* أكبر تحدٍ يواجه النيابة سكوت المجتمع عن جرائم الاغتصاب والتحرُّش وتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية
* زواج الأطفال مصدر قلق اجتماعي وانتهاك لحقوقهم
* منذ 25 أكتوبر الماضي وحتى مايو لا يوجد أطفال بالانتظار
* من أبرز الجرائم ضد الأطفال التحرُّش والاغتصاب والعنف والاستغلال
* تم وضع خارطة طريق لتفعيل المادة (141) المجرِّمة لختان الإناث
* نحتاج لزيادة دور الانتظار والوحدات النيابية
التشـريعات والقوانين الخاصة بزواج الأطفال تحتاج إلى إجراء بعض التعديلات حتى تتواءم مع قانون الطفل 2010م.
في أول حوار صحفي لها تحدَّثت رئيسة نيابة الطفل دكتورة سلوى خليل، عن أعمال النيابة واختصاصاتها، والتحديات المجتمعية التي تواجه النيابة في القيام بأعملها، كما كشفت معلومات حول جرائم الأطفال وزواجهم، وأشارت إلى الخلاف مابين قانوني الطفل والقانون الجنائي السوداني.
حوار: أم بلة النور
أولاً، حدثينا عن نشأة النيابة؟
نعم، أولاً شكراً صحيفة (الصيحة)، قد تم إنشاء نيابة متخصصة للطفل بأمر التأسيس الصادر من السيد وزير العدل في الثلاثين من أكتوبر 2004م، والذي ألغى بموجبه أمر تأسيس نيابة الأحداث المنشأة في 24/1/2004م، وعدد النيابات (15) نيابة طفل، بالعاصمة والولايات وهنالك ولايات لا يوجد فيها وكلاء نيابة خاصين بالأطفال . ووكيل النيابة الجنائي هو الذي يباشر أعمال نيابة الطفل.
وما هي اختصاصاتها؟
يتمثَّل الاختصاص النوعي للنيابة بالإشراف على التحريات وممارسة السلطات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م، وقانون الطفل للعام 2010م، والذي تم بموجبه إلغاء قانون الطفل لسنة 2004م، على أن تظل جميع اللوائح والأوامر الصادرة بموجبه سارية إلى أن تلغى أو تعدَّل وفقاً لأحكام القانون .
كيف تتعامل نيابة الطفل مع تقاطعات قانون الطفل مع القانون الجنائي للعام 1991م؟
يعتبر القانون هو الأداة الرئيسة لتنظيم سلوك الناس في المجتمع ويعمل بشقيه الموضوعي والإجرائي على الحماية من الجريمة والمحافظة على المجتمع واحترام حقوق الإنسان وقانون الطفل لسنة 2010م، عرَّف الطفل بأنه (كل شخص لم يبلغ سن الثامنة عشـر عاماً)، والقانون أوضح المنظومة العدلية للأطفال المتمثلة في القضاء الصديق للأطفال ويقصد به شرطة حماية الأسرة والطفل والأطباء والمحامين واللجان المجتمعية والاختصاصي الاجتماعي والنفسـي ومنظمات المجتمع المدني العاملة والمتعاونة مع المنظومة العدلية للأطفال وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في قانون الطفل والاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل، فالسودان دولة طرف في الاتفاقية إذ ترى وفقاً للمبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة ويشكِّل الاعتراف بالكرامة المتأصلة لجميع أعضاء الأسرة البشـرية وبحقوقهم المتساوية وغير القابلة للتصـرُّف أساس الحرية والعدالة والسلم في العالم . لذلك العمل يتم وفق قانون الطفل للعام 2010م، لأنه يتضمَّن المبادئ التوجيهية الأربعة لاتفاقية حقوق الطفل الأفريقي كافة.
وماذا عن المواثيق والمعاهدات الدولية ومدى التزام الحكومة بها؟
إن الأمم المتحدة قد أعلنت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان أن للطفولة الحق في رعاية ومساعدة خاصتين باعتبار أن الأسرة هي الوحدة الأساسية للمجتمع والبيئة الطبيعية لنمو ورفاهية أفرادها، خاصة الأطفال
ولأغراض هذه الاتفاقية فيما يتعلَّق بجميع الإجراءات المتعلِّقة بالطفل سواءً قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة، أو المحاكم أو النيابات أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية يولي الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى .
