إريتريا.. أجندة غامضة وإصرار على الوساطة
الخرطوم: الطيب محمد خير
رفض السودان الوساطة التي طرحتها إريتريا بين الفرقاء السودانيين لحل الأزمة السياسية للمرة الرابعة، وأخطر رئيس المجلس السيادي الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، الوفد الأريتري رفض السودان وساطة أريتريا باعتبارها غير محايدة في النزاع الحدودي الناشب بين أثيوبيا والسودان وتدعم فيه أريتريا الجانب الإثيوبي، وتقدِّم دعماً لوجستياً لقومية الأمهرا على الحدود السودانية.
وأعلن رئيس المجلس السيادي الانتقالي الفريق البرهان رفضه للوساطة بين فرقاء السودان التي تصر عليها أريتريا رغم تحفظ الخرطوم، ورفض الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أبلغت مساعدة وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية مولي في، خلال زيارتها الأخيرة في يونيو الجاري، رفضها جهود أريتريا المستقلة لحل الأزمة بين الفرقاء السودانيين و حسب موقع الشرق الإخباري، أن المسؤولة الأمريكية مولي، أكدت عدم دعمها لأي اجتماعات منفصلة قد تعقد مستقبلاً في أسمرا لحل الأزمة السودانية، واللافت أن تحفظ الخرطوم ورفض واشنطن لم يثنِ أريتريا التي تصر على قبول وساطتها بين فرقاء السودان، وظلت تكرر طلبها من خلال الرسائل التي ظل يبعث بها الرئيس أسياسي أفورقي للبرهان وبلغت أربع رسائل، خطية في غضون شهرين.
الأزمة السودانية
يرى مراقبون أن السودان يريد أن ينأ بخلافاته عن أريتريا دون الدخول في حلقة جديدة تأزم العلاقات بين البلدين التي شهدتها فترة الإنقاذ إذ احتضنت أريتريا المعارضة السودانية ممثلة في التجمع الوطني الديموقراطي والحركة الشعبية حتى توقيع اتفاق سلام نيفاشا رغم هذا أصرت أريتريا على لعب دور في سلام السودان إذ احتفظت بورقة اتفاق الشرق رغم أن القاهرة سحبت منها ورقة اتفاق الفصائل السياسية المعارضة في مقدِّمتها الحزب الاتحادي الديموقراطي وحلفائه واكتفت أسمرا باستضافة اتفاق الشرق، لكن السؤال الآن ما الدور الذي تبحث عنه أريتريا وسط ركام الأزمة السودانية التي استعصت على الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والإيقاد والوفود الأمريكية التي تهبط الخرطوم بعدل أكثر من وفد شهرياً؟
تسجيل انتصار
يرى السفير د. الرشيد أبو شامة، في حديثه لـ(الصيحة) أن الإصرار على لعب دور في حل الأزمة السودانية فقط طموحات شخصية من الرئيس الأريتري أسياسي أفورقي، يريد من خلال ذلك أن يسجل له موقف مشابه لموقف الرئيس الأثيوبي أبي أحمد، عندما توسَّط بين ذات الفرقاء في بداية انتصار الثورة ونجح في طي الخلافات، ذات الشيء أفورقي يريد أن يسجل له انتصار ويؤكد للعالم إنه مؤثر في ميحطه الإقليمي، ولكن موقف أريتريا من النزاع الحدودي بين السودان وأثيوبيا هي ليست محايدة وتميل ناحية أثيوبيا، بل ضالعة في دعمها كما صرَّح البرهان بذلك للوفد الأريتري بأن بلادهم غير محايدة.
وأشار د. أبو شامة، إلى أن تجنب الحكومة السودانية قبول الوساطة الأريترية موقف سليم، وخاصة أن إصرارها لطموحات شخصية من الرئيس أفورقي لتلبية وبالتالي واضح أن الأمريكان لا يريدون تدخل الجانب الأريتري لأنه مخرِّب ومضر أكثر من أنه يمكن أن يصلح .
شعرة معاوية
من جانبه أكد الخبير الدبلوماسي السفير الطريفي كرمنو لـ(الصيحة)، إنه لم يعد وجود أي تأثير لأريتريا في السودان منذ أن انتهت الحركات المسلحة والجماعات المعارضة من القوى السياسية التي كانت تأويها على أيام معارضتها للنظام البائد فبمجرَّد توقيع اتفاق سلام نيفاشا والقاهرة في عام (2005م) لم يعد لأريتريا أي دور تلعبه في السودان، فقط إنها دولة جوار يعمل السودان لحفظ شعرة معاوية التي بينه وبينها.
وأضاف السفير كرمنو: لم يعد السودان يعوِّل على فائدة من أريتريا تعود عليه أو لديها ماتقدِّمه لحل الأزمة السودانية وبالتالي أرى مغازلة أريتريا ضياع وقت وهى لا تملك مفاتيح حل الأزمة في ظل وجود لعيبة كبار في مسرحها مثل بعثة الأمم المتحدة ورئيسها فولكر والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيقاد حتى الأمريكان جميعهم لم يقدِّموا حلاً للأزمة السودانية وطي الخلاف بين الفرقاء، هل يمكن أن تنجح أريتريا فيما عجز عنه هؤلاء بكل ثقلهم؟ وهي دولة ليست ذات ثقل سياسي ولا عسكري ولا اقتصادي، فمثلاً وضع دولة جنوب السودان أفضل بكثير من وضع أريتريا.