺓ ﺳﻴﺪ هذه ﺑﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﻣﻦ ﺗﺤﺘﻪ..
ﻓﻬﻲ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺍﻷﻭلى ﺍﻟﺘﻲ (ﻳﺌﻦ) ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻄم؛ قبل أن يموت بعد عمرٍ طويل..
ثم خرّ سيده نفسه ميتاً..
ســيد!!.