هل يسمح للطفل سماع آرائه عند الإجراءات القضائية؟
نعم، يكون للطفل القادر على تكوين آرائه الخاصة حق التعبير بحرية وتولي آراء الطفل الاعتبار الواجب وفقاً لسن الطفل ونضجه، ولهذا الغرض تتاح للطفل فرصة الاستماع إليه من أي إجراءات قضائية وإدارية تمس الطفل.
كما تحترم الدول الأطراف من الاتفاقية حق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين، لا يجوز أن يُجرى أي تعرُّض تعسفي أو غير قانوني للطفل في حياته الخاصة أو أسرته.
ما هي أبرز المشاكل والتحديات التي تواجه النيابة؟
عند التحدُّث عن نيابة الطفل يتبادر إلى الذهن المنظومة العدلية للأطفال التي ذكرتها لك سابقاً لذلك
يجب توفير الحماية ويقصد بها إجراءات وتدابير المنع والاستجابة التي تتخذها الدولة والمنظومة العدلية للأطفال لتحقيق مصالح الطفل الفضلى، كما يجب إقامة محاكمة عادلة تقوم على مبدأ فصل السلطات وهو من المبادئ الدستورية العامة التي تهدف لتحقيق العدالة والمساواة أمام القانون والعدالة الصديقة للأطفال يقصد بها أنظمة العدالة المناسبة للعمر والتي تتسم بسـرعة الإجراء وتستند على حقوق واحتياجات الطفل .
وماذا عن الضمانات عند ارتكابه أي جريمة؟
كما أسلفت النيابة تطبِّق قانون الطفل لسنة 2010م، والذي ينص على عدم التمييز والمصلحة الفضلى والحق في المشاركة وتوفير الحماية اللازمة، وأن لكل طفل الحق في المعاملة الكريمة والرحيمة ووجوب احترام الضمانات القانونية والتأكد من إجراءات الضمانة الأساسية المضمنة في المعايير والقواعد الدولية في كل مراحل التحقيق والمحاكمة العادلة .
نعود للتحديات مرة أخرى؟
نعم، تتضمَّن التحديات -أيضاً- عامل مهم في أي سياسة لقضاء الأحداث أو أي سياسة للعدالة الصديقة للأطفال يجب على جميع مقدِّمي الخدمات أخذ كل الخطوات لتجنب أي آثار ضارة لتدخلاتهم، كما يجب احترام حقوق الإنسان في جميع الأوقات للأطفال الجانحين والضحايا والشهود المستندة على القوانين الدولية والإقليمية والوطنية، ويجب توفير خدمات الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني والصحي والتعليمى والأمني .
إذاً ما هي المبادئ التي تتبعها النيابة في مراحل المحاكمات سواءً أكان الطفل جاني أو مجني عليه؟
نعم، النيابة تتبع المبادئ والقواعد كافة في مرحلة ماقبل المحاكمة وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في قانون الطفل 2010م، كما أنها تسترشد بالمبادئ المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية لسنة 2019م، والاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المصادق عليها والسياسات والقرارات والموجهات العامة فيما يلي الطفولة .
ما هي أبرز الجرائم التي ترتكب ضد الأطفال؟
من صور الجرائم ضد الأطفال التحرُّش والاغتصاب، العنف ضد الأطفال جريمة، استغلال الأطفال، شغلت جرائم العنف ضد الأطفال المجتمع الدولي ككل نظراً لمسها بأسمى الحقوق التي يتمتع بها الفرد وهي الحق في الحياة والسلامة الجسدية والنفسية وخطورتها تتجسَّد في التعدي على أضعف شريحة في الإنسان وهو الطفل، ما يؤدي إلى أضرار وخيمة سواءً على المستوى الخاص للطفل ضحية العنف أو لأسرته.
