الخرطوم: الطيب محمد خير
قال المتحدث باسم الآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي الإيغاد محمد بلعيش: إن جهود الآلية مستمرة من أجل جمع الفرقاء كافة في البلاد على طاولة المشاورات، وفي ذات الحديث تطرَّق بلعيش، لمحاولة القفز لما بعد الحوار الذي أجَّلته لتعزيز التواصل بين الحرية والتغيير المجلس المركزي والمكوِّن العسكري، بقوله: إن العمل جارٍ من أجل إيجاد حكومة تسيير أمور البلاد، مضيفاً أن الآلية همها في الوقت الحالي إيجاد حكومة تسيير دولاب الدولة، لأن الوقت بدأ ينفد على حد تعبيره.
ويجئ حديث بلعيش، عن إيجاد حكومة لتسيير أمور البلاد في وقت يمضي فيه الحوار السوداني المباشر الذي دعت له الآلية الثلاثية ببطء لإنهاء حالة الفراغ السياسي، وغياب الحكومة التنفيذية، بسبب الأزمة السياسية التي استفحلت بين المكوِّن المدني والعسكري بعد حل حكومة حمدوك، وفرض حالة الطوارئ في 25 أكتوبر.
وكانت الجبهة الثورية تقدَّمت بذات المقترح إلى مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقي مولي في، خلال زيارتها الأخيرة للسودان لدعم العملية السياسية التي تيسِّرها الآلية الثلاثية، وجاء مقترح الجبهة بإنهاء الانقلاب بإعلان حل مؤسسات الحكومة القائمة وتكليف حكومة تصريف أعمال لتهيئة المناخ قبل إجراء الحوار المباشر الذي دعت إليه الآلية الثلاثية.
ويقول مراقبون: إن تلويح الآلية الثلاثية بتشكيل حكومة تصريف أعمال تمليه الضرورة من باب الاحتياط حال فشلت في جمع الفرقاء، قوى الحرية والتغيير والمكوِّن العسكري على صعيد توافقي واحد، فليس من المعقول القبول بالفراغ المطلق في السلطة وتقليص صلاحيات الحكومة وحصرها في نطاق ضيِّق والإضرار بمصلحة الدولة عبر تعطيل عمل المؤسسات في ظل سلسلة الأزمات الاقتصادية والمعيشية الضاغطة والسيولة الأمنية .
واعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين بروفيسور محمد حسن الساعوري، بأن حديث الآلية عن تكوين حكومة تصريف أعمال بأنه أنبوب اختبار أطلق لجس النبض والمزاج العام للشارع السياسي بإمكانية العودة لوضع الحكومة السابقة لقرارات 25 أكتوبر، التي كانت تديرها قوى الحرية والتغيير ويأتي هذا في وقت تجري فيه الآلية مشاوراتها واجتماعاتها لاستكمال عملية الحوار المباشر الذي أجَّلته لإلحاق قوى الحرية والتغيير. وأضاف بروفيسور الساعوري، لـ(الصيحة): وهذا يشير إلى أن الآلية وقوى الحرية والتغيير يعتزمان تغيير رأيهما من المضي في خط الحوار، وبدأت المناورة للتمهيد للمجئ بحكومة جديدة بديلة عن الحكومة الحالية التي هي نفسها حكومة تصريف أعمال، وهذا ماتريده قوى الحرية والتغيير التي ليس همها الحوار وتوسيع قاعدة المشاركة بقدر ما أنها مهتمة بأن يعاد تشكيل الحكومة على ذات ما كانت عليه قبل 25 أكتوبر.
وعن موقف المكوِّن العسكري من ناحية قبول ورفض هذا المقترح، قال بروفيسور الساعوري: إن المكوِّن العسكري يمكن أن يقبل بتعديل حكومة تصريف الأعمال الحالية بدخول وزير أو وزيرين من (قحت) لكنه لا أتوقع أن يقبل تمثيل لها أكثر من ذلك.
وقال المحلِّل السياسي د. عبدالرحمن أبو خريس لـ(الصيحة): إن الآلية الثلاثية واضح أنها وصلت لقناعة بأنها لايمكن أن تدير حواراً في ظل الصراع الدائر داخل المكوِّن المدني، وأن هي ذهبت في مسار الحوار الذي دعت له لن تكسب إلا المجموعات التي تداعت له، وهي مصنَّفة بأنها تتبع للعهد البائد، وبالتالي يمكن القول إن الآلية عجزت أن تدير حواراً شاملاً يجمع كل الفرقاء السودانيين، لذلك جاءت بهكذا مقترح لتشكيل هذه الحكومة وهذا يمكن اعتباره مقترحاً جديداً لحل الأزمة السودانية.
وأشار د. أبو خريس، إلى أن الآلية الآن أصبحت في مفترق طرق ما دفعها إلى أن تبحث عن بديل للحوار بأن تطرح حكومة ما أسمته بحكومة تصريف أعمال يديرها تكنوقراط، وهذا واحد من الخيارات المطروحة أصلاً، لكن الآلية تجاهلته وذهبت لإدارة حوار لجمع كل الأطراف وبعد أن فشلت عادت إليه، لأن الفترة المتبقية قصيرة ولا تتحمَّل أي تعطيل وهذا واضح من حديث الناطق باسم الآلية أن الوقت ينفد، بأنه اعتراف ضمني من قِبَل الآلية بأنها عجزت عن حل الأزمة السودانية عبر الحوار، وهي تقترح تشكيل حكومة هجين من (قحت) واحد واثنين.
وأكد أبو خريس، أن الحديث عن حكومة تصريف الأعمال مقترح جديد تطرحه الآلية الثلاثية لحل الأزمة السودانية بالقفز على الحوار وتجاوزه، وهذا يظهر من التقرير الذي قدَّمه رئيس البعثة الأممية بأن هناك تغييراً في تعامل الآلية مع الأزمة السودانية باللجوء لبدائل للحوار أكثر مقبولية وأقل من ناحية الكلفة الزمنية، وأتوقع أن يتم الاتجاه لمقترح هذه الحكومة، لأنه أقل كلفة كما ذكرت، فضلاً عن أنه يزيل الحرج الذي دخلت فيه الآلية أمام المجتمع الدولي بسبب عجزها عن إقامة الحوار الذي اقترحته.