نقر الأصابع
سراج الدين مصطفى
مظاليم قناة البلد
(1)
يحسب للشاعر الكبير هاشم صديق أنه أول من فجَّر قضية الحقوق، وكان موقفه الصارم ذاك عبارة عن إعلان ثورة مفاهيمية جديدة بدأت تجتاح كامل الحقل الإبداعي بكل تصنيفاته وتفرعاته المختلفة، وهاشم صديق حينما أوقف جميع أغنياته عند كل من تغنوا له (ما عدا أغنية واحدة) كان ذلك موقفا للتاريخ ضد كل أشكال الظلم وهضم الحقوق، ولعل روح هاشم صديق المتمرِّدة دفعته لاتخاذ ذلك الموقف التاريخي، وهو في الأصل شاعر له مواقفه الصارمة ورغم أنه دفع ثمن ذلك الموقف علي المستوى الشخصي ولكنه في ذات الوقت فتح الأبواب مشرعة لجميع المبدعين ليثوروا على جميع الأجهزة الأعلامية ضد الظلم وهضم الحقوق.
(2)
استدعيت موقف هاشم صديق وأنا أتابع المؤتمر الصحفي الذي أقيم بدار الخرطوم جنوب للغناء والموسيقى حول مظلمة بعض المبدعين ضد قناة البلد (الهلال سابقاً) ومن قبلها تكوين قروب على تطبيق واتساب باسم (مظاليم قناة البلد) ويضم القروب ثلة من المبدعين بمختلف تصنيفاتهم من شعراء وملحنين وموسيقيين وفنانين، كلهم تعرَّضوا للظلم من قناة البلد بحسب عرض بعض النماذج التي قدَّمت في المؤتمر الصحفي الذي تصدره الموسيقار يوسف الموصلي والشاعر الشاب حسين أبوكروك، والملاحظ في المؤتمر غياب شبه كامل لأعضاء قروب مظاليم قناة البلد لأسباب مختلفة وبعضهم اكتفى بتسجيلات صوتية عرضت في المؤتمر الصحفي، تلك الغيابات أضعفت القضية والمؤتمر.
(3)
ولعل هذا المؤتمر يؤشر بوضوح على غياب النهج الاحترافي في التعامل والتعاون ما بين المبدعين والأجهزة الإعلامية وسيادة قانون الإخوانيات والعلاقات الاجتماعية وذلك ما يقود للهمجية والعشوائية وغياب التعامل القانوني والاحترافي في ظل غياب العقودات القانونية التي تحكم التعاون الإبداعي في مثل هكذا ظروف، فمن يترك حقوقه في البداية سيدفع الثمن في النهاية، وكل ذلك لا يبرر الظلم من قناة البلد تحديداً وتققصير إدارتها في الإيفاء بالحقوق المادية والأدبية وشخصياً كنت شاهداً على جزء كبير من تلك المظالم وأعرف أدق تفاصيلها.
(4)
ولكن هناك تفريط مشترك وتساهل قاد لهذه العلاقة الشائه ما بين المبدعين وقناة البلد، وذلك بتقديري يرتب لتكوين سمعة سيئة للقناة وصورتها أمام الجميع، وهضم حقوق الناس له مالآت سالبة على استمرارية القناة وقدرتها على خلق شراكات إبداعية تحتاجها القناة لتقديم محتوي برامجي جاذب يكفل لها الاستمرارية في هذا الفضاء التنافسي الشاسع، ولكن مثل هذه القضايا لا تعالج بالطبطبة ويجب أن تحكمها قواعد القانون وعلى قناة البلد الاستماع لتلك المظالم بدون (ركوب راس) لأن التسوية ممكنة حالياً حتى ترفع الظلم عن أولئك المبدعين، رغم أن هناك بعض المظالم هشة وبعضها في منتهي القوة القانونية .