وماذا عن آخر الإحصاءات لتلك الجرائم؟
هناك إحصائيات بالتأكيد، ولكن النائب العام يمنع التصريح بها، يمكن لوسائل الإعلام الحصول عليها عبر خطاب رسمي أو من قبل المنظمات، ولكن منذ الخامس والعشرين من أكتوبر، الماضي وحتى الخامس من مايو، لم يكن هناك أطفال بدور الانتظار.
ألا يعد ذلك عدم احترام لوسائل الإعلام وحقها في الحصول على المعلومات؟
تعترف الدول بالوظيفة العامة التي تؤديها وسائط الإعلام، عليه يجب تشجيع وسائط الإعلام على نشـر المعلومات والمواد ذات المنفعة الاجتماعية والثقافية للطفل.
إذاً حدثينا عن الآليات المستخدمة؟
وعلى المستوى العام من خلال الإخلال بالأمن والاستقرار العام للمجتمع نجد من أهم الآليات المتاحة لمواجهة هذه الجرائم الآليات القانونية في التجريم والعقاب مع ضرورة التطبيق الفعلي للإجراءات وكذلك تضافر كل عناصر المجتمع المدني لمكافحة جرائم العنف ضد الأطفال وحقوق الطفل مدرجة في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، واعتمدت هيئة الأمم المتحدة إعلان جنيف لسنة 1924م، لحقوق الطفل واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان الأمم المتحدة لحقوق الطفل في عام 1959م، الذي أعلن عن حق الطفل للحصول على متطلبات النمو الطبيعي وحق الطفل الجائع في الرضاعة وحق المريض في الرعاية الصحية وحق المتخلِّف في الاستصلاح وحق الأيتام في المأوى.
هناك جريمة بتر وتشوية الأعضاء التناسلية الأنثوية كيف تتعامل نيابة الطفل مع تلك القضية؟
هي شكل من أشكال جرائم الأطفال جريمة بتر وتشويه الأعضاء التناسلية، من أكثر العادات الضارة وانتهاك واضح لحقوق الطفل وهو من أسوأ أشكال العنف التي تقع على الأطفال، وقد ورد نص من المادة 141 القانون الجنائي لسنة 1991م، تعديل 2020م، جرم الفعل وأورد عقوبة عليه هي السجن مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، والغرامة، كما يجوز إغلاق المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة، وضع خارطة طريق لتفعيل المادة 141 من القانون وذلك من خلال المستويين المجتمعي والأجهزة العدلية. ويجب قراءتها مع المادة 21 من ذات القانون لتجرِّم كل من اتفق على الفعل
لإنفاذ المادة 141 من القانون الجنائي لسنة 1991م، تعديل 2020م، التركيز والعمل المشترك مع متعدي القانون تسهيل الوصول للأجهزة العدلية والتعرُّف على الحقوق والواجبات والمسؤوليات تجاه الطفلات المُعرَّضات لخطر بتر وتسوية الأعضاء التناسلية للأنثى في النظام القانوني الدولي والإقليمي والوطني وإجراءات الحماية والوصول للعدالة.
وماذا عن الزواج دون سن الثامنة عشرة وتضارب القانونين؟
هو -أيضاً- من الممارسات السالبة التي تقع على الأطفال، الزواج المبكِّر وهو الزواج قبل سن الثامنة عشر عاماً، ومازال يمارس في المناطق الريفية والحضرية ووسط الرحل وكذلك وسط المجموعات المستقرة في السودان .
هل هذا يدل على وجود مشكلة في قانون الأحوال الشخصية وقانون الطفل؟
نعم، قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لسنة 1991م، وكذلك قانون الطفل 2010م، لم يحدِّد السن الأدنى للزواج ولكن العرف يسمح بتزويج البنات دون سن 18 سنة، بموافقة أولياء الأمور ويشكِّل الزواج المبكِّر أو زواج الأطفال مصدر قلق اجتماعي وانتهاك لحقوق الأطفال، إذ أنه يحرمهم من حقوق الصحة والتعليم والحرية من الاختيار ويضيف التعرُّض للعنف والاستغلال .
ما هي خلاصة حديثك في تلك القضيتين؟
نلخص أن التشـريعات والقوانين الوطنية ذات الصلة بقضية زواج الأطفال تحتاج إلى إجراء بعض التعديلات حتى تتواءم مع قانون الطفل 2010م، بشأن تحديد السن الأدنى للزواج وهو ثمانية عشـر عاماً.
هل هناك معوِّقات تقف أمام الحد من تلك الظواهر؟
نعم، هنالك معوِّقات وتتمثل في الأعراف والتقاليد المجتمعية إلى جانب ضعف الأداء المؤسسي في متابعة خطط وإجراءات التعدي للممارسة وإشكالية التخطيط الاستراتيجي الخاص لبرامج التزامات المؤسسات الحكومية المنوط بها التعدي لمنع الظاهرة .
حدثينا عن تجنيد الأطفال وهل من قضايا على منضدة التحري؟
بموجب القوانين كافة لا يمكن إجبار الأطفال دون سن 15 سنة، على الذهاب إلى الجيش أو المشاركة في الحرب، كما لديه الحق في المساعدة إذا تعرَّض لإيذاء أو إهمال أو سوء المعاملة، وكذلك شمل إعلان حقوق الطفل الحقوق كافة ومنها الحق في الصحة والتعليم ومستوى المعيشة اللائق واللعب والاستجمام .
هل النظام القضائي يتعامل مع الطفل الجانح كما ينبغي؟
الطفل لديه الحق في المعاونة القانونية والمعاملة العادلة في أي نظام قضائي، كما تتطلَّب حقوقه الحماية حماية الأطفال من جميع أشكال سوء المعاملة والإهمال والاستغلال والرعاية الخاصة للأطفال اللاجئين والتعذيب والانتهاكات في نظام العدالة الجنائية والمشاركة في النزاعات المسلَّحة وعمالة الأطفال والحق في حرية التعبير عن الآراء.
هل انتهت كل تلك الأشكال بإصدار قانون الطفل؟
نعم، بإصدار قانون الطفل 2010م، والذي استرشد في أحكامه بالمبادئ والأحكام الواردة في دستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة 2005م، والاتفاقيات والبرتوكولات الدولية المصادق عليها، فقد نص على حقوق الطفل وحظر الأعمال كافة التي تؤدي للإضرار بالطفل، كما حظر تجنيد الأطفال وإلزام الجهات المختصة بالتسـرُّع والتأهيل وإعادة الدمج، وأورد نصها لرعاية ذوي الإعاقة.
أفرد القانون الفصل الحادي عشر للأجهزة العدلية والقضائية المختصة المتمثلة في وحدة حماية الأسرة والطفل والنيابة العامة ومحكمة الطفل كما نص القانون على إنشاء مكاتب للخدمة الاجتماعية بشرطة حماية الأسرة والطفل .
هل يمكن الإحالة خارج النظام القضائي؟
نعم، المُشـرِّع نص بأنه يجوز للمحكمة الإحالة خارج النظام القضائي.
نعود بسؤال التعامل مع الطفل الجانح؟
تعمل النيابة على تسليم الطفل الجانح إلى ذويه وإحالته خارج النظام القاضي، وفقاً للمادة (2/61) من قانون الطفل، مع دراسة الحالة وعقد جلسات إرشادية لتقويم السلوك.
بعيداً عن المواد القانونية والعمليات الإجرائية ماهو دور النيابة في التوعية؟
أكبر تحدٍ يواجه نيابات الأسرة والطفل هو التبليغ بقضايا الاغتصاب والتحرُّش وكذلك تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، لذلك درجت على إقامة ندوات ودورات توعوية للأسر داخل الأحياء والتعريف بأهمية شرطة ونيابة الطفل والتبصير بحقوق الطفل، ونحتاج إلى تضافر الجهود لمواصلة التوعية والإرشاد.
كلمة أخيرة؟
ولأهمية الطفل نواة لبناء مجتمع معافى يجب الوقوف على المشاكل والصعوبات والتحديات كافة، التي تجابه حياة الطفل ورعايته، عليه ينبغي أن تأخذ الأولوية والاهتمام الضروريين وفق الموارد المتاحة لتوفير حياة كريمة آمنة.